إيران تعوّض خساراتها في الإقليم بالتسلّح... هل تواجه ضربة إسرائيلية؟

بعد تبدّل موازين القوى في الشرق الأوسط وخسارة إيران قدرات فصائلها المسلّحة في غزّة ولبنان وسوريا التي كانت تعتمد عليها لحفظ أمنها القومي ومداها الحيوي، يبدو أن النظام الإيراني أعاد تركيز جهوده على قدرات الحرس الثوري العسكرية والصاروخية، كقوّة دفاعية تواكب تحدّيات المرحلة المقبلة التي يبدو أنها ستكون دقيقة وصعبة.

استبقت إيران تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعروض عسكرية ومناورات استثنائية، وتستبق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض بالإعلان عن صواريخ بالستية جديدة (اعتماد) يتخطّى مداها الـ1700 كيلومتر، علماً أن الملف النووي الإيراني الذي كشفت المعارضة الإيرانية معلومات جديدة سرّية عنه سيكون حاضراً في لقاء ترامب – نتنياهو.

جديد التحرّكات الإيرانية النووية كشفها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تحدّث عن "مواقع سرّية"، وهي منشأة تحت الأرض في منطقة سقز مجهّزة بأجهزة طرد مركزي متطورة تتمتع بقدرة أعلى على تخصيب اليورانيوم مقارنة بالأجهزة القديمة، موقع في أبردة قرب مدينة شيراز لاختبار الوقود النووي وموقع في "سرخة حصار"، حيث يتم تطوير أنظمة التفجير الضرورية لتصنيع سلاح نووي.

ويشكّك مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان بصحة تقارير المعارضة الإيرانية، خاصة وأن "إفادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكّدت أنها لا تمتلك معلومات عن عسكرة البرنامج النووي الإيراني".

وفي حديث لـ"النهار"، يقول إن المعارضة الإيرانية "تستند إلى معلومات استخباراتية إسرائيلية وأميركية، لكن هذه المعلومات ثبت زيفها سابقاً".

وبالنسبة للترسانة الصاروخية، فإن صدقيان يشير إلى أن إيران تطوّر منظومتها الصاروخية بناء على التحديات والاحتياجات، كونها تندرج ضمن القدرات الدفاعية الإيرانية إلى جانب ترسانة المسيّرات، ومن غير المتوقع أن تتوقف طهران أو تعدل عن هذا المسار لأن هذه القدرات (أي الصواريخ والمسيّرات) هي "الإمكانيات الدفاعية الوحيدة".

ويزيد النشاط النووي المتصاعد في إيران من احتمالات شن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة ضربات تستهدف مواقع تخصيب وإنتاج اليورانيوم، وذلك يتناسب مع تصريحات نتنياهو الأخيرة التي شدّدت على "تغيير الشرق الأوسط" ومواجهة مشروع إيران النووي ومنع طهران من امتلاك السلاح، وتحرّكات إسرائيل في السنوات الأخيرة التي استهدفت البرنامج.

وقد تستغل إسرائيل هذه التقارير لحشد تأييد إقليمي ودولي ومنح شرعية سياسية وعسكرية لأي ضربة محتملة ضد برنامج إيران النووي. وبرأي صدقيان، فإن تل ابيب "قد توظّف هذه المعلومات لزيادة الشكوك المرتبطة بنشاط إيران النووي"، لكن هذا لا يعني بالضرورة توجيه ضربة عسكرية، وباعتقاده "لو كانت إسرائيل قادرة على استهداف مفاعل إيران النووي لما تأخرت".

لكن في هذا السياق، فإن إسرائيل وجّهت ضربات تحذيرية لإيران قبل أشهر قليلة استهدفت خلالها دفاعات جوية في محيط مواقع مرتبطة بتخصيب اليورانيوم، في إشارة إلى أنها "عرّت" هذه المراكز وباتت قادرة على ضربها، ويكاد نتنياهو يهدّد إيران ويؤكّد عمله لتدمير برنامجها النووي في كل خطاب يدلي به، ما يزيد من احتمالات توجيه ضربات.

في المحصّلة، فإن ملك إيران على طاولة الشطرنج خسر جنوداً ومعاونين، ومن المرتقب أن يتحوّل تركيز الاستثمار العسكري على القدرات الإيرانية والانتقال من خطّة "الهجوم أفضل وسيلة للدفاع" التي كانت تقوم على الفصائل المسلّحة إلى سياسة الركون إلى الإمكانيات الذاتية والاستناد إلى القدرات المحلية، وقد نرى تطويراً متقدماً في مجالات أمنية ودفاعية كثيرة في المرحلة المقبلة.