المصدر: الراي الكويتية

The official website of the Kataeb Party leader
الثلاثاء 20 أيلول 2022 01:20:02
فيما كان العالمُ مشدوداً إلى مَراسم الوداع المَلَكي لاليزابيث الثانية، بدا لبنان وكأنه «يشدّ الأحزمةَ» والأعصابَ وهو يُسابِق مراسيمَ حكومة جديدة قد تبصر النورَ خلال أيام وربما لن تولد أبداً، و«موسم» اضطراباتٍ اجتماعية - أمنية تشي بأن تطبعَ فترة شغورٍ رئاسي يطل برأسه ابتداءً من 1 نوفمبر المقبل، وملف ترسيمٍ بحري (مع اسرائيل) يراوح على حافةِ حربٍ لا يريدها أحد وتملأ التهديدات بها «الشوطَ الأخير» من مفاوضاتٍ شائكة يتم تدويرُ آخِر زواياها وخطوطها.
وفي حين شارك لبنان في الجنازة المهيبة للملكة اليزابيث الثانية ممثَّلاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي غادر لندن إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن المَشهد في بيروت تقاسَمْته رياحُ تفاؤلٍ يُخشى أن يكون «مصطَنعاً» في ملف تأليف الحكومة الجديدة، وتسخينٌ مستمرّ للميدان الشعبي تحت وطأة مناطحة الدولار 39 ألف ليرة في السوق الموازية، وهو مستوى غير مسبوق منذ بدء الانهيار المالي، مستفيداً من إقفال المصارف حتى الخميس احتجاجاً على «ثورة المودعين» التي استجرّت أمس توتراتٍ أمام قصر العدل في بيروت وفي أحياء من العاصمة ومناطق شمالية شهدت قطع طرق على خلفية استمرار توقيف شخصين شاركا مع سالي حافظ في اقتحام أحد فروع «بلوم بنك» الأربعاء الماضي وتحصيل جزء من وديعتها بالقوة.
وفي الملف الحكومي، سادتْ أجواء بأن رقعةَ الخلافات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف ميقاتي ضاقت كثيراً، بعدما تَنازَلَ الأوّل عن توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً وإضافة 6 أسماء من السياسيين إليها يكونون بمثابة وزراء «الصف الأول» على مقاعد الشغور الرئاسي وإدارته، فيما تَراجَعَ الثاني عن تبديل وزير الطاقة، ليقتصر التعديلُ في حكومة الـ 24 الحالية على وزير المهجرين بسبب خلاف بات شخصياً مع ميقاتي، ووزير المال بفعل تحبيذ الوزير يوسف خليل الانكفاء، ليبقى موضوع وزير الاقتصاد أمين سلام متروكاً لربع الساعة الأخير.
وفيما ذهبت تقارير للحديث عن مواعيد للولادة الحكومية بعد عودة ميقاتي من نيويورك وربما قبل 26 الجاري أو نهاية الشهر، فإن أوساطاً مطلعة أبقتْ على حَذَر كبير بإزاء هذا التفاؤل، أولاً ربْطاً بتجارب سابقة أظهرتْ أن «أجراس إنذار خاطئة» عدة قُرعت قبل حلول «ساعة الإنفراج» الحقيقي، وثانياً لأنه لو كانت «الأمور منتهية» لكان عاد الرئيس المكلف من لندن إلى بيروت وأُعلنت الحكومة «المُجَدَّدة» قطْعاً للطريق على أيّ عوامل سلبية مفاجئة، وثالثاً لأنّ مسألتين «كامنتيْن» يمكن أن تشكلا عوائق في طريق التشكيل بحال كان الأفرقاء المعنيون يَمْضون في تقاذُف الكرات والمسؤولية عن تعطيل هذا الملف الذي يُخاض في مختلف السيناريوات الممكنة له بحسابات الشغور الرئاسي وسُبل تعزيز الأوراق خلاله.
المسألة الأولى أن طرْح اسم الوزير النائب السابق ياسين جابر وزيراً للمال (من الرئيس نبيه بري) يمكن أن يشكّل في ذاته لغماً باعتبار أن الأخير لا يشبه بروفايل الوزراء الذين تتألف منهم حكومة تصريف الأعمال الحالية، وهم من الاختصاصيين الذين يحظون بغطاء سياسي والموزّعين وفق «كوتا» سياسية - حزبية، إذ يُعتبر جابر صاحب تاريخ نيابي ووزاري في كنف بري وهو ما شأنه أن يطرح مجدداً قضية «وحدة المعايير».
والمسألة الثانية مَن سيسمّي البديليْن عن وزير المهجرين عصام شرف الدين (درزي) والاقتصاد أمين سلام (السني) بحال رست الأمور على استبدال الأخير، وسط تقارير (صحيفة الأخبار) نقلت عن قريبين من عون أنه «هو مَن يختار أي اسم لبديل عن أي من الوزيرين بحال تقرّر تغييرهما، وأن موقف عون لا يخضع لأيّ نوع من الحسابات الجانبية، بما في ذلك الوقوف على خاطر مرجعيات معنية»، في إشارة إلى رغبة ميقاتي في تفادي اختيار وزير درزي يُشكّل استفزازاً لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وتحبيذه انتقاء وزير سني من كتلة عكار لضمان نيل الحكومة الثقة ومراعاةً لنتائج الانتخابات النيابية.
وكان بارزاً أن موقع «لبنان 24» اعتبر أن «الصخب الاعلامي» في ما خص الملف الحكومي «لا يعكس بدقةٍ حقيقةَ ما يجري»، متوقّفة عند تَعَمُّد «مصادر معروفة» إرسال اشارات غير مُطَمْئنة، فبعد التسريب قبل يومين «ان عون لم يتخل عن أيّ من شروطه»، تم التسريب أمس «أنه هو مَنْ يختار أي اسم لبديل عن أيّ من الوزيرين في حال تقرَّر تغييرهما (...)».