اطردوا السماسرة... مظلوم يحذّر: أي مشروع جديد سيغيّر وجهة المنطقة ديموغرافيا

"يجول السماسرة في الشوارع والاحياء المنكوبة في العاصمة"... عبارة بدأت تتردد على مسامع اللبنانيين في الايام الاخيرة، وكان الرد الطبيعي برفض اي تعاط او تعامل مع هؤلاء حفاظا على المنطقة المميزة في تراثها وعمرانها وتركيبتها...

ولكن في مقابل العاطفة والتعلق بالارض التي تربّى وعاش فيها المرء، هناك امر واقع مرير وأليم، معظم من تدمرت منازلهم من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ونجد من خلال الصور المتداولة التي تضج بها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ان الدمار شامل، وبمجرد التفكير البسيط ان الاتجاه نحو ترميم يبدأ من الباطون الى الزجاج فالخشب، وصولا الى المفروشات وكافة الادوات المنزلية والكهربائية... بمعنى آخر لسنا امام اعادة اعمار، بل اعمار تام قد يكون من نقطة الصفر. اما بالنسبة الى الارقام، فالاسعار نار وبالدولار الكاش.

فكيف يمكن لهذا الانسان "الذي اصبح خلال ثوان معدودة مشردا" ان يصمد،  وان استقبله الاقارب او الاصدقاء فان الامر لن يدوم ولا يمكن انتظار قرارات رسمية... ان نظر الى جيبه فهو فارغ... وان بحث عن مدخراته فهي محجوزة في المصارف...

وبالتالي كيف الصمود امام اغراءات هؤلاء السماسرة، فقد يكون منطقيا ان يختار من تهدم بيته بيع ما تبقى من ذاك العقار من اجل تدبر امره وايجاد مأوى له ولعائلته؟!

 

الناس اساسا "بالارض"

النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، يعتبر ان التداعيات التي تركها تفجير المرفأ خطيرة جدا،  حيث ان منطقة واسعة من العاصمة تضررت بالكامل، والناس اساسا "بالارض" لا يملكون المال للاصلاح او البناء او اعادة الاعمار، حيث سكان هذه المنطقة بنسبة 90% من الطبقة المتوسطة والفقيرة... كما انهم يحتاجون الى تأمين مسكن، فلا يمكن ان يستمروا في الاماكن التي لجأوا اليها.

ويقول في حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، يعرف السماسرة متى يستغلون اللحظة، وهنا الخطر الاكبر، محذرا من ان اي مشروع جديد سيغيّر وجهة المنطقة ديموغرافيا، وكاشفا ان البعض يتكلم عن شركات عقارية كبيرة تفكّر بمشروع "سولدير 2" ، الامر الذي لا يغير فقط وجه العاصمة  الحضاري ووجهها الهندسي والاعماري والتراثي.... وايضا تاريخها، مع العلم ان معظم الابنية تعود الى القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

 

اذا غادروا من سيحل مكانهم؟!

وما هي الخطط لمواجهة اي مشروع من هذا النوع؟ يجيب المطران مظلوم: هذا ما بدأت به الكنيسة وسترفعها الى اعلى المستويات، كما على الدولة ان تتحمل مسؤولياتها وتعمل على توفير المال لاعادة اعمار المنطقة ومساعدة الناس على اجراء الاصلاحات المناسبة... كي لا يغادروا... ويضيف: اذا غادروا من سيحل مكانهم؟!

وفي السياق، يشدد المطران مظلوم، على انه لا يمكن الاتكال فقط على الناس لتبادر الى ترميم المنازل، فنسبة 95% منهم لا تتوفر لديهم الامكانات، وبالتالي على الدولة والكنيسة ان تقفا سدا منيعا امام اي مشروع من هذا النوع.