اتفاق الغاز بين لبنان واسرائيل.. هل من ثغرة قانونية تسمح بإلغائه؟

 أواخر عام 2022، وقع لبنان وإسرائيل على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت لمدة عامين بوساطة أميركية، إلا ان اسرائيل تبدو تبحث عن سبيل للتراجع عن الاتفاق، حيث قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين منذ فترة: "أبحث عن طريقة أو ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز الفاضح الذي تم توقيعه مع لبنان"، معتبراً أن الاتفاق  الذي وقعته إسرائيل مع لبنان، في ظل حكومة التغيير التي تناوب على رئاستها نفتالي بينيت ويائير لبيد، "كان خطأ منذ البداية" مضيفا: "سنحرص على إصلاحه". فهل هناك ثغرات واخطاء في الاتفاق؟ هل عُرض على مجلس النواب للمصادقة عليه؟ هل من ضرورة للتصديق عليه في مجلس النواب؟ وهل يمكن الطعن في القرار؟

المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبور يقول لـ"المركزية": يفهم من نص ‏المادة ٥٦ من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام ١٩٦٩، بعنوان "نقض المعاهدة أو الانسحاب منها"، ما يلي:

"١- ‏لا تكون المعاهدة التي لا تحتوي على نص بشأن انقضائها أو نقضها أو الانسحاب منها خاضعة للنقض أو الانسحاب إلا:

(أ) إذا ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت نحو إقرار إمكانية النقض أو الانسحاب؛ أو‎

‏(ب) إذا كان حق النقض أو الانسحاب مستنتجا ضمنا من طبيعة المعاهدة.

٢- ‏على الطرف الراغب في نقض المعاهدة أو الانسحاب منها عملا بالفقرة (١) أن يفصح عن نيته هذه بإخطار مدته أثنا عشر شهرا‎ ‏على الأقل.‎"

ويضيف مرقص: "بالعودة إلى الإتفاق اللبناني الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية، وهو اتفاق نهائي permanent كما جرى النص عليه في المراسلات المتقابلة، وهو ما يشكل معاهدة وفق منطوق اتفاقية فيينا، لا يوجد فيه تعبير عن إمكانيات ممارسة حق النقض أو الانسحاب من قبل أحد الطرفين. وعليه يمكن القول أن أيًا من الاحتمالين الواردين في البندين 'أ' و 'ب' من المادة ٥٦ أعلاه لا ينطبق على الحالة الراهنة، وذلك استنادًا إلى القسم ١ (هـ) من اتفاقية الترسيم البحري، الذي ينص على أن "[الأطراف] تتفق على أن هذه الاتفاقية، بما في ذلك ما ورد في القسم ١ (ب)، تشكل حلاً دائمًا وعادلاً لنزاعهما البحري".

 لذلك، لا توجد طريقة صريحة لأي من الطرفين للانسحاب من الاتفاقية من جانب واحد. وعلى الرغم من أن لبنان وإسرائيل ليسا طرفين في اتفاقية صريحة المعالم، إلا أن ذلك لا يعفيهما من موجباتهما كونها تمثل القانون الدولي العرفي، وهي ملزمة للطرفين".

ويختم: "تبعا لذلك، فإن انسحاب إسرائيل من هذا الاتفاق من جانب واحد، إن حصل، سيشكل خطوة تعسفية يمكن للبنان الرجوع عليها اذا قامت بها. هذا طبعا على فرض أن للبنان مصلحة في هذا الترسيم البحري".

مجلس النواب: أما عن دور مجلس النواب، فيؤكد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب رازي الحاج لـ"المركزية" ان "المادة 52 من الدستور (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 9/11/1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990) يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب".

 ويضيف: "لكن كنواب، لم نطلع على الاتفاقية ولم نُصادِق عليها. حينها كان هناك رأيان، الأول رأى بضرورة إطلاع مجلس النواب عليها وفقاً للمادة 52، ورأي آخر فسّر المادة باعتبار أن ترسيم الحدود البحرية، بسبب وجود نفط وغاز أي مردود مالي، يجب حكماً أن يصادق عليها مجلس النواب. الأمر تم بهذه الطريقة. أما من الناحية العملية، فإن أي ترسيم للحدود بالتراضي والتوافق بين طرفين متنازعين يستدعي حكماً مدّا وجزرا وان يقدّم طرف تنازلات وطرف آخر يرضى بهذا التنازل، ولهذا لم نطّلع على الاتفاقية. ونرى ان الترسيم البحري مع العدو الاسرائيلي وحتى البري، وإنجاز تطبيق جميع القرارات الدولية لا سيما 1680 في الموضوع البري، هو حاجة ومصلحة للبنان فيه كي ننتهي من النزاعات التي تأخذ أشكالا مسلحة وعنفية".

ويختم: "موضوع استخراج النفط قرار ليس داخلياً بل دولي ولا يمكن للبنان ان يكون جزيرة معزولة وبالتالي هو بحاجة الى منظومة متكاملة في موضوع النفط في الشرق الاوسط كي يكون جزءاً منها".