المصدر: النهار
الثلاثاء 4 آذار 2025 06:32:15
مع أن مدة الزيارة لا تتجاوز الـ18 ساعة تقريباً فقد بدا واضحاً أن لقاء الرياض المسائي الذي جمع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اكتسب دلالات وأبعاداً مفصلية شبه تأسيسية للعصر الجديد من العلاقات الوثيقة والموثوقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
فبحسب كل المعطيات التي واكبت زيارة الرئيس عون واجتماعه مساء أمس في الرياض مع الأمير محمد بن سلمان، والذي لن تتضح بطبيعة الحال نتائجه التفصيلية فوراً بل ستترك لبرمجة لبنانية – سعودية متدرجة، يمكن الاستخلاص بأن الصفحة الجديدة المصوّبة والمصححة من العلاقات التي نالت منها إساءات لا تنكر في المرحلة الماضية بسبب استئثار تحالف داخلي – إيراني بالسلطة السابقة في لبنان، قد فتحت فعلاً ورسمياً وعملياً في لقاء الرئيس عون وولي العهد السعودي، علماً أن زيارة رسمية ثانية سيقوم بها الرئيس عون للرياض ويرجح أن يرافقه وفد وزاري واسع لتوقيع الاتفاقات الثنائية المعدة بين البلدين.
وبات في حكم المؤكد أن لقاء عون وولي العهد يعتبر الانطلاقة الجديدة في العلاقات السعودية- اللبنانية وتطويرها على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل حرص قيادتي البلدين على تعزيز أواصر العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين وتطوير التعاون في مختلف المجالات عبر الاتفاقيات الجديدة التي يتوقع إبرامها خلال الفترة المقبلة.
وكان الرئيس عون أعرب فور وصوله إلى الرياض عن سعادته لزيارة المملكة العربية السعودية في أول زيارة له خارج لبنان منذ انتخابه رئيساً للجمهورية. وقال “إن تلبيته دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز فرصة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية- السعودية وهي مناسبة أيضاً للإعراب عن تقدير لبنان للدور الذي تلعبه المملكة في دعم استقرار لبنان وسلامته وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، إضافة إلى المساعدات التي تقدمها المملكة للبنان في مجالات عدة”.
وأشار إلى أنه “يتطلع بكثير من الأمل إلى المحادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي سوف تمهد لزيارة لاحقة يتم خلالها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ستكون مناسبة لشكر المملكة على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا إليها منذ سنوات بعيدة ولا يزالون، وساهموا في نهضتها العمرانية والاقتصادية”.
ومن المقرر أن يتوجه الرئيس عون صباح اليوم إلى القاهرة للمشاركة في القمة العربية التي سوف تتطرق إلى الوضع اللبناني وتحديداً إلى الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، في بيانها الختامي.
وعلى صعيد تفعيل العلاقات العربية اللبنانية أيضاً تسلّم أمس رئيس الحكومة نواف سلام دعوة من نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمشاركة في قمة الإعلام العربي التي ستقام في شهر أيار المقبل في دبي، نقلها إليه القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان فهد الكعبي.
وزار سلام مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى أن الرئيس سلام أكد خلال اللقاء أن “الحكومة بدأت بورشة الإصلاح في لبنان بعد نيلها الثقة، وأنها ستستنفر كل علاقاتها العربية والدولية لانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة، حتى الحدود الدولية المكرسة باتفاقية الهدنة”.
وشدّد على أن “ترسيخ مفهوم الدولة بمؤسساتها هو الأساس في عملها، وسيلمس المواطن في الأشهر القليلة المقبلة مستوى جديداً من الأداء الحكومي والخدمات، وسيكون همّنا الأساسي مصلحة اللبنانيين وتخفيف الأعباء عن كاهلهم، وإعادة لبنان إلى دوره الريادي وإقامة أحسن العلاقات مع الأشقاء العرب والدول الصديقة والحريصة على لبنان الدولة والمؤسسات والشعب”.
ووعد سلام المفتي دريان واللبنانيين بأن “الحكومة ستولي عناية خاصة بالملفات المهمة وفي طليعتها القضايا المعيشية إضافة إلى الماء والكهرباء والطرق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي خصوصاً أموال المودعين، وتطبيق العدالة في كل الملفات وإملاء الشواغر بالأكفأ والأصلح والحفاظ على التوازن وحقوق الجميع. وعلى وجه الخصوص إنصاف السجناء الذين لم يحاكموا منذ سنوات والبعض منهم تجاوز ما يمكن أن يصدر بحقه أحكام، وأعني هنا ملف ما يطلق عليه اصطلاحاً بالموقوفين الإسلاميين، فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها فيعاقب المسيء ويفرج عن الآخرين”.
ووسط تصاعد الدفء في الأجواء اللبنانية العربية انبرت وزارة الخارجية الإيرانية للإعلان أن علاقاتها مع لبنان “جيدة وتعالج الملفات الثنائية بانفتاح وعبر الحوار”، مشيرة إلى أن “هذا النهج سيستمر”. وأضافت “أن نتائج ما جرى في لبنان وسوريا وما تفعله إسرائيل واضح للجميع وعلينا العمل لتحقيق الأمن الجماعي”.