المصدر: لوريان لوجور
الكاتب: غيوم بوديسو
الاثنين 13 تشرين الأول 2025 13:27:20
بعد مرور شهرين على دخول قانون الإيجارات غير السكنية الموقّعة قبل تموز 1992 حيّز التنفيذ، ما زال الغموض يلفّ آلية تطبيقه بين المالكين والمستأجرين على حدّ سواء. فالتعديلات الكثيرة التي أدخلت على النص خلال عام 2025 أربكت الطرفين، وأدخلت آلاف العقارات التجارية – من محالّ ومكاتب ومطاعم ومصانع – في حالة من الترقب والانتظار.
مستأجرون ضائعون في التفاصيل
رمزي، الذي يدير بقالة صغيرة في منطقة قريبة من فندق الكومودور في بيروت، يقول إن والده استأجر المتجر منذ عام 1967، لكنه اليوم لا يعرف على أي أساس سيُحتسب الإيجار الجديد.
«هل سيكون وفق نسبة 8 في المئة من قيمة العقار؟ أم 5 في المئة كما ورد في النسخة الأخيرة من القانون؟» يتساءل رمزي قبل أن يضيف: «لا أعرف كل التفاصيل بعد، ولم يتواصل معي المالك بعد. هل يجب أن أبادر أنا؟».
أما عمر، وهو مستأجر صالون حلاقة في منطقة مار إلياس منذ نهاية الستينات، فيحاول التكيّف مع القانون الجديد. «إيجاري الحالي 600 ألف ليرة لبنانية فقط، أي نحو سبعة دولارات في السنة! أعلم أن السعر سيرتفع، لكني لا أريد أن أفقد هذا المحل. وفق القانون الجديد، قد يصبح الإيجار نحو 60 دولارًا شهريًا في السنة الأولى». ومع ذلك، يضيف مبتسمًا: «المالك لم يتصل بي، لذا أفضل الانتظار».
المالكون بدورهم في حالة ترقّب
من جهة المالكين، تبدو الصورة مشابهة.
تينا، وهي شريكة في ملكية مبنى مكاتب في الأشرفية، تقول: «مرّ أكثر من شهرين على صدور القانون ولم يتواصل معنا أي من المستأجرين القدامى. بعضهم يشغل المكاتب منذ أيام جدي».
لكنها تشير إلى أن بعض المالكين بدأوا بتنظيم أوضاعهم: «كلّفنا شركة تقييم عقاري لتقدير القيمة السوقية للعقارات المستأجرة، ووضعنا جدولًا للإيجارات الجديدة. ومع ذلك، نفضّل المرونة لأننا لا نريد أن نخسر المستأجرين. إذا طبقنا القانون حرفيًا، سترتفع الإيجارات عشرة أضعاف أو أكثر. لذلك، نميل إلى الحلول الودية»
اتفاقات رضائية بدل النزاعات
العديد من المالكين اختاروا الحل التفاوضي لتفادي النزاعات القضائية.
يقول عبدو عويدات، المدير العام لمركز "جفينور" للأعمال في كليمنصو: «بدأنا التفاوض مع المستأجرين منذ منتصف 2025 حتى قبل صدور القانون، بهدف الحفاظ على التوازن بين الطرفين».
ويضيف: «كانت الصيغة الأولى تعتمد نسبة 8% من قيمة العقار لتحديد الإيجار، وهي نسبة مرتفعة جدًا. لذلك وجدنا حلًا وسطًا يرضي الجميع». ووفق قوله، فقد تم تعديل نحو 60% من العقود القديمة في المركز، و«غالبية المستأجرين أبدوا تعاونًا ملحوظًا».
الخوف من اللجوء إلى المحاكم
سلام، مالكة مكتب في منطقة الحمرا، تقول إنها تفضل التسوية على النزاع القضائي. «إيجاري الحالي زهيد جدًا – نحو 25 ألف ليرة شهريًا – لكن لا أريد معارك قضائية. أتمنى أن يتفهم المستأجر الوضع الاقتصادي ويقبل بتسوية عادلة».
وتضيف تينا مثالًا من تجربتها: «توصلنا مؤخرًا إلى اتفاق مع مستأجر قديم كنا في نزاع معه منذ سنوات. وافق على إخلاء المحل مقابل وقف الملاحقة القضائية. نأمل أن يتعاون ثلث المستأجرين على الأقل بالطريقة نفسها».
خيبات أمل لدى بعض المالكين
غير أن كثيرين من المالكين لا يخفون إحباطهم من النسخة الأخيرة للقانون.
يقول سليمان سرحال، وهو شريك في ملكية مبنى تجاري في الحمرا: «القانون الجديد ألغى البند الذي يسمح للمالك باستعادة محله بعد سنتين مقابل تجميد الإيجار، وهذا يعني أننا سنضطر إلى اتباع إجراءات طويلة ومعقدة إذا لم يتعاون المستأجر».
ويضيف كريم، مالك متجر بمساحة 150 مترًا مربعًا قرب الجامعة الأميركية في بيروت: «المستأجر الحالي يدفع 250 دولارًا في السنة فقط، فيما قيمة العقار تبلغ 5 آلاف دولار للمتر المربع. أنا مستعد للتسوية على أساس 4 آلاف، لكن القانون يرفع الإيجار إلى 2500 دولار شهريًا! لا أريد أن يورّث ابني هذه المشاكل».
في انتظار التطبيق العملي
بين مالكٍ متردد ومستأجرٍ قلق، تبقى الصورة ضبابية. فالجميع ينتظر الترجمة العملية للقانون الجديد، الذي يبدو أنه فتح بابًا واسعًا للتفاهمات الفردية أكثر من تطبيق موحد، وسط أزمة اقتصادية خانقة تجعل من كل عقد إيجار معادلة دقيقة بين البقاء والإفلاس.