المصدر: نداء الوطن
الكاتب: جوانا صابر
الثلاثاء 4 تشرين الثاني 2025 07:20:28
في زمنٍ صارت فيه الحروب تُخاض عبر الكابلات كما عبر الحدود، يطلّ موضوع الأمن السيبراني كأحد أخطر التحديات التي تواجه الدول والأفراد. لم يعد الهجوم مقتصرًا على المؤسسات الكبرى، بل بات يطول حياة الناس اليومية: من سرقة الحسابات المصرفية، إلى اختراق البريد الإلكتروني، وصولًا إلى شلّ أنظمة دولة بأكملها.
في هذا السياق، يقول الخبير في أمن المعلومات الدكتور سامر حداد أن المعركة الرقمية قائمة كل لحظة. وحين سُئل عن أبرز التهديدات، أوضح أن أخطر ما يجري اليوم هو أن الهجمات أصبحت ذكية وسريعة، ولم يعد المخترق يبحث عن ملفات معقدة بل عن ثغرة صغيرة في هاتف ذكي أو كلمة مرور ضعيفة في حساب مصرفي، وفي لحظة قد تُفقد مدخرات عمر كامل.
وعن مستوى الحماية محليًا، يشير إلى أن الواقع مكشوف أكثر مما يُتصوّر، إذ لا توجد استراتيجية وطنية واضحة للأمن الرقمي، والمؤسسات في الغالب تعتمد على برامج حماية أساسية لا تكفي، حتى إن بعض القطاعات الحيوية تتعرض لمحاولات اختراق بشكل دوري.
أما عن إمكان حماية الأفراد لأنفسهم، فيشدد حداد على أن الوقاية تبدأ من أبسط الأمور: تحديث التطبيقات باستمرار، اعتماد كلمات مرور معقدة، تجنب الضغط على روابط مجهولة تصل عبر البريد أو التطبيقات، وتفعيل المصادقة الثنائية التي تضيف حاجزًا إضافيًا أمام أي محاولة اختراق.
وحول دور الذكاء الاصطناعي في هذه المعركة، يوضح أنه بات سلاحًا ذا حدين، فهو من جهة يُستخدم لكشف الهجمات وتحليل أنماط الاختراق، ومن جهة أخرى يُستغل لابتكار فيروسات أكثر تطورًا وقدرة على التمويه. المستقبل، برأيه، سيشهد سباق تسلّح تكنولوجي مفتوحاً بين الطرفين.
ويختم بالتشديد على أن الأمن السيبراني يجب أن يُعامل كجزء من الأمن الوطني الشامل، وإلا سنبقى عرضة للابتزاز والشلل. المطلوب خطة متكاملة تبدأ بالتوعية في المدارس والجامعات، مرورًا بتدريب الموظفين في القطاعين العام والخاص، وصولًا إلى إنشاء مراكز متخصصة تراقب الفضاء الرقمي على مدار الساعة.
يبدو واضحًا أن الحرب المقبلة ليست فقط على الحدود أو في الاقتصاد، بل أيضًا في العالم الافتراضي الذي يتحكم بتفاصيل حياتنا اليومية. خلف شاشة صغيرة قد تبدأ معركة كبرى، والخيط الفاصل بين الأمان والفوضى قد لا يتعدى كلمة مرور.