الأساتذة بلا حوافز: مخطط تأجيل انفجار العام الدراسي

بدأت المدارس والثانويات تقفل أبوابها الواحدة تلو الأخرى، وسط عدم قدرة الأساتذة على المجيء إليها. هذا ويستعد أساتذة في مختلف المناطق لإعلان الإضراب أو التمنع عن الحضور إلى المدارس، ولا سيما في مناطق البقاع، مع بدء فصل الشتاء. ففي المناطق الجبلية تحتاج البيوت إلى ما لا يقل عن برميل مازوت شهرياً للتدفئة، يفوق سعره العشرة ملايين ليرة، في وقت لا يتخطى راتب الأستاذ الثلاثة ملايين ليرة.

تمرير الوقت
واقع حال الأساتذة أنهم لم يتلقوا إلا راتب شهر واحد بالشهر الفائت، وسيتلقون مثله الشهر المقبل. وحيال التهديد بالإضراب والتمنع عن الحضور إلى المدارس، سرّعت وزارة المالية إصدار جداول تلقي موظفي القطاع العام المساعدات التي أقرت في الموازنة. وصدرت الجداول يوم أمس الخميس، وذلك عقب اجتماع عقد بين وزيري التربية عباس الحلبي والمالية يوسف الخليل. وستبدأ وزارة المالية بتنزيل المساعدات في حسابات الأساتذة وموظفي القطاع العام بدءاً من منتصف الشهر المقبل. إلى ذلك، وُعد الأساتذة بدفع متأخرات بدل النقل في مطلع الشهر المقبل.

تسير العملية التربوية من خلال سياسة تمرير الوقت إلى حين حصول متغيرات على مستوى البلد، تنقذه، فتعود الحياة إلى التعليم الرسمي. وتقول مصادر مطلعة على المداولات بين وزارة التربية وروابط المعلمين، إن تلقي الأساتذة بدل النقل المتأخر إضافة إلى راتبهم مطلع الشهر المقبل، سيجعلهم يصمدون ويسكتون إلى حين نفاد هذه الأموال في منتصف الشهر. حينها يتلقى الأساتذة، وفق جداول وزارة المالية، مساعدة بقيمة راتبين، تجعلهم يصمدون إلى عطلة عيد الميلاد. وقد يلجأ وزير التربية إلى تمديد فرصة الميلاد من 18 كانون الأول، لتهدئة الوضع. علماً أن الأساتذة سيتلقون في عيد الميلاد متأخرات المساعدات بقيمة راتبين أيضاً. فيعودون إلى المدارس مطلع العام المقبل راضين بما حصلوا عليه. ويعودون ويتلقون مساعدة راتبين في منتصف شهر كانون الثاني وراتبين آخرين في نهايته. وهي متأخرات المساعدات الاجتماعية، التي أقرت لهم في الموازنة من تاريخ الشهر العاشر للعام 2022.

الحوافز مؤجلة
لا حيلة أخرى في جعبة وزير التربية لإنقاذ العام الدراسي، في ظل الظروف الحالية. فأفضل الممكن تأجيل انفجار العام الدراسي إلى مطلع العام المقبل. غير ذلك يصعب إسكات الأساتذة الذين باتوا غير قادرين على تحمل كلفة غلاء المعيشة برواتب لا تكفي للذهاب إلى المدارس. وقد تبلغ الوزير أن الأساتذة "ما معهم مصاري يعبوا بنزين"، أي حتى لو ضغطت أحزابهم عليهم، لن يتمكنوا تقنياً من الحضور إلى مدارسهم.

وتضيف المصادر، أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وعد الروابط ووزير التربية بأن يصار إلى إقرار مشروع تعديل قانون قرض البنك الدولي، لصرفه كحوافز للأساتذة. وقد يستغرق الأمر بعض الوقت. فقد سبق وأخذت وزارة التربية عدم ممانعة شفهية من البنك الدولي لتحويل 15 مليون دولار من مشروع S2R2 (نصفها هبة والنصف الآخر قرض) لدفعها كحوافز للأساتذة. وبعد تلقي وزارة التربية الموافقة الخطية من البنك الدولي، سيصار إلى إعداد قانون لإقراره في المجلس النيابي. ما يعني أن الحوافز لن تصل إلى الأساتذة قبل شهر شباط من العام المقبل، في حال لم تحصل عراقيل سياسية. وأيضاً في حال بقي الوضع في لبنان على حاله ولم ينتخب رئيس للجمهورية ولم تشكل حكومة جديدة. فالحكومة الجديدة تعني إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بما يتعلق بالمسار الذي سلكه الحلبي إلى حد الساعة، لحل إشكالية العام الدراسي وإنقاذه، بالحدود الدنيا المقبولة.

ووفق المصادر، تأجيل انفجار العام الدراسي إلى العام المقبل، أساسي في هذه المرحلة. ولم يتبق من الفصل الأول إلا شهر واحد. ومع بداية العام المقبل، وبدء تلقي الأساتذة حوافز الـ130 دولاراً (قد يصار إلى خفضها عن هذا المبلغ) بحلول شهر شباط، تستطيع وزارة التربية تمرير الأشهر المتبقية من العام الدراسي بأقل الخسائر الممكنة، ويصار إلى إجراء الامتحانات الرسمية، من خلال الاستعانة بالمتعاقدين وبأساتذة التعليم الخاص، كما حصل العام الفائت.