"الإعلان الكبير"... كيف وضع ترامب نفسه في "مأزق"؟

وضع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، نفسه في "مأزق" بعد أن ألمح إلى أنه سيصدر إعلان خوض سباق الرئاسة في الـ15 من نوفمبر الجاري، في توقيت يأتي بعد الخسائر التي تعرض لها المرشحون الجمهوريون الذين دعمهم في سباق الانتخابات النصفية.

ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي كواليس ما جرى من محادثات بين ترامب ومستشاريه وقادة جمهوريين خلال الفترة التي سبقت انتخابات الثامن من نوفمبر، وتحدث الموقع عن "المأزق" الذي وضع نفسه فيه الآن.

وكان ترامب أعلن عشية الانتخابات أنه سيصدر "إعلانا كبيرا للغاية" في 15 نوفمبر، لكن الموقع ينقل عن مستشاريه أن هذا التوقيت لم يكن رغبته في الأساس، فقد كان ينوي إصدار إعلان الترشح عشية يوم الانتخابات، أي في السابع من نوفمبر، قبل أن يتدخل قادة الحزب لإثنائه عن اتخاذ هذا القرار خشية أن يؤثر سلبا على أداء الجمهوريين في الانتخابات.

ويقول الموقع إن نتائج الانتخابات النصفية كانت "بمثابة كارثة للجمهوريين وترامب شخصيا، ولكن بسبب وعده قبل الانتخابات النصفية، شعر ترامب بأنه مضطر للمضي قدما في إعلان حملته الرئاسية لعام 2024 في الموعد الذي حدده بالفعل".
ويقول بعض مستشاري ترامب إنه عانى من "أكبر ضرر لمكانته السياسية منذ أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير".

وتشير بعض استطلاعات الرأي، التي أجريت بعد الانتخابات، إلى تراجع شعبيته في أوساط المحافظين.

ووفق نتائج استطلاع أصدرتها منظمة "Club for Growth" المحافظة، يتقدم حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، على ترامب في ولايتي أيوا ونيو هامشير، أول ولايتين ستصوتان في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وكذلك يتقدم عليه بفارق كبير في فلوريدا وجورجيا، وفي الأخيرة تجرى جولة إعادة في 6 ديسمبر لمقعد في مجلس الشيوخ يتنافس عليه حليف لترامب.

ووصفت "بوليتيكو" هذه النتائج بأنه "طلقة تحذيرية" ضد الرئيس السابق عشية إطلاق حملته للرئاسة، التي يفترض أن يعلن عنها الثلاثاء.

والمنظمة المحافظة، التي كانت يوما حليفة لترامب، تشير بهذه النتائج إلى أنها قد تدعم خصمه الجمهوري الذي فاز بولاية جديدة حاكما لفلوريدا، والذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه منافسه على نيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقبلة، رغم أنه لم يعلن نيته خوض السباق.

وفي استطلاع آخر للناخبين الجمهوريين المحتملين في تكساس، يتقدم حاكم فلوريدا على ترامب بنسبة 11 نقطة.

وقال ديفيد ماكنتوش رئيس "Club for Growth" في بيان.: "يجب على الجمهوريين أن يتحدوا وراء مرشح قوي ومنصة تُظهر للناخبين حلولا حقيقية لهزيمة بايدن والديمقراطيين في عام 2024.

وتُظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين الجمهوريين يرون أن إهانات ترامب للجمهوريين جوفاء وتؤدي إلى نتائج عكسية، وتؤدي إلى خسائر كبيرة.

وأضاف ماكنتوش أن الاستطلاع يشير إلى أن ترامب "يستطيع مساعدة الجمهوريين" بتأجيل إعلانه المتوقع يوم الثلاثاء إلى ما بعد جولة الإعادة في جورجيا.

وتعرض مرشحون كبار، أيدهم ترامب، لخسائر كبيرة في سباقات 8 نوفمبر، من أبرزهم المرشح لمنصب حاكم ولاية بنسلفانيا، دوغلاس ماستريانو، الذي شارك في التظاهرة المؤيدة لترامب التي انتهت باقتحام مبنى الكابيتول.

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، بعد أن حصل الديمقراطيون على الأغلبية في مجلس الشيوخ إن النتيجة كانت رفضا صريحا "للاتجاه المناهض للديمقراطية والسلطوي والمشين والمثير للانقسام" الذي قدمه ترامب وأنصاره.
ويقول موقع أكسيوس  إن ترامب عندما وعد بـ"إعلان كبير للغاية" في 15 نوفمبر كان في الواقع يعرض حلا وسطا لمستشاريه.

ويشير إلى أنه في صباح  السابع من نوفمبر، أي قبل يوم واحد من الانتخابات، أبلغ ترامب مساعديه أنه يعتزم الإعلان عن حملته تلك الليلة في دايتون بولاية أوهايو خلال تجمع حاشد.

وقال مستشار لترامب للموقع إن ترامب كان يعتقد أنه بإعلانه الترشح ليلة الانتخابات، يمكنه زيادة فرصه في الحصول على التقدير الذي يشعر أنه يستحقه.

ويقول الموقع إنه رغم توقعه أداء جيدا للجمهوريين في الانتخابات، إلا أن ترامب كان أقل تفاؤلا من بعض مستشاريه، ولم يكن واثقا من تحقيق "الموجة الحمراء" وكان يشعر بأن قضية الإجهاض مشكلة للجمهوريين، أكثر مما اعتقد مستشاروه أنفسهم.

واستبعد ترامب مساعدين اعتقدوا أن أداء المرشح الديمقراطي لمقعد مجلس الشيوخ في بنسلفانيا، جون فيترمان، في المناظرة أمام مرشح ترامب، محمد أوز، أنهى فرص الأول في السباق.

وإزاء رغبته الإعلان عن ترشحه ليلة الانتخابات، شعر العديد من مساعدي ترامب، ومن بينهم السيناتور الجمهوري البارز، ليندسي غراهام بالقلق، لأن من شأن هذه الخطوة تشجيع الناخبين الديمقراطيين على التصويت، والإضرار بفرص الجمهوريين بشكل عام.

لذلك تحركوا سريعا لإقناعه بالعدول عن موقفه، وفي النهاية استجاب ترامب لهذه المطالب، وأعلن تأجيل خططه حتى يوم 15 نوفمبر.

ومن ذلك الحين، شن ترامب علنا هجمات عنيفة ضد كبار المسؤولين المحافظين، خاصة حاكم فلوريدا، وابتعد عن بعض حلفائه ومستشاريه القدامى.

وأبلغ العديد من حلفاء ترامب "أكسيوس" أنهم فكروا في ما إذا كانوا سيدعمون ترامب في حملته المتوقعة للرئاسة.

ويشير التقرير إلى أن إثناء ترامب عن إعلان حملة الرئاسة عشية الانتخابات أنقذه من إلقاء اللوم عليه أكثر مما يحصل الآن بسبب ضعف أداء الحزب الجمهوري.

لكن وعد ترامب بـ"إعلان كبير جدا" بعد الانتخابات النصفية يجعله يخاطر بالظهور ضعيفا إذا تراجع عن هذا الوعد.

ومع ذلك، يعتقد بعض مستشاري ترامب أنه من الحكمة أن يؤجل إعلانه الرئاسي إلى ما بعد جولة الإعادة في جورجيا.

لكن يبدو أن ترامب لن يتراجع عن قراره. وقال مصدر آخر مقرب منه: "لسبب ما عالق في رأسه، يشعر أنه يتعين عليه القيام بذلك". 

وقال مصدر مقرب من ترامب إن "أسوأ" شيء بالنسبة لحملة ديسانتيس الرئاسية المرتقبة هو تأجيل ترامب إعلان الترشح، لأن الأول سينظر إليه على أنه المرشح الأوفر حظا وسيكون محط هجوم الجميع.

وأضاف المصدر أن أفضل شيء بالنسبة لحاكم فلوريدا هو "دخول ترامب السابق الآن، ثم يبقى ديسانتيس بعيدا لفترة من الوقت، ويدير ترامب سباقا ضد نفسه للأشهر الستة المقبلة".

وقال مستشار قديم لترامب لموقع أكسيوس إنه "لو أجل الإعلان، ستدمره وسائل الإعلام التي ستعتبره ضعيفا، وربما يسبب له التأجيل المزيد من الضرر على المدى الطويل".