الأزمة ترحل "التفرغ".. وأجر الساعة يطيح بـ"إنتاجية" متعاقدي الجامعة

من الآن وحتى جلاء صورة الوضع جنوباً نتيجة التوترات في المناطق المحاذية للحدود، لن تكون الملفات التربوية وحتى الاجتماعية حاضرة على طاولة مجلس الوزراء. وإذا كان رئيس الحكومة يتابع التطورات الأمنية واحتمالاتها عبر اتصالات ديبلوماسية وسط مخاوف من انفلات الأوضاع، فإن عدم مناقشة خطة طوارئ للقطاعات تحسباً لاي تطور أو أزمات محتملة يزيد من الفوضى خصوصاً إذا حدثت موجة نزوح سيكون القطاع التربوي أول المتضررين مع إغلاق المدارس وتحولها إلى أماكن إيواء، كما حصل في بروفة اولية في بعض مدارس الجنوب.


الكلام ليس لإثارة المخاوف، بل للتشديد على أنه لا يجوز للمسؤولين إهمال القضايا الملحة ومنها التربوية والاجتماعية عند كل توتر، فتتعطل السلطة التنفيذية وتقبع الملفات في الانتظار. المصادفة أن حرب غزة وما تلاها من تطورات في الجنوب بدأت مع انطلاق السنة الدراسية في المدارس الرسمية وفي الجامعة اللبنانية، وبرزت مخاوف من حدوث فوضى قد تتمدد في حالات النزوح، وذلك على الرغم من أن التعطيل والإقفال اقتصرا وفق تعاميم وزارة التربية على المدارس والمؤسسات التربوية في المناطق المحاذية الحدودية، وهو ما يطرح تساؤلات عن مصير التلامذة وأهاليهم عند الانتقال من مناطق التوتر في حال حدوث تطورات.

في الواقع، وبينما كانت تتقدم ملفات التربية حول توفير مقومات السنة الدراسية، وتحديد بدل الانتاجية للمعلمين لتأمين استقرار التعليم، جاء التوتر ليضع كل شيء جانباً، خصوصاً ملفات الجامعة اللبنانية، وتحديداً تفرغ المتعاقدين، فإذا لم ينجز هذا الملف سريعاً حتى في الأوضاع الراهنة ستبقى الجامعة تغالب أمام الوضع الصعب، وإن كانت المعالجات خلال الفترة الأخيرة قد قطعت شوطاً مهماً، بدءاً بهيكلة لائحة التفرغ بعد سحب الملف السابق وإعادة تنقيحه انطلاقاً من حاجات الجامعة بعد تحديد ملاكاتها، وهو بات شبه منجز لرفعه إلى الحكومة عبر وزير التربية.


ستؤثر الاوضاع المستجدة بشدة على قطاع التعليم العام والجامعي، خصوصاً في المجال المالي، ومنذ اليوم صار الحديث يتركز على التقشف وعدم القدرة على تأمين الاعتمادات، علماً أن ما توافر في اليد هو مبلغ الخمسة آلاف مليار ليرة الذي صدر بمرسوم، فيما المبالغ المتبقية لدعم التربية معرضة لخطر القطع إذا قصّرت الحكومة أو تغاضت عن الدعم، وبذلك تطلق رصاصة الرحمة على القطاع خصوصاً على الجامعة التي تحتاج إلى ترتيب أوضاعها بعد مجموعة قرارات اتخدت أخيراً لتسيير شؤونها ودعم أساتذتها.


المفارقة أن المراسيم التي أقرتها الحكومة أخيراً للجامعة تبقى مهددة، وإن كانت مجحفة بحق المتعاقدين الذين يستحقون التفرغ. وعند الحديث عن الأزمة في حال تفجر الوضع الأمني، لن يكون هناك رهان على دولة مفلسة تتحمل المسؤولية. الاكيد وفق القرارات التي اتخذت أخيراً أن متعاقدي الجامعة خسروا مبلغ الانتاجية الذي منح لهم شهرياً خلال العام الماضي. وبينما تقرر دفع مبلغ 650 دولاراً بدل انتاجية شهرياً لاساتذة الملاك والمتفرغين، من سلفة الخمسة آلاف مليار ليرة، مع وعود بتأمين مبالغ إضافية من خلال صندوق التعاضد إذا توافرت الاموال له، فإن المتعاقدين حرموا من بدلات الإنتاجية، في مقابل رفع أجر الساعة إلى مليون و300 ألف ليرة مع عقود صادرة بدل عقود مصالحة، وهو ما يسمح بالحصول على تعويض للمتعاقد عند انتهاء عقده، علماً أنهم محرومون من بدلات النقل ومن الرواتب الشهرية ولم يقبضوا بدل أتعابهم منذ أكثر من سنتين.


التوتر يضع استقرار الجامعة كما التعليم على المحك. والمطلوب خطة طوارئ لمواجهة الازمات، كما إعادة النظر بالقرارات قبل الانهيار...