احذروا النّرجيلة التي يُمكنها أن تشكّل كارثة حقيقية!

إذا أخذنا في الاعتبار أن كلّ مصاب بفيروس "كورونا" يُمكنه أن ينقل العدوى الى نحو شخصَيْن أو ثلاثة غيره، فإن العدد الحقيقي للمصابين في لبنان، يصل في تلك الحالة الى أعداد أكبر.

وتزيد المخاطر والمخاوف انطلاقاً من تحذيرات طبية دولية، تتعلّق بالإشارة الى مخاطر التدخين، في تحمُّل نتائج الفيروس لدى هذا المريض أو ذاك، أو حتى نقل العدوى من مريض الى آخر.

 

PCR

ونذكر في هذا الإطار مخاطر أخرى أيضاً، تتعلّق بأن نتائج فحوص  PCR تأتي سلبية أحياناً كثيرة، نظراً الى أخطاء في القيام بها.

فبعض الأطباء يؤكّدون ضرورة تجاوز المناطق الأولى من الأنف، بكثير، لبلوغ المكان الحقيقي الذي "يستوطن" فيه الفيروس، وعدم الإكتفاء بالقسم الأوّلي من الأنف، أو بأكثر منه بقليل فقط، عند أخذ العيّنات لإجراء فحص PCR. وبناءً على ذلك، تأتي نتائج الفحوص سلبية، في شكل خاطىء، في كثير من الأحيان، بينما عدد الإصابات وأعداد من ينقلون العدوى تكون أكبر بكثير ممّا يتمّ الإعلان عنه.

في أي حال، ومع ارتفاع عدد الإصابات في لبنان، نعود للإضاءة على الواقع الإستشفائي، وضرورة التحقُّق منذ الآن، إذا ما كان سيتمكّن من استيعاب أعداد الإصابات في صفوف من يُمكنهم أن يحتاجوا الى أجهزة تنفّس إصطناعي. فضلاً عن ضرورة التحقّق منذ الآن، ممّا إذا كان يُمكننا القول إن نظرية عدم تفشّي الفيروس في الطقس الدافىء انكسرت بالكامل، نظراً الى أن عدد الإصابات الأكبر في لبنان، الذي تمّ تسجيله مؤخّراً، حصل في فترة من الحرّ الشديد، يُشبه حرّ فصل الصيف وربما أكثر منه بكثير.

 

تنفّس إصطناعي

رأى رئيس "لجنة الصحة النيابية" النائب الدكتور عاصم عراجي أن "ارتفاع عدد الإصابات يدعو الى القلق، وهو يعود مع الأسف الشديد الى عدم الإلتزام الشعبي بالتدابير والإرشادات التي تصدر عن وزارة الصحة، لا من حيث ارتداء الكمامات، ولا حتى في ما يتعلّق بتطبيق قواعد التباعُد الإجتماعي، فيما القيام بغَسْل اليدَيْن والتعقيم هي من الأمور التي نسيَها الناس كما يبدو. فضلاً عن أن المقيمين والوافدين من الخارج، لا يلتزمون بالحَجْر المنزلي عندما يصابون بالعدوى، لمدة 14 يوماً كما يجب".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أنه "إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإنّنا سندخل في نفق كبير مظلم، لا سمح الله، وذلك حتى ولو أن وضع المستشفيات بات أفضل ممّا كان عليه عند اكتشاف الإصابة الأولى بـ "كوفيد - 19"، قبل ثلاثة أشهر".

وقال:"لم نَكُن جاهزين في شباط الماضي كما هو عليه الحال اليوم، إذ أصبحت لدينا الآن كميات أكبر من آلات التنفّس الإصطناعي. كما تمّ تمكين الجسم التمريضي بالحصول على خبرة أكبر في التعاطي مع المرضى بـ "كوفيد - 19"، ومع كلّ ما يتعلّق بالفيروس عموماً، من خلال إخضاع الممرّضين لدورات تدريبية. ونشكر إدارة مستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري على مجهودها في هذا الإطار".

 

مختلف الشرائح

وحذّر عراجي من أن "خطر الإصابة بالفيروس يشمل مختلف الشرائح العمرية، عندما تتطوّر الإصابة بالفيروس الى التهاب رئوي حادّ، والى انخفاض في نسبة الأوكسيجين في الجسم كثيراً. وهو ما يعني ضرورة وضع المريض في تلك الحالة، على آلات التنفّس الإصطناعي".

وأشار الى أن "نسبة الخطر الذي يطال كبار السنّ أكبر، وهذا صحيح، لأنهم قد لا يتحمّلون الإلتهاب الرئوي الحادّ أبداً. ولكن يتوجّب على الجميع الإنتباه، نظراً الى أن نسبة المدخّنين في لبنان كبيرة، فيما آخر الأبحاث تُظهِر أن "كوفيد - 19" يصيب المدخّنين أكثر من غيرهم. فهؤلاء يكونون معرّضين في العادة لانسداد مزمن في القصبات الهوائية، وإذا احتاجوا الى تنفُّس إصطناعي، يُصبح من الصّعب سحبه منهم في وقت لاحق، وذلك لأنهم يُعانون من ضعف في الرئتَيْن، أصلاً".

 

"مناعة القطيع"

وحول ما يُحكى عن "مناعة القطيع" في لبنان، أكد عراجي أنه "لا يُمكن إلقاء التُّهَم جزافاً. فلا حديث رسمياً أبداً عن "مناعة القطيع"، لا من قِبَل وزارة الصحة، ولا من جانبنا نحن كلجنة صحة نيابية، هذا إذا كانت توجد تلك المناعة بالفعل".

وأوضح:"أوّل من تحدّث عن هذا الأمر كان رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، ولكن يتوجّب التثبُّت ممّا إذا كان الفيروس يؤسّس لمناعة ذات فترة طويلة بعد الشّفاء منه. وهذا الأمر يحتاج الى مزيد من الوقت للتأكُّد منه في شكل كامل".

وعن زوال نظرية الطقس الدافىء، وتأثيره على عدم تفشّي الوباء، شرح:"الأبحاث العالمية لم تؤكّد حتى الساعة أن "كوفيد - 19" سيزول في فترات الحرّ. وهنا نحذّر من أنه قد يكون مثل "الإنفلونزا الإسبانية" التي ضربت أوروبا قبل 100 عام، والتي لم تضمحلّ في فصل الصيف".

وأضاف:"في ذلك الوقت، اعتقد الناس أن الإصابات والوفيات بسببها (الإنفلونزا الإسبانية) ستنخفض خلال الصيف. ولكن آب عام 1918، شهد عدداً كبيراً جداً من الإصابات والوفيات، أصاب ما بين 50 و100 مليون شخص، خلال شهر صيفي واحد. وهو ما يعني أن الرّهان على الطقس الحارّ ليس في مكانه أبداً. وحتى إن "منظمة الصحة العالمية" لم تؤكّد أن انتشار الفيروس سيخفّ خلال الصّيف".

 

السيجارة؟

وردّاً على سؤال حول دور السيجارة في نقل العدوى، أجاب عراجي:"دخان سيجارة أي مُصاب بالفيروس أو أي حامل له، الذي ينتقل مع النَّفَس عند نفخه الى مسافة قريبة تقلّ عن مترَيْن أو ربّما أكثر بقليل، يُمكنه أن يحمل الرّذاذ معه وإصابة الآخرين الذين يستنشقونه، بالعدوى أيضاً".

وختم:"هنا نؤكّد أن الرائحة تختلف عن الرّذاذ. فأن نشتمّ رائحة السيجارة من مسافة بعيدة، لا يُصيبنا بالعدوى، لأن الرّذاذ المُعدي من المصابين أو من الحاملين للفيروس، لا ينتقل الى أبعد من مترَيْن، أو الى أكثر من ذلك بقليل. ولكنّنا نحذّر من النّرجيلة أيضاً، ومن تناوُب الشّبّان عليها خلال جلساتهم، والتي يُمكنها أن تشكّل كارثة حقيقية، على مستوى تفشّي الفيروس".