استخدام النووي يمحو العرق الروسي... هل هذا هدف بوتين؟

أشار الرئيس الاميركي جو بايدن منذ أيام إلى وجوب أخذ تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن استخدام النووي على محمل الجد. فإلى أي مدى من الممكن ان تستخدم روسيا هذا السلاح؟

 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية" ان الصراع النووي خرطوشة من الخراطيش التي يحاول ان يهدد بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد ضم المقاطعات الاربعة لروسيا، وان من حقه في حال حصول أي اعتداء عليها، ان يدافع عن الأمن القومي الروسي بكل الوسائل، ومنها استخدام السلاح النووي التكتيكي، وهي قنابل متواجدة في رؤوس العديد من الاسلحة التي تضرب ولكن فعاليتها ذات تأثيرات محلية لكنها تترك آثارها في المنطقة على فترة طويلة والتي قد تكون تدميرية على سكان تلك المنطقة".

 

أما عن استخدام النووي الذي يمحي البشرية يؤكد العزي ان روسيا أجبن من ان تستخدمه لأنها ستكون أول المتضررين وستمحي العرق الروسي نهائيا. وفي حال ضربت صاروخا واحدا سيتم ضربها بالف غيره وفي عقر داره في موسكو. كما ان التهديد بضرب النووي ليس للقوي بل للمفلس، ومجرد استخدام النووي يدل على العجز الذي وصلت إليه روسيا، وعلى الانهيار الذي تشهده في دفاعات الجيش الذي أصبح في حالة معنوية منهارة، لأن هذا الجيش لا يريد القتال من دون قضية، أو الموت فقط من اجل قضية بوتين الشخصية انطلاقا من "انا قلت وعلى الشعب ان ينفذ"، لافتا الى ان بوتين يستخدم في معركته كل الاسلحة التي من الممكن ان تؤثر على الاوروبيين والروس في الوقت نفسه. على الروس من اجل تجميعهم ودفعهم للقتال وعلى الاوروبيين من اجل الوقوف في وجه حكوماتهم واسقاطها. استخدم في البداية سلاح الغاز وما زال، لكن الأمور لم تكن كما يتمناها ولم ينجح في فرض معادلته". وهنا يؤكد العزي ان "حزمة العقوبات التي ستوقعها اوروبا لاحقا في براغ ستكون دليلا جديدا على ان الاوروبيين يحاولون امتصاص الخلافات الداخلية ويفرضون على روسيا عقوبات جديدة وعلى اقتصادها، وبالتالي فإن السلاح الاخير الذي تملكه روسيا هو النووي".

 

ويضيف: "بما ان اوكرانيا ستكون أكثر من سيتأذى من النووي التكتيكي، عمد الرئيس فولوديمير زيلنسكي الى تقديم رسالة انتماء سريعة الى "الناتو". وانتظار الرد بنعم ام لا، يفرض على روسيا عدم التعرض بضرب عضو قد يُقبل في الناتو وبالتالي تصبح الحرب موجهة من روسيا. وبما ان هذه الخطوة قد تستغرق وقتا لأنها تحتاج الى موافقة 30 عضوا من الناتو، أعلنت الولايات المتحدة إمداد اوكرانيا بكل ما تحتاج من سلاح وذخيرة لاستعادة ارضها وبذلك تكون الولايات المتحدة اخذت على عاتقها ضمانة جديدة لاوكرانيا ليس في الحفاظ على حدودها بل باستعادة ارضها المحتلة من الروس. وهذا ما سيضع الروس امام احراج فعلي لأن روسيا تريد التفاوض لأنها أصبحت في مرحلة محشورة ووضعها سيء بعد فرار واستسلام الجيش الروسي، وتحاول معرفة ما هي ضمانات السلام، ما احدث خلافا داخليا في روسيا. لذلك قد يذهب بوتين وفريقه الى ممارسة خطوة قد تكون خطيرة في تجربة ضرب النووي التكتيكي ووضع الغرب امام مأزق. لكن هنا برأيي رد الفعل على بوتين لن يكون عن طريق الرد بالنووي، وانما بايصال رسائل له عبر حلفائه الصين وتركيا بأن استخدام النووي سيؤدي الى تعطيل كل المفاعل الاقتصادية والعسكرية والحياتية والبنى التحتية لروسيا في حال تجرأت على استخدام النووي لأن السكوت سيعرض البشرية جمعاء الى مخاطر ابادة وبالتالي لن يقبل البشر بأن يكونوا تحت رحمة الأنا البوتينية".

 

ويؤكد العزي ان "من حيث المبدأ جنرالات النووي في روسيا اوعى بكثير من جنرالات المعركة الميدانية. من يسيطر على السلاح النووي في روسيا هم ضباط غير متهورين او لديهم القدرات الفعلية لعدم تنفيذ هذه المطالب حتى النهاية ولن تحدث اي حرب نووية لأن القرار ليس موجودا فقط بيد بوتين والحقيبة الحمراء والكبسة على الزر. بوتين سيعطي الاوامر لوزير الدفاع ورئيس الاركان والوحدات النووية، وبالتالي عندها لن يكون القرار سريعا وانما سيكون التمرد عليه اقوى. اما التكتيكي النووي فهنا المشكلة والخطورة لأنه موجود ضمن سلاح الجيش الروسي ووحدات المدفعية والصواريخ التي يتم اطلاقها ويمكن تجهيزها برؤوس وقنابل نووية صغيرة، ويطلقها الجنرالات المعتوهين الذين ينفذون مصالح ومطالب احيانا شخصية وانتقامية او لإرضاء القيادة التي ينتمون اليها. وهذا الفرق ما بين النووي التكتيكي المحدود في ضربه وما بين النووي والقنابل والصواريخ العابرة للقارات، الذي برأيي لن يُستخدم بالرغم من قول بوتين بأن "اذا لم تكن روسيا على الخريطة فما نفع هذا العالم".

 

ويختم العزي: "اصدقاء بوتين كالصين والهند، الذي يعتبر بوتين انه منفتح عليهما، لن يوافقا على هذا التهور وسيعملان على لجمه ومنعه من استخدام النووي، اللهم إلا اذا كانت سوريا والجزائر وايران واريتريا و رئيس الشيشان، رمضان قديروف ومؤسس ميليشيا فاغنر يفغيني بريغوجين هم من سيكونون على طاولة المشاورات، فسيدفعونه لاستخدامه لأنهم يعتبرونه جنكيز خان الجديد".