ربما تنجح مساعي رأب الصدع بين المتعاقدين في الجامعة بعد الانقسام الذي طرأ منذ يومين على خلفية فك "اللجنة الرسمية" الإضراب، ونشوء لجنة جديدة تحت مسمى "اللجنة التأسيسية للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية" قررت الاستمرار بالإضراب.
فك الإضراب عنوة
سياسياً، كان المطلوب من اللجنة الرسمية فك الإضراب، الذي كان على رأس أولويات مطالبه إقرار ملف التفرغ، ووجدت اللجنة ذريعة عدم تصويت 600 أستاذ لصالح الاستمرار بالإضراب، يقول متعاقدون واكبوا كل الحراك. لم تعط "اللجنة" الأساتذة إلا مهلة 24 ساعة للتصويت على تجديد الإضراب، مشترطة حصوله على تصويت الأغلبية. لكن ورغم تصويت 519 متعاقد مع الإضراب مقابل 121 ضد الإضراب، قررت اللجنة فكه عنوة عن رغبة الأغلبية. فنشب خلاف كبير بين الأساتذة واللجنة الرسمية، وذهب العديد منهم إلى تشكيل "لجنة تأسيسية" قررت الاستمرار بالإضراب وسحب الثقة من اللجنة الرسمية.
ورغم أن أول مطالب اللجنة الجديدة رفع حقيقي لأجر الساعة ودفع بدل الإنتاجية عادل، انقسم المتعاقدون في الجامعة بين الطرفين وضاعت المطالب. وتشرح مصادر متابعة، أن ثمة محاولات لإعادة رأب الصدع بين المتعاقدين من خلال تشكيل لجنة منتخبة في كل الفروع، تكون ممثلة لجميع الأساتذة. لكن الانقسامات الحزبية قد تحول دون الوصول إلى هذا الخيار. في المقابل، تؤكد مصادر أخرى أن العمل حالياً على دعوة كل المتعاقدين في كل كلية لانتخاب ممثل عنهم ليكون في اللجنة الجديدة، ويفترض أن تتأسس اللجنة الموحدة في الأيام القليلة المقبلة.
وعود رئيس الجامعة
رئيس الجامعة بسام بدران وعد الأساتذة بمضاعفة أجر الساعة ودفع بدلات إنتاجية بالدولار، ليصل أقصى ما يحصل عليه المتعاقد نحو عشرين دولاراً على الساعة. واستبق هذا الوعد بدفع الجامعة مستحقات المتعاقدين عن العام 2022، وممارسة العديد من العمداء والمدراء الضغوط على المتعاقدين لعدم مواصلة الإضراب. ووفق المصادر، وصل الأمر برؤساء الأقسام إلى تهديد المتعاقدين بفسخ عقودهم في العام المقبل. وأفضت نتيجة التهديدات إلى وجود أقلية مستمرة بالإضراب وأكثرية تواصل التعليم. هذا رغم أن مجموع ما سيتقاضاه المتعاقدون، في حال نفذ رئيس الجامعة ووزير التربية وعدهما برفع أجر الساعة ودفع بدلات إنتاجية، لا يصل إلى أكثر من الحد الأدنى لأجير من الفئة الخامسة في الدولة. وهذا فقط في حال كان عقد المتعاقد يزيد عن 300 ساعة بالسنة. ووفق مصادر متابعة سيصار إلى دفع أجر الساعة بالليرة اللبنانية شهرياً بينما بدلات الانتاجية بالدولار عن كل ساعة (نحو 14 دولاراً) فصلياً.
انقسامات المتعاقدين
انقسام المتعاقدين إلى لجنتين كان أشبه بالانقسام الحزبي داخل الحزب الواحد وليس بين الأحزاب حتى، تقول مصادر مطلعة. إذ تبين أن المتعاقدين من المنتمين، أو المناصرين، للثنائي الشيعي، الذين ضمنوا اسمهم في ملف التفرغ ضد الإضراب، فيما الذين تأكدوا من عدم وجود اسمهم يريدون مواصلة الإضراب. بمعنى آخر، الانقسام الذي حصل بين المتعاقدين يتمركز في بيئة الثنائي الشيعي، بين محازبين جرى تفضيلهم على محازبين آخرين، لرفع أسمائهم في ملف التفرغ الموعود. في المقابل تؤكد مصادر أخرى أن الانقسام ليس حزبياً ولا طائفياً، بل بسبب تعاطي "اللجنة الرسمية" في موضوع الإضراب. فقد تم التلاعب بكيفية احتساب نتيجة التصويت وأعلنت اللجنة فك الإضراب، رغم أن 519 متعاقداً من أصل 639 صوتوا لصالح الاستمرار بالإضراب. وبات كل أستاذ متضرر من قرار اللجنة أو من ظلم الجامعة له بالأجر الزهيد يريد الإضراب. لكن الخوف من التهديدات تدفع المتعاقد إلى عدم الإضراب.
جمود ملف التفرغ
القوى السياسية لا ترحب بمواصلة المتعاقدين الإضراب للدفع نحو إقرار ملف التفرغ بمعزل عن التوازن الطائفي. فقد ارتفعت أصوات كثيرة تريد التفرغ بأي ثمن، هذا فيما يحاول وزير التربية حلحلة العقد، للتوصل إلى ملف يرضي جميع القوى السياسية. ولا يريد أطراف التفاوض على إيقاع التصعيد في الشارع، تقول مصادر متابعة لملف التفرغ.
وتضيف المصادر أن الجمود سيد الموقف. فقد أوصلت جميع القوى السياسية ملاحظاتها إلى وزير التربية عباس الحلبي، ويصعب إيجاد "صيغة خارقة" تفضي إلى رفع ملف متوازن يرضي الجميع. وبما أن القوى السياسية لا ترى أن هناك عجلة لإقرار ملف التفرغ، فالانتظار سيد الموقف إلى حين تبدل المعطيات الحالية.