المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الخميس 11 كانون الثاني 2024 17:03:39
بين التهديد والوعيد بتوسع رقعة الحرب ليتحول الطوفان من غزة إلى الجنوب اللبناني، وبين الواقع العسكري على الأرض الذي يؤشر إلى أن المعارك ستبقى محصورة في المكان الجغرافي والزمان وبغض النظرعن كل التحذيرات التي ينقلها الديبلوماسيون في حراكهم المستمر إلى لبنان، يراوح الكلام والإستعدادات للحرب المقبلة. والسؤال الذي يطرح: على أي خط ارتجاجي سيقف اللبنانيون عموما وأبناء الشريط الحدودي خصوصا؟
في مواقف الديبلوماسيين الأوروبيين كلام اليوم يكشف عن " خشية كبيرة من احتمالات التصعيد الكبير المتزايدة على الحدود الجنوبية، واكدوا ان لديهم من الاسباب ما يجعلهم يشكّكون، ليس فقط بنجاح اي حل سياسي تشوبه التباسات، بل بنجاح أي حل سياسي في هذه الفترة، خصوصاً انّ "حزب الله" أبلغ الموفدين الاوروبيين، ومن بينهم فرنسيون وممثل الاتحاد الاوروبي، انه يرفض البحث في اي ترتيبات او اي آليات أو اي تفصيل مرتبط بمنطقة الحدود بين لبنان قبل وقف اطلاق النار في غزة".
هذا الخوف الذي أعرب عنه ديبلوماسيون أوروبيون أمام اعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ليس بجديد لكنه يحمل في طياته احتمال أن يكون لمجرد رفع السقف للحصول على الضمانات المطلوبة.
"ما يحصل اليوم في غزة والجنوب اللبناني يدخل ضمن حلقة مترابطة. يقول مستشار الإتحاد الأوروبي في قطر ودول الخليج والمحلل الجيو سياسي الدكتور جورج أبو صعب، ويعود إلى الوراء في إشارة إلى عمليات تصفية المتطرفين سواء لدى حركة حماس أو التطرف اليميني المتمثل برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومة اليمين. والأكيد أن الخاسر في هذه الحرب هو خاسر، والرابح خاسر".
على مستوى الحراك الديبلوماسي والتحذيرات من توسع رقعة الحرب، يلفت أبو صعب إلى أن المجهود الديبلوماسي يتركزاليوم على إبقاء التوتر محصورا ليس ضمن قواعد الإشتباك التي لم تعد موجودة إنما ضمن منطقة جغرافية محددة على طول الشريط الحدودي بما أنه من المتعذر تطبيق القرار 1701".
حراك حزب الله في الجنوب ليس بقرار من أمين عام الحزب حسن نصرالله إنما من إيران مباشرة، وهذا الأمر بات متفقا عليه وغير قابل للنقاش سواء اعترف بذلك نصرالله أم لا . ويكشف أبوصعب عن كلمة السر التي أرسلتها إيران إلى وكلائها في المنطقة بدءا من حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي وبشار الأسد وفي مضمونها أن إيران لا تريد فتح جبهة حرب مباشرة مع الولايات المتحدة وتركت لوكلائها في المنطقة القيام بما تراه مناسبا من عمليات عسكرية معينة شرط ان تبقى محدودة ومحددة في الزمان والمكان من دون الإتكال على الدعم الإيراني .
لكن هذا القرار ليس بالمجان. فإيران وفق أبو صعب تترقب الإنتخابات الأميركية فإذا فاز الديمقراطيون هناك أثمان ستدفع وسينتقل الوضع إلى مباحثات فوق الطاولة مع ترسيم خارطة المنطقة .أما في حال فوز الجمهوريين فستكون هناك عملية إعادة خلط كبيرة للأوراق في المنطقة بدءا من إحياء صفقة القرن التي بدأ بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصولا إلى عملية السلام. بالتوازي إيران التي باعت حماس وقبضت الثمن إلا أنها غير مستعدة للتفريط بباقي وكلائها وتحديدا حزب الله الذي توسع دوره إقليميا وبدأ يدرب الحوثيين والحشد الشعبي.
هل يعني ذلك ان لبنان والمنطقة أبعد ما يكون عن الحرب؟ "نحن في دائرة المرحلة الإنتقالية والخطر فيها كبير جدا إذ يمكن في لحظة ما، وبخطأ حسابي ما من إسرائيل أو وكلاء إيران أن تنزلق الأمور إلى ما هو أخطر من الخطوط المرسومة وهذا ما يفسر إلى حدما زيارات وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن المكوكية إلى المنطقة لأن الهاجس الأكبر لدى الولايات المتحدة هو عدم توسع رقعة الحرب لا وقفها وبالتالي تسديد أثمان هي في غنى عنها. أما على مستوى الداخل اللبناني فهاجس الديبلوماسية الأوروبية عبر فرنسا هو إبقاء رقعة المعارك ضمن حدود منطقة جغرافية محددة إن لم يكن إنهاؤها".
إن كان الوضع غير مرشح إلى التصعيد العسكري على المستوى الدراماتيكي "إلا أن احتمالية الإنزلاق واردة لأن الأرض غير مضبوطة سواء من قبل إسرائيل او وكلاء إيران" يختم أبوصعب.