المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
السبت 13 كانون الثاني 2024 14:40:14
عبثا تسأل عن البقعة الجغرافية التي تحصل فيها عمليات الهجرة غير الشرعية، أو عن مجموعات تقوم بأعمال تخريبية أو جرائم أو شغب بهدف إيقاظ الفتنة الطائفية من أوكارها إلا وتكون طرابلس عاصمة الشمال عنواناً لكل هذه الأعمال والممارسات الفتنوية والأخطر أنه يتم تظهيرها على أنها وكرٌ لتنظيمات إرهابية.
آخر هذه الفصول والمؤكد أنها لن تكون الأخيرة، كانت بإحراق شجرة الميلاد في مدينة طرابلس لمرتين متتاليتين. ومع إطفأ أنوارها وتوقيف الفاعلين صدر بيان عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش، أعلنت فيه عن" توقيف المواطنين (س.س) و(و.ب) و(ف.م) والفلسطيني-السوري (ع.خ) والسوري (ز.م)، لإقدامهم على إحراق شجرة الميلاد أمام كنيسة مار جرجس في منطقة الزاهرية – طرابلس وذلك ليل 24-25- 12- 2023". وأكدت المديرية، أن "التحقيق بوشر مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص، وقد اعترفوا بتأييدهم لتنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات المتطرفة الأخرى".
مضمون البيان لم يفاجئ من "رفعوا الصوت وما زالوا لإنصاف مدينة طرابلس التي تُعدّ رمزا للتعايش، ومقاربة الأمور بشفافية ووضوح". لأنهم دأبوا على إلصاق هذه التهمة بأبناء طرابلس. وهذه الصرخة لا تعكس موقفا سلبيا من مؤسسة الجيش اللبناني" لأنهم يعولون عليها لإنصاف أهالي وشباب هذه المدينة المظلومين الذين تستدرجهم بعض التنظيمات، مستغلة فقرهم.
النائب السابق مصباح الأحدب الذي دأب على رفع الصوت والمطالبة بإحقاق الحق ومحاسبة من يكفِّر الجيش اللبناني ويتعرض له بالسلاح الذي حصل عليه من جهات سياسية معروفة يقول لـ"المركزية": "نحن أمام خطة ممنهجة مزمنة لطالما حذرنا منها تنفذها المافيات الحاكمة لشل المرافق الاقتصادية في طرابلس ونشر البطالة فيها، وبالتالي افقار المدينة، ما يسهِّل تحويلها إلى أرض خصبة يستدرجون ويجنّدون شبابها ليجعلوا منها بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف، فيكون مصيرها تهجيرأهلها بذريعة القضاء على التطرف".
والأخطر من كل ما تقدم يضيف الأحدب ان هذه الأمور تحصل في مدينة هي مسقط رأس رئيس الحكومة ووزير الداخلية عدا عن الوزراء والنواب . بالتالي إذا كانوا يعلمون بما يحصل ويُحضّر لهذه المدينة العريقة فهذه مصيبة، وإذا لا عن جهل أو تعمية فالمصيبة أكبر". وفي الإطار يسأل:"عندما وقعت حادثة التلفريك في جونيه حضرالوزير بسام المولوي شخصيا إلى المكان وأشرف على عملية إنقاذ المواطنين، وهذا هو المفروض. لكن بالتوازي لا نرى هذه المبادرات من قبله في طرابلس وكأننا في جزيرة معزولة عن هذا الوطن".
تاريخ مدينة طرابلس الذي يرويه الأحدب يشير إلى أن أبناء الطائفة الأرثوذكسية كانوا موجودين فيها قبل أبناء الطائفة السنية. لكن "أصبح واضحا انه بحجة محاربة الإرهاب تقوم بعض الأجهزة الأمنية بزج شبابنا زورا وظلما في اقبية السجون، وتستخدم بعضهم الآخر بعد تدجينهم واغرائهم بالحماية الأمنية ورخص السلاح، وحفنة من المال، ثم تقوم باستخدامهم وفقا لأجندات خارجية لتشويه صورة طرابلس والباسها ثوب التطرف والإرهاب. هذا المناخ المسموم الذي يخلقونه في البلد وهذا لم يعد مقبولا".
قبل كل ضربة أمنية لطرابلس تنطلق موجة من الشائعات وتبدأ عملية تحضير المناخ والرأي العام. هذا عدا عن الأخبار التي تتفشى من هنا وهناك وتتحدث عن تحضير مجموعات تكفيرية لأعمال إرهابية. "والشائعة الرائجة اليوم في الأوساط الطرابلسية أن الحرب على داعش ستبدأ في طرابلس بعد الإنتهاء من حرب غزة. فإذا صح أن هناك أوكاراً للدواعش في طرابلس، وإذا كانت ثمة قيادات لهذا التنظيم الإرهابي فلماذا لا تسمّي الأجهزة الأمنية الأشياء بأسمائها، ولماذا تكتفي بالإعلان عن أول حرفين من المتهمين بأعمال أمنية والذين اعترفوا بانتمائهم لتنظيمات إرهابية؟"
يضيف الأحدب" هذه الأمور ما عادت مقبولة ولم تعد تنطلي على أبناء طرابلس الذين لا يحتمون بغطاء أي زعيم أو شخصية سياسية مقابل شراء حريتهم وكراماتهم تارة بالمال وتارة بالسلاح. وأؤكد أن لا داعش في طرابلس، بل هناك من هم أخطر من داعش وأكثر فتكا واجراما منهم، وهم أولئك المتواطئون على المدينة من سياسيين وامنيين ومرتزقة، ويعملون ليلا نهارا على خلق الدواعش المرتهنة لهم، لتنفيذ مآربهم ومخططاتهم".
تعتبر طرابلس المدينة الأكثر فقراً والأكثر حرماناً على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إذ تتجاوز نسبة الفقر فيها الـ 70 في المئة. ووفق تقديرات المراقبين والمتابعين للأوضاع في المدينة، فالمنطقة تقف على فوهة بركان إجتماعي وأمني قد ينفجر في أيّ لحظة، فيما تغيب أيّ خطط إنقاذية جدّية من جانب نواب ووزراء المنطقة ورؤساء الحكومات المسجلين على لوائح سجلات النفوس فيها، وبالتالي غياب أدنى مقومات العيش الكريم.
وحتى لا يبقى الصوت المطروح مجرد عرض لواقع سوداوي باتت خلفياته معروفة يرى الأحدب أن الحل الواقعي يتمثل بتفعيل المرافق العامة في طرابلس لخلق وظائف، " فالمنطقة الاقتصادية الحرة يمكن ان تضم ١٦٠ مصنعا يؤمنون الاف فرص العمل لابناء المدينة. من هنا نستنتج ان طرابلس معطلة بقرار سياسي، والمطالبة بتشغيلها يجب ان تتم من قبل نوابها".