المصدر: النهار
الكاتب: سكينة السمرة
الخميس 6 آذار 2025 09:14:42
مع كل نقرة، وكل تطبيق، وكل منصة رقمية نستخدمها، نقترب أكثر من عالمٍ مليء بمخاطر الاحتيال الرقمي المتعدد الشكل والوجه. فمجرمو الإنترنت لا يتوقفون عن تطوير أساليبهم، مستفيدين من الذكاء الاصطناعي لسرقة معلوماتنا وبياناتنا وأموالنا. ومع استمرار المنصات الرقمية في التوغل أكثر داخل نسيج حياتنا اليومية، تزداد تهديدات الأمن السيبراني والاحتيال الرقمي الذي يتنوع بين نصب وخداع أو ابتزاز واختراق.
في عام 2023 ساهم نظام مكافحة التصيد الاحتيالي التابع لشركة "كاسبرسكي" في إحباط أكثر من 709 ملايين محاولة للوصول إلى مواقع التصيد الاحتيالي والاحتيال، وهو ما شكّل زيادة بنسبة 40 في المئة عن العام السابق، ما أشار إلى الاتجاه التصاعدي في هذا المجال.
مؤخراً، في حادثة ضجّ بها الوسط العربي، والمصري خصوصاً، وإن كان المبلغ 6 مليارات دولار (303.9 مليارات جنيه مصري) الذي يقدره بعض المصادر المصرية أو قرابة 2 مليون جنيه مصري وفقاً لما ذكر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن هناك شيئاً واحداً مؤكداً أن عملية احتيال منصة "FBC" في مصر كانت ضخمة، حتى وصفت بأنها أكبر عملية احتيال من نوعها في المنطقة.
ومع ذلك، فإن العملية التي نفذتها "FBC" ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في المنطقة العربية. ففي الأشهر الأخيرة، تسببت عمليات احتيال كبرى في الكويت بخسارة المستثمرين قرابة 130 مليون دولار من خلال منصة وهمية تسمى "بيتكوين الكويت"، بعد تورط نحو 2900 مواطن في الشراء من العملة، ثم فقدوا أموالهم. وبالمثل، في لبنان، حرى خداع آلاف أشخاص من منصة تسمى "بايتيسي"، والتي اختفت بين عشية وضحاها بعد الاحتيال بملايين الدولارات.
وفي تفاصيل قضية "FBC"، فلقد اجتذب المخطط المستخدمين بتكتيكات خادعة ولكنها مقنعة، وأغراهم بوعود بأرباح سريعة لمهمات بسيطة مثل نشر مقاطع الفيديو، وفقاً لـ"فوربس". علاوة على ذلك، استغلت العملية الاحتيالية ثقة أشخاص معروفين داخل المجتمع المصري واستخدمتهم للترويج لشركة وهمية. وقبل انهيار المنصة في شباط/فبراير 2025، كانت قد قدمت نفسها ككيان مرخص يركز على تطوير البرمجيات والتسويق الرقمي، وجذبت المستخدمين من خلال حملات إعلانية على منصات مثل "واتساب" و"فايسبوك".
لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط زيادة غير مسبوقة في الاحتيال عبر الإنترنت مدى العقد الماضي، عندما استغل المحتالون الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدول والتقدم التكنولوجي والثغرات التنظيمية لجمع مكاسب غير مشروعة. وبدورها أدت هذه الاحتيالات إلى تآكل الثقة بالمشهد الرقمي بشكل خطير.
وليس بعيداً، كان تقرير صادر عن منصة "KnowBe4"، كشف أن ما يناهز 40 في المئة من مستخدمي الأجهزة الذكية في أفريقيا تعرضوا لخسائر مالية نتيجة عمليات احتيال إلكتروني. واستند التقرير إلى دراسة أُجريت في ايلول/سبتمبر 2024، تضمنت عينة مكونة من 800 مستخدم للأجهزة الذكية تراوح أعمارهم بين 30 و60 عاماً في 7 دول أفريقية هي المغرب، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، وغانا، ومصر، وكينيا، وبوتسوانا.
واليوم يعتبر الذكاء الاصطناعي مساعداً رئيسياً في تطور عمليات الاحتيال، إذ يساعد في تسهيل عمل أصحابها، على سبيل المثال، من خلال إنشاء محتوى مزيف وإعلانات ومواقع إلكترونية تبدو حقيقية لخداع الضحايا.
وكان انتشار وباء "كوفيد 19" ساهم في اللجوء إلى التجارة الرقمية في الأسواق الناشئة، واستخدام أساليب جديدة في التحويلات مثل محافظ الدفع الرقمية ورمز المسح "QR Code" والعملات الرقمية والتحويلات من طرف لاخر "P2P"، باختصار دفع أكثر نحو التحول إلى الحياة الرقمية بحسناتها وسيئاتها.
حمل الانتقال السريع إلى العالم الرقمي في البلدان العربية السلبيات كما الإيجابيات. فبينما فتحت العوالم الرقمية أبوابها أمام هذه البلدان، جلبت معها الكثير من التحديات. وفي حين أنها حسّنت بشكل كبير تجارب الدفع والتسوق وعززت الاقتصاد الرقمي في المنطقة والتسويق والتواصل الرقمي، إلا أنها ساعدت في جعل المجتمع عرضةً للاحتيال بمجموعة متنوعة من الهجمات والأساليب المعقدة، في آنٍ واحد.