اتفاقية الفيول العراقي ... هل من تقصير نيابي وحكومي أم خلافات ونكايات سياسية؟

أضحت قضيّة الكهرباء والفيول وكل ما يرتبط بهذه المسألة، كقصة إبريق الزيت تدور في حلقة مفرغة، وسط تجاذبات سياسية واقتصادية ومالية وسوى ذلك من حرب ضروس حول هذه القضية، وبمعظمها تأتي على خلفية الكيديات السياسية والانتقامات والخلافات وما بينهما من رشى وفساد وسوى ذلك، فيما العتمة ما زالت مستمرة، لا بل ثمة من يشير الى أن لبنان مقبل على انقطاع تام للكهرباء إن لم يصل الفيول بعد تجارب مريرة لم تؤدّ إلى النتائج المتوخاة.

فدولة الكويت على سبيل المثال، أعلنت رغبتها في مد لبنان بالكهرباء مجاناً لسنوات طويلة، لكن لم يؤخذ هذا الأمر على محمل الجدّ من المسؤولين المعنيين وصولاً إلى الجزائر وقطر وغيرهما الكثير، إلى أن جاء دور العراق الذي مدّ يد العون والمساعدة للبنان من أجل إنقاذه من الظلمة التي غرق فيها لأشهر طويلة، وقبلها لسنوات وسنوات. إلا أن هذه المسألة لم تسلك طريقها، البعض يقول إن الاتفاقية المذكورة لن تمر في مجلس النواب دون معرفة الأسباب الآيلة والهادفة ولماذا تُعطّل، وصولاً إلى كل الاتفاقات المبرمة بين البلدين، ولا سيما حول تسديد الدفعات المالية المستحقة في مواعيدها، ولا حتى بعد أشهر من التأخير غير المبرر، ما يعني أن ما يجري بين وزارة الطاقة مع العراق وقبله الجزائر إلى دول أخرى، يطرح السؤال: الكهرباء إلى أين؟ فهذا القطاع لن يخصخص ولم تحلّ الأزمة، ما يحدث اليوم بواخر ومعامل وصولاً إلى أن هناك دولة كهرباء، باتت لدى الناس وفي منازلهم من خلال أصحاب الطاقة الشمسية إلى أصحاب المولدات، فماذا يحصل في هذا المجال؟

في السياق، ما يثير القلق والمخاوف هو إعلان مؤسسة كهرباء لبنان عن خروج معمل دير عمار عن الخدمة، إضافة إلى مجموعة معمل الزهراني، قبل أن ينطفئ هو الآخر كلياً، وأن أولوية التغذية بالتيار للمرافق الحيوية الأساسية في لبنان التي باتت في خبر كان، إن لم تتحرك الأجهزة المعنية لتدارك هذا الأمر الخطير، خصوصاً أننا مع بداية انطلاق موسم الصيف، مما "سيهشل" المغتربين اللبنانيين، ومن جاء من سيّاح من دول صديقة وشقيقة، ما يعني أن الموسم على "كف عفريت" كهربائياً إن لم يؤمن التيار، ما يذكّر بموضوع النفايات التي تراكمت منذ سنوات حيث أدت حينها إلى ضرب الموسم السياحي.

مصادر مواكبة ومتابعة لما يجري لهذه القضية تؤكد لـــ"النهار"، بداية أن السبب الأساسي هو غضب العراقيين من عدم دفع الدولة اللبنانية مستحقاتها للعراق التي تقدر بنصف مليون دولار، فيما الفواتير تسدد نقداً لمستحقات بواخر الكهرباء، وسط تساؤلات من العراقيين، لماذا لا تدفعون لنا أموالنا وللغير يتم التسديد في الوقت المحدد؟ ولا تشترون الفيول من أسواقنا، بل من غيرنا، ما ترك استياءً كبيراً لدى بغداد حول تلك المسألة، فيما مصرف لبنان لم يعد بمقدوره أن يموّل قطاع الكهرباء وفصل السياسة المالية عن النقدية، بعدما تكلف هذا المصرف حوالي 40% لمستحقات قطاع الكهرباء. لذا هذه هي العناوين الأساسية لما يحصل، دون إغفال سياسة النكايات والخلافات داخل الكتل النيابية وبين الأفرقاء السياسيين حول موضوع الكهرباء، الذي بدوره أصبح ملفاً للمساجلات السياسية، وهذا ما شكل إفلاساً للخزينة إلى سواه من الهدر والسرقات والسمسرات في قطاعات أخرى.

عضو كتلة الجمهورية القوية النائب أنطوان حبشي قال لـــ"النهار": المسألة ليست موضوع اتفاقية مع العراق أو سواه، وإن كانت هناك اتفاقية أو عقد في الموضوع، لكن ما قامت به مؤسسة كهرباء لبنان يثير التساؤلات، قيل إن الجباية والتغذية تحسنت وعندها سننهي موضوع سلف الخزينة ولا نكلف الدولة وخزينتها أعباءً إضافية، مع الإشارة إلى أن سلف الخزينة تُدفع من أموال المودعين، والناس الذين فقدوا جنى العمر، لكن بصراحة تامة ما يجري اليوم والتخويف والتهويل بالعتمة موضع تساؤل ماذا تفعل وزارة الطاقة، حيث السلف تحصل عليها بانتظام، وبالتالي هم من قالوا لا نريد بعد اليوم سلفاً، وذلك هروب إلى سلف إضافية، فرُفع رسم جديد على ساعة الكهرباء، والجباية ارتفعت بشكل لافت، ما ترك استياءً عند الناس بعد رفع هذا السقف والرسوم، فلماذا يطلبون سلفاً من جديد من خلال الاتفاقية مع العراق أو سواه؟

ويخلص النائب حبشي بالقول: بعدما تحسن موضوع التغذية كما قالوا، وارتفاع الرسوم وتحميل المواطنين الأعباء، وهم من قالوا أي وزارة الطاقة، إنه تباعاً لم نعد بحاجة إلى سلفة خزينة لاستيراد الفيول، بل نحن نؤمن الاستدامة، وهذه آخر مرة نطلب سلفة من أجل شراء الفيول، لكن كل ذلك لم يحصل، وهو ضحك على الذقون والناس الذين يدفعون الثمن، هذا كل ما يحصل على مستوى الاتفاقية مع العراق، أو ما يتعلق بقطاع الكهرباء، لأن كل سلف الخزينة، يختم حبشي بالقول، وصلت إلى أربعين مليون دولار والآن يبشروننا بأن العتمة شاملة.