المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
السبت 5 آب 2023 14:31:20
أنجزت وزارة التربية الامتحانات الرسمية لكنها باتت أمام الاستحقاق الأهم المتمثل بانطلاق العام الدراسي المقبل. وكشفت نتائج الامتحانات تعثر التعليم الرسمي خلال السنوات الثلاثة المنصرمة. في العام الدراسي السابق كان القطاع الرسمي متفوقاً في فرعي اقتصاد واجتماع وانسانيات بالامتحانات الرسمية: نسبة النجاح في الفرع الأول بالرسمي 95 بالمئة مقابل 91 بالمئة في القطاع الخاص، وفي فرع آداب وانسانيات كانت نسبة النجاح في الرسمي 80 بالمئة مقابل 67 بالمئة في الخاص. في فرع علوم عامة كانت النسبة بالرسمي 85 بالمئة مقابل 95 بالمئة بالخاص. وفي فرع علوم الحياة النسبة بالرسمي 89 بالمئة مقابل 94 بالمئة في الخاص. أما أسباب تراجع التعليم الرسمي في الآداب والانسانيات مرده إلى الافتقار إلى أساتذة اللغات ولا سيما اللغة الإنكليزية وأساتذة الفلسفة. والاستحقاق الجدي الذي ستختبره وزارة التربية هو هجرة الأساتذة وطلبات الاستيداع والإجازات. فهي بالآلاف ولا إحصاءات رسمية معلنة حولها تكشف الضرر الذي أصاب القطاع.
الحلول المتداولة
الحلول المتداولة في وزارة التربية لمواجهة الأزمة غير كافية لاستمرار القطاع الرسمي. فوزارة التربية لم تضع تصوراً للعام المقبل قابلاً للتنفيذ. وما كُشف عن خطة الوزارة، كما أكد الوزير عباس الحلبي منذ أيام، خلال البحث في الاستعدادات للعام المقبل، يتعلق بدمج المدارس المتعثرة مع مدارس مجاورة. وهذا قد يصطدم بمعوقات طائفية ومناطقية صلبة تعيق تنفيذه. أما عزم الوزارة على إلغاء التشعيب (جمع الطلاب في أقل عدد صفوف ممكن) والحد من ساعات التنسيق واعتماد النصاب الكامل لأساتذة الملاك، لتخفيف الأعباء المالية وتخفيف الحاجة للمتعاقدين أو لأساتذة الملاك، فمجرد حبر على ورق. وسيؤدي عملياً، بحسب تجربة العام المنصرم في كيفية التعامل مع إضراب الأساتذة، إلى التخلي عن أساتذة الملاك ولا سيما في مرحلة الثانوي، حيث استمر إضراب أساتذة الملاك حتى نهاية العام الدراسي.
عدم توحّد الأساتذة على المطالب
وتشير مصادر مطلعة إلى أنه في مقابل تحرك وزير التربية مع الدول المانحة، تعتزم وزارة التربية تنظيم مؤتمر وطني للتربية، بحضور أركان الدولة (مجلس الوزراء والنواب) وممثلين عن الدول المانحة وعن روابط المعلمين في التعليم الرسمي والخاص. ويفترض أن تعرض كل جهة مطالبها من خلال أوراق عمل تتضمن المطالب. وكان يفترض أن ينظم المؤتمر الأسبوع المقبل، لكن تم تأجيله.
وكان يفترض أن تجتمع كل روابط المعلمين لوضع ورقة عمل موحدة حول المطالب. لكن اقتصر الأمر على تحرك مقرري فروع رابطة التعليم الأساسي الذين وضعوا لائحة بالمطالب يوم أمس الجمعة في 4 آب. لكن لا يوجد اتفاق على خطوات عملية لكيفية تحقيق المطالب في حال لم تتمكن الوزارة من تنفيذها. البعض ينطلق من فكرة رفض الإضراب كوسيلة ضغط. حتى فكرة الإضراب بعدم تسجيل الطلاب للعام المقبل لم يتفق عليها. وتجربة العام المنصرم لا تشجع لأن الروابط أمّنت سير الامتحانات الرسمية والمدارس الصيفية، حسب مصادر في الروابط.
أما المطالب المرفوعة فهي تصحيح الرواتب من ضمن الموازنة العامة ليصبح راتب المعلم ليس أقل من 600 دولار واستفادة المعلمين من المساعدة الاجتماعية في "شبكة أمان" ورفع تقديمات تعاونية موظفي الدولة وإلزام الدول المانحة، تحت طائلة عدم فتح مدارس دوام بعد الظهر للنازحين السوريين، لدفع حوافز لا تقل قيمتها عن 250 دولاراً.
المفاوضات مع المانحين
لكن مطالب الأساتذة في مكان وما تتفاوض حوله الوزارة في مكان آخر. فالوزارة تجهد لتأمين بدلات إنتاجية من الدول المانحة شبيهة بالعام المنصرم. ولم تحصل على موافقة حولها. وتكشف المفاوضات الحالية التي تقوم بها وزارة التربية مع الدول المانحة حول كيفية إطلاق العام الدراسي المقبل، عن أن وزارة التربية لا تتعامل مع الأساتذة كموظفين عموميين، بل على اعتبار أنهم جيوش من المتعاقدين والمياومين. فالتقديمات التي طلبتها الوزارة من المانحين لا تشي بأن حال الأساتذة سيختلف عن العام الدراسي السابق، لأن مطالب وزارة التربية من الدول المانحة هي تأمين بدلات إنتاجية بشكل منتظم. والدول المانحة لم تعط موافقة بعد لتمويل بدلات الإنتاجية المرفوضة. وحتى لو أمنت الدول المانحة تمويل ما طلبه الحلبي لدفع الحوافز بالدولار للأساتذة، فهذا لا يعني أن العام الدراسي سينتظم العام المقبل. فمن دون تعديل الدولة اللبنانية رواتب الموظفين ستعجز وزارة التربية عن إطلاق العام الدراسي، تقول مصادر مطلعة في وزارة التربية.
عملياً، في ظل افلاس الدولة، فإن مطالب الأساتذة الآنفة الذكر، تعتبر بعيدة المنال. ما يؤدي إلى الدوران في الحلقة المفرغة نفسها التي كانت في العام الدراسي السابق.