المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 4 آب 2020 14:08:41
ليس تعاطي الحكومة مع استقالة الوزير ناصيف حتي، ببرودة لافتة تجلّت في المسارعة الى تعيين خلف له في ساعات قليلة، ليس هذا السلوك خطيرا على الصعيد "السياسي" فقط، بما يحمله من مؤشرات الى ان السلطة تعتزم المضي قدما في نهجها وفي مقارباتها "التقليدية" للملفات كلّها، والتي أظهرت نتائج كارثية على الارض، لمسها بأم العين اللبنانيون والمجتمع العربي والدولي، خلافا للسلطة التي لا ترى الا انجازات تاريخية.... بل تبدو أخطار هذا الاسلوب مضاعفة و"قاتلة" كونها تأتي في ظل أزمة معيشية اقتصادية مالية لم يعرف لبنان لها مثيلا في تاريخه، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية".
فبدل ان تتعظ الحكومة من استقالة أحد أركانها ، فتباشر في ورشة جدية وقوية تتمرد فيها على كل النمط السابق، لتحاول وضع حد لتخبّطها وعجزها اقتصاديا وماليا، فتوحّد أرقام الخطة الاقتصادية التي يجب ان تقدّمها الى صندوق النقد الدولي لتعيد اطلاق عجلة المفاوضات معه، والمتوقّفة منذ أشهر بسبب التضارب بين ارقام الحكومة من جهة والمركزي وجمعية المصارف من جهة ثانية، بدل كلّ ذلك، لا تزال محاولات الجهات الثلاث لتقريب وجهات النظر تبوء بالفشل.
في المقابل، احتياطي المركزي يستنزف في السوق وفي دعم السلع الاساسية. وما سيزيد وضعه حراجة هو القرار الذي اتخذه مصرف لبنان منذ ساعات بإلغاء مفاعيل التعميم الذي سبق وأصدره، والذي يمنع بموجبه على شركات تحويل الاموال دفع التحويلات الى أصحابها بالدولار، وفرض دفعها بالليرة على سعر دولار المنصّة. ومع التراجع عن هذا القرار، سيفقد مصرف لبنان الدولارات التي كان يجمعها من هذه الشركات، لاستخدامها في دعم السلة الغذائية. وهذا يعني انّ المركزي سيكون مضطرّاً الى استخدام الاحتياطي لديه لتمويل أي دعم يقرره.
فهل يمكن تخيّل المشهد بعد اسابيع، حينما ينضب هذا الاحتياطي، ويبدأ "المركزي" برفع دعمه عن البنزين والقمح والدواء، وعن المواد الاولية التي يحتاجها اللبنانيون؟ هل يمكن ان نتصوّر للحظة كيف ستتحوّل حياة اللبنانيين جحيما حقيقيا بعد ان تحلّق اسعار الخبز والمحروقات والدواء، اضافة الى سلع اساسية كثيرة باشر المركزي دعمها من ضمن السلة الغذائية منذ ايام قليلة لمحاولة التخفيف من وطأة غلاء المعيشة على المواطن؟
هي كارثة حقيقية، لا بل أكثر، تتابع المصادر. ونحن، في ظل الاداء الرسمي "المُكابر" و"الفاشل" هذا، بشهادة أهل البيت (الوزير المستقيل ناصيف حتي) واللبنانيين، والدبلوماسيين الغربيين وآخرهم وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، نحن متجهون اليها حتما ونسرع الخطى نحوها. ولتفادي السيناريو المخيف هذا ولتفادي السقوط في المحظور، طريقٌ واحد لا بديل منه: إحياء المفاوضات مع صندوق النقد. فلا مخرج من الازمة ولا دعم يمكن ان يدخل الى بيروت ليغذّي شرايين "المركزي" والدولة بالمال والاستثمارات، الا من خلاله، وهذا ما أكده لودريان بحسم ووضوح... فهل تسمع السلطة السياسية هذا النداء ام تواصل صمّ آذانها وتتفرّج على لبنان يسقط في مأساة اجتماعية معيشية اقتصادية مالية، مزهوّة بانجازاتها المفترضة؟