الأمن المائي والغذائي «مترابط»... فهل نحن بخطر؟

كتبت شانتال عاصي في "الديار":

يعتبر الأمن المائي والغذائي مترابطا وذا أهمية كبيرة للناس في جميع أنحاء العالم. المياه هي المدخل الرئيسي لإنتاج الغذاء، وبدون الوصول إلى مصادر آمنة وموثوق بها للمياه، يصبح الأمن الغذائي بخطر. كما يعد الغذاء ضروريًا لصحة الناس وتغذيتهم، ويمكن أن يؤدي عدم كفاية الوصول إلى الأطعمة المغذية إلى سوء التغذية ومشكلات صحية أخرى.

يعد ضمان الوصول إلى مصادر آمنة وموثوق بها لمياه الشرب والأغذية تحديًا عالميًا وهو أمر يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا. وتؤكد أهداف التنمية المستدامة على الحاجة إلى الوصول الكافي إلى المياه النظيفة والأغذية من أجل ضمان صحة الإنسان والبيئة. ومن خلال الحلول المبتكرة والتعاون المتزايد ، يمكننا ضمان الوصول إلى هذه الموارد المهمة وإنشاء المزيد منها.

 

معوقات الأمن المائي

بحسب الخبير البيئي البروفيسور «ضومط كامل»، إنّ الأمن المائي هو عبارة عن قدرة الشخص أو إمكان حصوله على مياه نظيفة ومأمونة بالقدر الكافي وبالسعر المناسب، حتى يتمكّن من أن يعيش حياة ينعم فيها بالصحة والكرامة والقدرة على الإنتاج، مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية التي توفّر المياه وتعتمد عليها في الوقت نفسه. بينما يؤدّي انقطاع سبل الحصول على المياه إلى تعرّض البشر لمخاطر كبيرة تتعلّق بالأمن البشري، أبرزها انتشار المرض وانقطاع سبل المعيشة.

أما بالنسبة لمعوقات الأمن المائي، فيمكن أن تشمل تغير المناخ، التوسع الحضري السريع، التلوث، الإدارة غير السليمة لمياه الصرف الصحي، زيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني، عدم الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، والإفراط في استخراج المياه من الأنهار والبحيرات. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض المناطق معرضة لظروف مناخية قاسية مثل الفيضانات والجفاف، والتي يمكن أن تتسبب في مزيد من الاضطراب في إمدادات المياه.

كما يمكن أن تؤدي الأنشطة البشرية مثل الزراعة غير المستدامة وممارسات الصيد، إلى انخفاض الموارد المائية، مما يزيد من تفاقم حالة الأمن المائي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي انعدام الأمن والفقر وعدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق إلى نقص المياه والصراع على الموارد الشحيحة، مما يزيد من صعوبة ضمان توفير المياه والغذاء بشكل كافٍ لجميع الناس.

إنّ تغيّر المناخ يؤدي دوراً كبيراً في الأمن المائي، نظراً الى ما يرافقه من تغيّر في أنماط هطل الأمطار وحدوث مظاهر طقس متطرّفة، وارتفاع مستوى البحر. الأمر الذي يدفع بتسليط الضوء على الخصائص التدميرية للمياه، والتي تتجلّى في العواصف والأعاصير والفيضانات، وحتى الجفاف.

 

أمننا المائي والغذائي بخطر؟

كشف الخبير البيئي أن الأمن المائي والغذائي هما فعلياً بخطر في لبنان بسبب ارتفاع نسبة تلوث المياه وريّ المزروعات بها، مما ينتج منها محاصيل ملوّثة تضرّ بصحة الإنسان والحيوانات. ويعتبر نهر الليطاني وأنهر عكار من أكثر البؤر تلوّثاً والتي تروى بها معظم محاصيل لبنان وبخاصةٍ محاصيل سهل البقاع. أمّا أنهر جبل لبنان والجنوب، فهي بمعظمها صالحة للريّ وتعتبر المزروعات الناتجة ننها آمنة ويمكن تناولها دون خوف.

وبالنسبة للخطر الثاني الذي يهدد الأمن المائي والغذائي في لبنان، فيكمن في تأثير تغيّر المناخ من خلال تراجع نسبة هطل الأمطار والثلوج التي تؤثّر في المحاصيل ومياه الشرب والمياه الجوفية وبخاصة هذا الصيف، بما أننا لم نشهد هطلاً كبيراً للأمطار.

 

تأثير تغير المناخ

في الأمن الغذائي

يؤثر تغير المناخ فعلياً في المكونات الأربعة للأمن الغذائي، وهي توافر الغذاء، وإمكان الوصول إليه، واستخدام الغذاء، واستقرار النظام الغذائي، كما يؤثر بطرق غير مباشرة في العوامل الفيزيائية الحيوية، ومنها نمو النبات والحيوان، ودورة المياه، والتنوع البيولوجي، ودورة المغذيات، وكذا الطرق التي تدار بها الممارسات الزراعية، وطرق إنتاج الغذاء.

وتشير دراسات عديدة إلى أنه من المتوقع أن يقلل تغير المناخ من إنتاج الحبوب بنسبة تراوح بين 1 و7 في المائة بحلول عام 2060، ومن المتوقع أن تتعرض 22 في المائة من المساحة المزروعة بالمحاصيل الرئيسية في العالم إلى آثار سلبية بحلول عام 2050، ووفقاً لذلك، فإنه من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تعرض نحو 170 مليون شخص إضافي لخطر الجوع بحلول عام 2080.