استنفار أمني مكثف في الضاحية يرافق أيام عاشوراء

كتبت فرح منصور في المدن:

حلّ اليوم الأول من شهر محرم الهجري، كعادته على الضاحية الجنوبية لبيروت. تقليد سنوي ثَبُت تباعًا أنه يحمل أبعادًا ورسائل سياسية في الصميم لا يمكن إغفالها. وكما هو الحال في كل عام، تُتخذ تدابير أمنية صارمة في منطقة الضاحية الجنوبية، إلا أنها اتسمت استثنائيًا هذا العام بالتشدد الأمني، لتزامنها مع الأحداث العسكرية في جنوب لبنان. بالمقابل، لم تقلل هذه التدابير من وطأة اليوم الأول من عاشوراء على سكان المنطقة، الذين أحيوا المراسم بحضور كثيف بالرغم من حدّة الأحداث العسكرية والتهديد المباشر الذي يتربص الضاحية الجنوبية.

الخطة الأمنية
من الناحية الأمنية، وقبل يومين من الأول من محرم، بدأت التحضيرات الحزبية لـ"الخطة الأمنية" التي ستطبق في المنطقة لمدة عشرة أيام، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية. ولهذه الغاية، عقد اجتماع شاركت فيه جميع الأجهزة الأمنية: الجيش اللبناني وضمنًا مخابرات الجيش، قوى الأمن الداخلي، أمن الدولة والأمن العام، إضافة إلى حزب الله وحركة أمل. وجرى الاتفاق على تقسيم المنطقة إلى نقاط محددة، وتوزع العناصر الأمنية في مختلف أحياء الضاحية الجنوبية.

وحسب معلومات "المدن"، فقد جرى الاتفاق على فرض التشدد الأمني طيلة أيام عاشوراء، حيث ستتوزع العناصر الأمنية على جميع مداخل الضاحية الجنوبية وستطبق إجراءات أمنية مشددة عند حواجز التفتيش المنتشرة على هذه المداخل، وستقفل بعض الطرقات المؤدية إلى الضاحية الجنوبية أمام السيارات بشكل كامل ابتداءً من الساعة الخامسة عصرًا حتى انتهاء المجالس العاشورائية. وطالبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من المواطنين التقيد بإرشادات وتوجيهات عناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين بتنفيذ هذه المهمة. وجاء في بيانها: "منع مرور الآليات كبيرة الحجم يوميًا من الساعة الخامسة ولحين انتهاء المجالس العاشورائية، عبر كافة المداخل المؤدية  إلى الضاحية الجنوبية، على أن يتم السماح بمرور السيارات الخفيفة والدراجات النارية". كما منع إطلاق طائرات التدريب والمسيّرات (DRONES) على اختلاف أنواعها في سماء الضاحية الجنوبية خلال هذه الفترة، تحت طائلة المسؤولية. وحسب المعلومات، فإن الجيش اللبناني سيسقط أي مسيّرة تحلق في سماء الضاحية الجنوبية وسيتعامل معها على أنها مسيّرة معادية.

الخيم والمضافات
خلال اليومين الماضيين، جالت "المدن" في أحياء الضاحية الجنوبية وفي بعض القرى الجنوبية. ولعلّ المشهدان متشابهان إلى حد كبير.

ففي الضاحية الجنوبية، تسابق سكان المنطقة على نصب الخيم المُسماة بالمضافات لتقديم "الهريسة" وعلب من الأرز واللحم، والحلويات. وكان لافتًا ازدياد عدد المضافات هذا العام بنسبة كبيرة، فلا تكاد تخلو مسافة كل 100 متر من حاجز لتوزيع عبوات المياه والعصائر على سائقي السيارات. وقد عُلقت صور "قادة" حزب الله وإيران على عددٍ كبير من المضافات، على سبيل المثال مضيف "الشهداء" حمل صور قاسم سليماني، وعماد مغنية.. وشهداء الحزب في الجبهة الجنوبية.

وعشية اليوم الأول من محرم، أقفلت مداخل الضاحية الجنوبية والطرق المؤدية إليها، وانتشرت العناصر الأمنية على نقاط معينة في المنطقة، وتولى عناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وشرطة البلدية وعناصر من حزب الله نقاط التفتيش في مختلف الأحياء، وعند مستديرة منطقة الكفاءات وعند جسر صفير انتشرت آليات الجيش اللبناني وعناصر من مخابرات الجيش.

ومن بين التدابير المشددة، جهزت بلديات الضاحية الجنوبية استمارة إلكترونية للراغبين بإقامة المضائف العاشورائية، طالبةً منهم ملء الاستمارة الإلكترونية بالمعلومات المطلوبة للحصول على موافقة مسبقة.

المراسم العاشورائية
أما في جنوب لبنان، فالصورة لم تتغير كثيرًا، ففد باشر أهالي بلدتي أنصار-الدوير بإقامة المضافات ونصب الرايات واليافطات السوداء، أما في بلدة قاقعية الصنوبر الجنوبية والتي استقبلت عشرات العائلات النازحة، فهي المرة الأولى التي توزع فيها بطاقات لدعوة سكان البلدة وحثهم على ضرورة المشاركة في مجالس عاشوراء، التي ستقام في البلدة بشكل يوميّ. أما مدينة النبطية فقد اختارت شعارها العاشورائي "أباة بالحسين" تعبيرًا عن "عزم وصمود وإرادة أهل المنطقة". وحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدن"، فإن مدينة النبطية تستعد لمسرحية العاشر من محرم عاشوراء، ولن يتم إلغاء أي من المراسم التي اعتاد أهل المدينة على إقامتها طيلة العشرة أيام، إلا أن الإجراءات الأمنية ستكون مشددة، خصوصًا أن المنطقة تعج بمئات العائلات النازحة من القرى الحدودية.