اعتماد طريق الشام للإمداد العسكري كارثة تطال شظاياها جمهور "حزب الله"

في آب 2023، قبل "طوفان الأقصى" وبدء حرب المشاغلة في الجنوب، وإثر حادثة شاحنة الأسلحة الشهيرة على منعطف الكحالة وما تبعها من ترددات سياسية وشعبية، أعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش أن طريق الشام أو الطريق الذي يربط البقاع ببيروت عبر ضهر البيدر هو أحد خطوط الإمداد للحزب، مهدداً ومتوعداً من تسوّل له نفسه المس بخطوط الإمداد، فيما ساوى مسؤولون آخرون في الحزب المشكلة بسلاح الإشارة الذي حاول البعض المس به في أيار المشؤوم عام 2006.

مرّت الحادثة كغيرها، ولم تتخذ أي إجراءات، وربما استمرت شحنات الأسلحة بالتجول بين المدنيين ولم يدر بها أحد. ولكن بعد توسع الحرب، عادت الطريق وشهدت عددا من الاستهدافات لمقاتلين أو لقادة من الحزب أو لشحنات أسلحة.

الطريق الأساسي والأول لربط محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل بالعاصمة بيروت، أصبح من الطرق الخطرة نتيجة إصرار "حزب الله" على اعتماده كطريق إمداد رئيسي وسط كثرة الاستهدافات الإسرائيلية.

واليوم تعتبر منطقة الجبل التي يمر بها الطريق من الأكثر استقبالا للنازحين، وتشهد كثافة سكانية هائلة، وطريق ضهر البيدر يمرّ بعدد من بلداتها، والمفارقة أن الحزب مصرّ على اعتماده لنقل الأسلحة. ولم تتوقف القصة عند الباص الذي استهدفته إسرائيل، إنما تم ضبط أكثر من باص حاول دخول عاليه بعد الضربة، قبل أن يوقفه شباب من البلدة، ليتدخل الجيش ويخرجه.

الإبقاء على هذا الطريق لنقل الأسلحة لم يعد يهدد سكان المنطقة أو سالكيها المنتقلين إلى محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل أو نحو دمشق، إنما أيضاً يهدد النازحين وأهالي المقاومين الذين يتخذون من الجبل مقراً موقتاً بعد ابتعادهم القسري عن بيوتهم، وهو شريان حركتهم اليومية الأساسي وربما الوحيد للتنقل نحو العاصمة أو البقاع.

وقد استنكرت بلديتا الكحالة وعاريا "استخدام الطرق الدولية والآليات المدنية لانتقال المسلحين ونقل الأسلحة والذخائر، مما يعرّض العابرين وأبناء البلدتين للمخاطر التي تطال حياتهم وأملاكهم".

وتمنّتا "على الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الشرعية التدخل فورا لاتخاذ التدابير التي تمنع استخدام الطرق الدولية والمناطق الآمنة لأغراض عسكرية، ورفع الخطر الذي يهدد المدنيين".

فاعليات سياسية ونواب القضاء وفاعليات بلدية واجتماعية يرددون المطالب عينها. فبالإضافة إلى الإضرار بحركة المدنيين الآمنين وتعريض حياتهم للخطر، وتعريض الطريق - الشريان للقصف أو القطع بما يعزل البقاع، وخصوصاً أن المحافظتين معزولتان تماماً عن سوريا، كما أن طريق الجنوب - البقاع مقطوع بفعل الحرب، أصبح الأمر يؤثر على علاقة سكان المناطق المضيفة بالنازحين ويشكل حاجزاً من الخوف يثير إشكالات بين الجهتين.

في المحصلة، لا تستطيع القوى الأمنية أو الجيش تفتيش كل السيارات ولا فرض رقابة على كل من يعبر الطريق الدولي، إنما القضية تحتاج إلى قرار واحد من قيادة "حزب الله" بإبعاد الطريق المدني عن العمل العسكري، وأعادة هويته المدنية فقط حماية للناس واللبنانيين ولجمهور المقاومة في آن واحد.