الأزمة الاقتصاديّة تدفع اللبنانيين الى ابتكار حيل ذكيّة لتخزين المأكولات

كتبت ندى عبد الرزاق في الديار

تفتش الكثير من السيدات عن أفضل الوسائل للتوفير في المدفوعات والمصاريف المنزلية، خاصة في ظل الازمة الاقتصادية الراهنة، وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل هستيري مع دولرة السلع والمواد الغذائية. لذا من المهم ان تعرف ربات المنازل انه يوجد أصناف من المأكولات يستحسن صحيا اكلها مجمدة، بعد طهيها بالطريقة الصحيحة الى جانب أنواع من الخضراوات والفواكه.

في سياق متصل، فان مآسي اللبنانيين لا تنتهي، لا بل تتضاعف يوما بعد آخر، وبعض المواطنين يلجؤون لتجميع رؤوس الأسماك التي يرميها أصحاب «المسامك» من بعد تقطيعها، ليتم توضيبها في البرادات. وقال هاراك، وهو صياد وصاحب مسمكة، ان افرادا يسألونه إذا كان بإمكانهم اخذ رؤوس الأسماك الملقاة في برميل للنفايات، وذلك لعدم قدرتهم على الشراء بسبب الظروف الاقتصادية والغلاء الفاحش، ولكن هل يمكن تناول رؤوس السمك؟

 

في الواقع، تتعرض الأسماك للتلوث بالزئبق، وهذه المادة تتركز في رأسها وكبدها واحشائها، وهنا تكمن خطورة تناول رأس السمك، لاحتوائه على تركيز عالٍ من هذا المعدن السام، الذي يتسبب بأضرار بالغة للإنسان تتمثل بالقيء والاسهال والتشنجات في الأطراف والاضطرابات العصبية.

بالتوازي، أجرى مجلس المياه بولاية كاليفورنيا الاميركية تحليلاً لمختلف ما يتم اصطياده، واكد احتواء 19% من الأسماك على نسبة مرتفعة من مثيل الزئبق، كما وجدوا بعد فحص 2000 سمكة من 36 نوع احتوائها على مركبات ثنائي الفينيل والزئبق. وأشارت الأبحاث الى ان مستوى الزئبق سيرتفع في المحيطات والبحار 50% بحلول عام 2050.

بناء عل كل ما تقدم، يمكن الاستفادة من بعض الحيل التي تسمح بتخزين الأطعمة مع حفاظها على المعادن والبروتينات، واستخراجها في الأوقات المناسبة بحسب الظروف القاسية التي تفرض على كل بيت، واعدادها دون الحاجة الى شراء انواع بسعر أغلي.

وفي هذا السياق، قد يسأل البعض أيما أفضل السمك الطازج او المجمد؟ الفواكه «الفريش» او تلك المثلجة؟ الخبز الساخن ام «البائت»؟

الخبز المجمد... الأفضل

قالت الدكتورة سانجينا ثوندري، كبيرة المحاضرين في مركز التغذية والصحة بجامعة أكسفورد، «تتباين استجابة نسبة السكر في الدم للخبز لجهة سرعة تكسير الكربوهيدرات الى السكريات، فعندما يُخزن الخبز في الثلاجة يتجمد، فيعمد الفرد الى إعادة اذابته وتحميصه مقارنة بالطازج. وفي هذا الإطار، توصلت دراسة في هذا المجال قامت بها جامعة أكسفورد بروكس للتغذية السريرية، ألقت باللوم على حقيقة انها تغير في تكوين جزيئات النشا، مما يجعلها أكثر مقاومة للهضم».

وأكدت ثوندري «ان بنية النشا تتفكك بسبب عملية التفريز، مما يستحيل على الانزيمات الهضمية في الفم والامعاء تكسيرها». اردفت، «حتى عندما يذوب الخبز، لا يمكن لتلك النشويات ان تعود الى حالتها الأساسية، لا بل في الواقع تصبح اقل قابلية للهضم».

امر جيد

في الحقيقة، تعتبر هذه العملية جيدة لمعظم الناس، حيث ان النسبة الأعلى من النشا المقاوم تدل على ان الخبز المجمّد لمرة واحدة يتم هضمه بشكل ابطأ من قبل الجسم، مما يؤدي الى ارتفاع في نسبة السكر في الدم بشكل اقل من الخبز الساخن، ومن المحتمل ان يقلل من خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري».

وذكرت ثوندري «ان النشا المقاوم يعني ان جسم الفرد يمتص سعرات حرارية اقل، وبالتالي يتوافر المزيد من الميكروبيوم «بكتيريا الأمعاء» وهو ما يمنح البكتيريا الجيدة شيئا تتكاثر عليه وتتغذى منه».

الخبز «البايت» خيار صحي

وقالت ثوندري: «أجريت دراسة في معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا في أوستراليا تمثلت بخَبِز الخبز الأبيض وتركه في درجات حرارة متفاوتة لمدة اسبوع. ومن ثم اخذ عينات منه، فوجدوا ان الفتات يحتوي على معدلات اعلى من النشا المقاوم من الخبز الطازج»، واشارت الى «انه عندما تتغذى بكتيريا الأمعاء على هذه النشويات، تحولها الى احماض دهنية تقي من سرطان الأمعاء، كما انها تحفّز الهرمونات التي تُخبر الدماغ الشعور بالامتلاء. لذا من الأفضل ترك الخبز في صندوق بدلا من الثلاجة، لأنه كلما جف أكثر كان هضمه أسهل».

تقوم السيدة مرلين بشارة (55 عاما) بشراء حوالى 10 ربطات من الخبز شهرياً وتخزنها في الرفوف السفلية من البراد، وتسحب الارغفة التي تحتاجها كلما ارادت. وقالت لـ «الديار» في الحقيقة انا لا اجمّد الخبز كونه حلا جيدا على الصعيد الصحي، وانما بسبب الظروف التي لا تبقي في جيوبنا المال حتى نهاية الشهر، لذا رأيت انه من الأفضل اتباع هذه الطريقة التي من خلالها أؤمن حاجة عائلتي، كما اشتري أيضا الأسماك المجلدة عوضا عن الدجاج واللحوم، لاحتوائها على معدلات عالية من الاوميغا، وهذا العنصر مهم لنمو أطفالي ولجميع افراد العائلة، الى جانب بعص أنواع الخضراوات التي اقطفها من امام البيت واقوم بتفريزها، مثل السبانخ والبازيلاء والفول الأخضر، كون هذا موسمه».

الفوائد الغذائية للاطعمة المجمدة

على خطٍ موازٍ، هذه قائمة ببعض الأطعمة التي يستحسن شراؤها مجمدة للاستفادة من فوائدها، الى جانب ان الازمة المادية تفرض على كثر شراء ما تيسر وتفريزه، ليكون جاهزا في أوقات الشّدة، لذا سيتم التطرق الى الاصناف التي تعتبر فائدتها الغذائية أعظم عندما تكون مجمدة:

- الفواكه: يمكن شراء الفواكه المجمدة مثل الفراولة والتوت البري والمانجو، وهذه الطريقة تجعلها متوافرة طوال العام، كما انها تحتفظ بقيمتها الغذائية ونكهتها الطازجة، وحل في أوقات نهاية الشهر او عدم القدرة على الشراء.

- الخضراوات: يمكن شراء الخضار المجمدة مثل: البازيلاء، الفاصوليا، البامية، الذرة، البروكلي والارضي شوكي، وهذه الأصناف جميعها تحتفظ بمحتواها الغذائي، ومفعمة بالفيتامينات والمعادن الضرورية.

وبحسب موقع «غيزونده ايرنيرونغ» فان الخضراوات المفرّزة أفضل من تلك الطازجة، عندما يتم نقلها لمسافات طويلة او تحفظ في الثلاجة لأوقات طويلة، عندها تكون مغذية وصحية أكثر. ويفسر خبراء التغذية ذلك «بان الخضراوات المجمدة غالبا ما يتم جنيها قبل ان تنضج، ما يعني انها لم تستهلك محتواها الغذائي بشكل كامل، كما ان المفرّزة أمثل من المعلبة، وهذا ينطبق أيضا على الأطعمة. من جهة ثانية، ان شراء الفواكه والخضراوات والاطعمة المجمدة يساعد على توفير المال.

- السي فود: ينصح بشراء الأسماك والروبيان والمأكولات البحرية الأخرى المجمدة، وتتوافر فيها جودة عالية، وتحتفظ بقيمتها الغذائية، كما انها تعتبر خيارا اقتصاديا ممتازا مقارنة بتلك الأنواع الطازجة، كما انها تؤمن مزيدا من المرونة من جهة التخزين والاستخدام.