الاستحقاق الرئاسي معلّق بحبال حرب غزة والجنوب: الحرب لها أثمان متبادلة

بات لبنان الشغل الشاغل للمجتمع الدولي، في ظل زحمة الموفدين الدوليين، وما بينهما من اجتماع اللجنة الخماسية في قصر الصنوبر، وصولاً إلى العودة المرتقبة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، لكن سيسبقه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي سيزور تل أبيب وقد يعود إلى بيروت، ولا سيما إن كان حاملاً إيجابيات.

وتشير المعلومات من بعض المواكبين والمتابعين على الساحة الداخلية، إلى أن هوكشتاين يركز في زيارته لإسرائيل على شق أساسي، ألا وهو احتواء الوضع في الجنوب، ثم الشروع في ترتيبات للقرار 1701 وأقله وقف إطلاق النار، والهدف من ذلك ثني إسرائيل عن القيام بأي عمل حربي كبير تجاه لبنان، بعدما ارتفع منسوب التصعيد العسكري، وصولاً إلى ما قاله كبار المسؤولين الدوليين من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، محذرين من مغبة قيام إسرائيل بعدوان كبير على لبنان استناداً الى أن لديهم معلومات موثوقة وصلتهم في هذا الإطار. لذلك فإن هوكشتاين وإن كان يشدد على ردع إسرائيل عن القيام بهذا العمل، فإنه يهدف وفق الأجواء المسربة من المتابعين للاستحقاق الرئاسي، إلى فتح كوة رئاسية، لأنه في حال حصول وقف لإطلاق النار في الجنوب سيسلك طريقه الإيجابي، لأن كل سفراء الخماسية يؤكدون في مجالسهم، أن حرب الجنوب وغزة لها التأثير المباشر على دورهم وحراكهم، وبالتالي غياب اللجنة الخماسية عن اللقاءات والتحركات في تلك المرحلة. لذا فهوكشتاين سيكون له دور في الاستحقاق الرئاسي من خلال مساعيه الآيلة إلى ترتيب الأوضاع في الجنوب، إذا نجحت جهوده في تل أبيب، وإن كانت أكثر من جهة مطلعة تستبعد ذلك، بما في ذلك مرجع سياسي بارز، قال في نهاية الأسبوع المنصرم لبعض المقربين منه، وأمام بعض الأصدقاء، إن الحرب طويلة وطويلة جداً، وردّد: لا تعوّلوا على الجهود الدولية وتحديداً الأميركية، فالحرب ستبقى قائمة إلى حين الاستحقاق الانتخابي الأميركي، وبناءً على ذلك لن يفعل شيئاً هوكشتاين فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيستغل الوقت الضائع إلى حين الانتخابات الأميركية، ليقوم بعمل عسكري كبير في الجنوب، وأن التقارير التي تصل من هناك، تشير إلى خراب ودمار غير مسبوقين في الأيام الماضية من خلال استعمال إسرائيل أسلحة نوعية، وهذا ما أثير مع بوريل الذي قال إنه مطلع على الأجواء، وسيقوم بدوره من أجل ردع إسرائيل عما تقوم به في جنوب لبنان وغزة، وأكد للذين التقاهم أن هذا هو العنوان الأبرز له في هذه المرحلة، قبل أن يحال إلى التقاعد.

السفير اللبناني السابق في واشنطن أنطوان شديد قال لـــ"النهار"، "إن زيارة الموفد الأميركي مهمة جداً ومفصلية في هذا التوقيت، في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن عدوان واسع على لبنان، وهذا ما سمعناه من أكثر من زائر لبيروت في الأيام المنصرمة، وثمة تحذيرات وتقارير ومخاوف وقلق ينتاب الجميع من قيام إسرائيل بعدوان كبير، وربما ذلك يؤدي إلى حرب الساحات أو تشتعل المنطقة برمتها، لذلك هذه الزيارة تهدف إلى منع توسيع الحرب والتهدئة وتحديداً على الساحة اللبنانية، لأن موضوع غزة يتعاطى به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى آخرين من الإدارة الأميركية أو من الديبلوماسيين الدوليين والغربيين، لذا مهمة هوكشتاين صعبة ومعقدة في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وثنيه عن هذه الحرب، فإنني أعتقد أن ثمة ترتيبات للقرار 1701 لإعادة التهدئة، وبالتالي الخلاف هو على بعض النقاط، والجميع مطلع على ذلك ويواكبه ويتابعه وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري".

ويتابع شديد: "إن الحرب لها أثمان متبادلة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والمسألة ليست بهذه السهولة، لذلك سنترقب ونواكب زيارة هوكشتاين وما ستؤدي إليه من نتائج، ليُبنى على الشيء مقتضاه، لا سيما أنه سيحاول إقناع نتنياهو بعدم توسيع الحرب، وخصوصاً في لبنان والأردن، بعدما تحولت إلى استنزاف، وسنترقب أيضاً الانتخابات الرئاسية الأميركية لأهميتها على مسار الشرق الأوسط ولبنان، لذا المرحلة ليست بهذه السهولة لكنّ ثمة سباقاً كبيراً بين الجهود الديبلوماسية التي يقوم بها هوكشتاين وموفدون آخرون والميدان".

ويبقى أخيراً، أن زيارة هوكشتاين للمنطقة قد لا تشمل لبنان إذا اصطدمت جهوده بالفشل في إسرائيل، وإن كانت هناك أجواء ومعلومات عن اتصالات تجري من أجل زيارته لبيروت بعد زيارته لإسرائيل، لإطلاع المسؤولين اللبنانيين على أجواء لقاءاته في إسرائيل، وقد يعرج إلى العاصمة اللبنانية إن كانت لديه أجواء يمكن البناء عليها، والاتصالات جارية عبر السفيرة الأميركية ليزا جونسون التي التقاها رئيس مجلس النواب بري، والتركيز كان على الوضع في الجنوب لأن ذلك هو هدف زيارة هوكشتاين، وإمكانيات زيارته لبنان، وبالتالي التواصل مفتوح على مصراعيه بين الجانبين.