المصدر: النهار
الكاتب: علي حمادة
الخميس 9 كانون الثاني 2025 06:53:41
بدأ غبار حرب عملية "طوفان الأقصى" يتبدد قليلا، والمشهد في الشرق يتضح مع انهيار مشروع إيران في كل من غزة ولبنان وسوريا، واهتزازه بشدة في العراق واليمن. الخسارة في ثلاث ساحات من أصل خمس واضحة المعالم وراسخة. فبعد ٤٠ عاما من الاستثمار في التوسع ومحاولة تدمير الكيانات العربية المجاورة لإيران، ثمة انقلاب جذري في المشهد أحدثته حرب غزة التي أدت من حيث كان يحيى السنوار يدري أو لا يدري إلى تحطيم مشروع إقليمي عسكري، أمني، إيديولوجي ومذهبي، أسهم في تدمير كيانات عربية وإغراقها في حروب أهلية. لذلك ثمة من يقول في أوساط شعبية عربية "شكرا يحيى السنوار" لأنك بمغامرتك في ٧تشرين الأول (أكتوبر) فتحت الباب أمام إمكان تدمير المشروع الإيراني الإقليمي الذي يتجاوز في خطورته أي مشروع إقليمي أو دولي آخر يستهدف منطقة الشرق الأوسط.
انتهت حرب لبنان بانهيار نظام الأسد في سوريا وكشف إيران في شكل كبير، وأظهرت نقاط ضعف مهولة أصابت البناء المؤسساتي الأمني والعسكري، وحتى التقريري.
وإذا كان العديد من المراقبين المتابعين للوضع الإيراني يعتبرون أن بداية السقوط كانت يوم قامت الولايات المتحدة في مطلع ٢٠٢٠ باغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني في مطار بغداد، فإن البعض الآخر يعتبر أن بداية الانهيار كانت في أيار ٢٠٢٤ يوم سقطت المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني السابق إبرهيم رئيسي وهو عائد من منطقة حدودية مع أذربيجان. وثمة تقديرات أن إسرائيل هي التي اغتالت رئيسي ردا على الهجوم الإيراني الأول عليها في نيسان ٢٠٢٤ انتقاما لمجزرة القنصلية الإيرانية في دمشق التي أودت بحياة مجموعة من أكبر ضباط الحرس الثوري الإيراني في سوريا. وثمة من يربط الانهيار مباشرة بمجزرة "البيجر" التي أدت إلى ضرب المستوى اللوجيستي لـ"حزب الله"، وآخرون يعتبرون اغتيال الأمين العام السابق للحزب المذكور السيد حسن نصرالله لحظة الذروة في تحطيم المشروع الإيراني في المنطقة.
أياً يكن الأمر، فإن المشروع التوسعي الإيراني بات محاصرا، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار العقيدة الإيرانية التي تقول إن الخروج من غزة، وبيروت، ثم من دمشق وصنعاء (وربما من بغداد) هو المقدمة الطبيعية للخروج من طهران نفسها. النظام في إيران عصي على التحول إلى نظام طبيعي بمؤسسات دولة حقيقية. وكان سقط مشروع تصدير الثورة (الوحدة العربية) التي حملها الرئيس الراحل عبد الناصر في الستينيات والسبعينيات، فيما المنطقة مشرفة على اختبار سقوط مشروع تصدير الثورة التي أسس لها الإمام الخميني وجعلها الأداة الأساسية لحماية النظام وبقائه. وقد يكون التعجيل المحموم في البرنامج النووي العسكري بهدف إنتاج القنبلة النووية الأولى هو السياج الأخير الذي يحاول المرشد علي خامنئي توريثه لمن سيأتي بعده. لكن دون هذا الإرث يد الولايات المتحدة وحلف "الناتو" وإسرائيل الطولى!