المصدر: النهار
الكاتب: عباس صباغ
الأربعاء 15 أيار 2024 07:57:21
بعد توقف لسنوات بسبب جائحة كورونا والازمة التي عصفت بلبنان، عاود الامن العام تنظيم قوافل العودة الطوعية للنازحين السوريين. فما اهمية تلك القوافل وكيف تعلّق مفوضية اللاجئين؟
في ساعات الفجر الاولى امس تجمّع عدد من النازحين السوريين في بلدة عرسال الحدودية للعودة الى ديارهم في سوريا. شاحنات وجرارات زراعية محملة بأثاث منزلي اضافة الى الاغنام والابقار، انطلقت الى سوريا عبر معبر الزمراني، وفضّل عدد قليل المغادرة من معبر القاع الى حمص وذلك بمواكبة الامن العام ومخابرات الجيش.
هو المشهد الذي تكرر امس بعد غياب لاكثر من 4 سنوات بسبب جائحة كورونا، وقبلها تحركات 17 تشرين الاول عام 2019.
لكن عدد العائدين لم يتطابق مع تقديرات وزارية إذ كان عددهم 320 نازحاً مسجلاً لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة، ما يطرح السؤال عن القوافل الاخرى التي ينوي الامن العام تنظيمها تباعاً، وهل فعلاً ستخفف أعداد النازحين؟
خلال السنوات الفائتة نجح الامن العام في اعادة نحو نصف مليون نازح سواء من خلال قوافل العودة الطوعية او من خلال قرارات ذاتية للنازحين الذين فضلوا العودة الى منازلهم في المناطق الآمنة في سوريا.
شرف الدين: القوافل ستتواصل
قبل ايام اعلن وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين استئناف قوافل العودة الطوعية، واشار الى ان القافلة الاولى ستضم 2000 نازح، ولكن تم تصحيح العدد لاحقاً ليتبين انه اقل من ذلك بكثير الى ان استقر على نحو 300 نازح، واوضح الوزير شرف الدين لـ"النهار" ان "الفكرة هي رمزية العمل بأن الملف اعيد فُتحه من جديد، وبدأنا تقديم اللوائح الخاصة بالوزارة ويتم الاخذ بها من قِبل الأمن العام اللبناني ليرسلها بدوره إلى الأمن الوطني في سوريا للتدقيق بالأسماء".
ولفت الى ان الحكومة اللبنانية اخذت قراراً سياسياً بالبدء في تحريك القوافل، وان هذا المسار سيتواصل، وفي المقابل هناك تعاون من الجانب السوري.
اعداد قليلة واجراءات امنية
لم يكن متوقعاً ان تكون اعداد المسجلين كبيرة للعودة في القافلة الاولى بعد توقف لسنوات. لكن ألم يكن في الامكان ان يعود هؤلاء بشكل افرادي وليس من خلال قوافل؟
الامر ليس بهذه البساطة ويحتاج الى تنسيق بين بيروت ودمشق، فالمسار يبدأ اولاً من تسجيل اعداد الراغبين بالعودة ومن ثم يصار الى التدقيق بالاسماء من قبل الامن العام وتبيان اوضاعهم القانونية وما اذا كانوا مسجلين لدى مفوضية اللاجئين وبعد ذلك تُرسل الاسماء الى دمشق وتخضع للتدقيق مجدداً ومن ثم ابلاغ الجانب اللبناني بنتائج التدقيق.
الاجراء الاخير ضروري حتى لا يكون لدى الراغب بالعودة محظورات امنية قد تعرّضه للتوقيف في حال لم يعمد الى تسوية اوضاعه، مع التنويه بان مسؤولين لبنانيين ينقلون عن السلطات السورية تساهلها في الكثير من الحالات بما يسمح بعودة اكبر عدد من المسجلين لدى الامن العام. وقوافل العودة ستتواصل وبالتالي لن تكون القافلة الاولى يتيمة. عدا ان من شروط مفوضية اللاجئين ضمان أمن العائدين طوعياً.
المفوضية: نرحب بالعودة الطوعية
مرت العلاقة بين مفوضية اللاجئين والحكومة اللبنانية بفترات غير مستقرة ولا سيما بعد عدم وضوح موقف المفوضية من العودة الطوعية للنازحين.
المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ليزا أبو خالد تؤكد لـ"النهار" ان "المفوضية تدعم الحلول الدائمة للاجئين السوريين، بما في ذلك إعادة التوطين في بلدان ثالثة والعودة إلى سوريا، والمفوضية لا تعرقل عودة اللاجئين إلى سوريا، وتأمل أن تكون الحلول الدائمة والعودة الآمنة ممكنة لأعداد أكبر من اللاجئين".
لكن هل تتواصل المفوضية مع الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين؟ تجيب ابو خالد بأن "المفوضية تعمل مع جميع المعنيين، بما في ذلك الحكومة السورية والحكومة اللبنانية وغيرها من البلدان المضيفة المجاورة، فضلاً عن المجتمع الدولي، من أجل تبديد المخاوف التي يشير إليها اللاجئون كعائق أمام عودتهم بأعداد كبيرة، فضلاً عن زيادة الدعم الذي تشتد الحاجة إليه داخل سوريا".
اما عن كيفية تصرف المفوضية قبل وخلال تنظيم العودة الطوعية، فإنه واستناداً الى المعلومات التي ترسلها المديرية العامة للأمن العام، تقوم المفوضية بالاتصال بالأفراد المقررة عودتهم من أجل تحديد الحالات التي تحتاج إلى مساعدة خاصة. وتسعى المفوضية إلى دعم اللاجئين قبل عودتهم، بما في ذلك مثلاً من خلال استكمال الوثائق المدنية، إلى الحد الذي يسمح به الوقت المتاح.
اما في اليوم المحدد لرحلة العودة فتتواجد فرق المفوضية في نقاط الانطلاق للمراقبة وتقديم المساعدة والمشورة للراغبين بالعودة، فضلاً عن توزيع المناشير عن مراكز الخدمات المجتمعية المدعومة من قِبل المفوضية ومراكز المعلومات الأخرى في سوريا والخدمات المتاحة فيها. كما تقوم المفوضية بإحصاء العدد وتتواصل مع مكتب المفوضية في سوريا بشأن حجم العملية والتفاصيل اللوجستية، وتتابع امور العائدين بعد موافقتهم مع المفوضية في سوريا.
بَيد ان لا من ضمانة بعدم عودة العائدين مجدداً الى لبنان وكذلك بمنع وصول اعداد اضافية من السوريين على غرار ما يحصل بشكل دوري، والاهم من ذلك هو انه لا يبدو ان اعداد الراغبين بالعودة الطوعية ستفوق اعداد الولادات السورية في لبنان.