الإضراب أو الفريش دولار لمتعهدي المرافق العامة: الجامعة اللبنانية مثالا

تعيش الجامعة اللبنانية منذ بداية العام على وقع أزمة انتهاء عقود التشغيل والتلزيم، التي حظيت بها قبل سنوات شركة "دنش". أنهت الشركة عقدها  لصيانة وتشغيل المباني نهاية كانون الثاني، بعد تمديد العقد لسنوات، من دون تلزيم الأعمال لأي شركة جديدة، والسبب في ذلك، أن العوائد المالية لصيانة وتشغيل الجامعة لم تعد تغري المقاولين بعد انهيار قيمة العملة اللبنانية.

إخلاء أماكن العمل
رفع موظفو الصيانة والتشغيل في مجمع "الجامعة اللبنانية" صوتهم قبل أيام، معلنين إخلاء أماكن عملهم، والامتناع عن إسداء الخدمات لحين الحصول على مستحقاتهم المالية. نجحوا فعلياً في الاتفاق مع رئيس الحكومة، على أن يتسلموا رواتبهم، بانتظار أن  تتمكن  الحكومة من عقد مناقصة جديدة، بحسب ما أكد رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ "المدن". يقول "تم الاتفاق بين الموظفين مع رئاستي الحكومة والجامعة اللبنانية، وقضى القرار بتحويل نحو 3 مليارات ونصف المليار من "الهيئة العليا للإغاثة" إلى "مجلس الإنماء والإعمار"، لتسديد المستحقات المالية عن الشهرين المقبلين، على أن يتقاضوا رواتب الشهر الرابع قبل عيد الفطر".
وبحسب الأسمر، فإن الاتفاق الحالي يساعد في استمرار ديمومة العمل في الجامعة، على الأقل حتى انتهاء العام الدراسي، الى حين إجراء مناقصة جديدة.

صحيح أن الحكومة تمكنت مؤقتاً من تفادي أزمة إضافية في الجامعة اللبنانية عن العمل، ولكن هل ستتمكن فعلاً في خلال شهرين من إجراء مناقصات لتلزيم شركة جديدة بأعمال الصيانة؟الإجابة ببساطة لا.

المطالبة ب"الفريش" دولار
ففي أفضل الأحوال، وإن تمكنت الجامعة اللبنانية ومعها الحكومة من إجراء مناقصات لاستدراج عروض لتشغيل مجمع الحدث، فإن المقاولين لن يرغبوا بتولي هذه المهمة في ظل الميزانية التي يتم وضعها للجامعة اللبنانية، والتي لا تتعدى 22 مليار ليرة بحسب ما يؤكده مصدر من الجامعة اللبنانية.

يقول لـ "المدن": على الرغم من أن الجامعة سعت إلى إجراء مناقصات لكنها باءت بالفشل، إذ أن الأموال التي يتم رصدها لاقيمة لها بالنسبة إلى الشركات العاملة في هذا المجال". ويضيف" يسعى المقاولون للحصول على أموالهم بالفريش دولار، وقد سبق وطالبت الجامعة اللبنانية بتحويل ما لا يقل عن 10 ملايين دولار لتسيير شؤون المجمع، لكن الحكومة رفضت ذلك".

خطوة الحكومة التي اتخذتها في المرحلة الراهنة بتسوية شؤون الموظفين، ماهي إلا خطة هروب من مواجهة العشرات من شركات المقاولات التي تسيّر عمل المرافق العامة في لبنان.

بحسب المصدر، فإن  استمرار رفض شركات المقاولات الدخول في مناقصات الجامعة اللبنانية، سيجبر الحكومة على تخصيص ميزانية بالفريش دولار للمتعهد لاستكمال عمله، ولكن إن سارت الحكومة في هذا الاتجاه، فإن العشرات من شركات المقاولات الأخرى التي تشغل المرافق العامة كافة ستلجأ إلى استخدام سلاح "الإضراب العام"، لحين استلام مستحقاتها بالفريش دولار. وهذا أمر لن تتمكن الحكومة من تنفيذه، وفي حال رفضت الحكومة تحويل الأموال بالفريش دولار، فإن إقفال الجامعة اللبنانية سيكون أمراً واقعاً مع انعكاسات اجتماعية خطيرة.

قصة "دنش"
في العام 2016، أي قبل الأزمة الاقتصادية، وقعت الحكومة انذاك، ممثلة بمجلس الإنماء والإعمار، عقداً لتلزيم شركة "دنش" أمور تشغيل وصيانة وتنظيف مجمع الجامعة اللبنانية. بموجب العقد كان على الشركة الالتزام بتقديم الخدمات حتى العام 2019 مقابل صفقة بلغت حينها 25 مليون دولار.  

بعد بدء الأزمة ، حاولت الشركة تغيير بنود العقد والاتفاق على عقد جديد، لكن الحكومة حينها، تحايلت على القوانين والتشريعات، ومددت عمل الشركة حتى نهاية آذار 2020، وبعدها مدد العقد ثلاث مرات. ولكن في العام 2022، لم تتمكن الحكومة من تسديد الأموال الملقاة على عاتقها، بحسب ما يؤكد بيان للشركة، على الرغم من أن الشركة تشير إلى أنها خلال السنوات الماضية وتحديداً بعد الأزمة تحملت فرق سعر الصرف، وتحديداً فيما يخص ملف المازوت لإنارة المجمع  وتشغيل أدوات المختبرات والسكن الجامعي، واستمرت الحكومة في عدم تسديد المستحقات، ما دفع شركة "دنش" إلى الإعلان عن توقف أعمالها بداية العام الحالي.

أزمة كل المرافق العامة
بعيداً عن مصير تشغيل مجمع الجامعة اللبنانية ومحاولة شركة "دنش" الضغط غير المباشر للحصول على العائدات بالدولار الأميركي، فإن أزمة جديدة ستطال كافة شركات المقاولات المولجة الإلتزام بتسيير شؤون المرافق العامة، إذ وبحسب المصدر، فهناك ما لا يقل عن 5 شركات تعهدات تدير مرافق عمومية، تنتهي عقودها ما بين شهر حزيران وتموز المقبلين، ما يعني أن اللبنانيين سيكونون على موعد مع إقفال العديد من المؤسسات الرسمية، إلا إذا تمكنت الحكومة من تحديد سقف سعر الصرف وتثبيته، أو الالتزام بتوقيع عقود جديدة بالدولار "الفريش".