الاستحقاق الرئاسي يعيد رسم العلاقات الدولية للبنان: الانفتاح الخليجي حاضر!

بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي، تنطلق ورشة تشكيل الحكومة الجديدة اعتباراً من صباح يوم غد الاثنين، مع الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها الرئيس جوزاف عون.

وعشية توافد الكتل النيابية إلى قصر بعبدا، لإبلاغ رئيس الجمهورية باسم مرشّحها لتشكيل حكومة العهد الأولى، قرّر نواب قوى المعارضة تسمية النائب فؤاد مخزومي لتولّي هذه المهمّة، في وقت، طرح النائب ابراهيم منيمنة نفسه مرشّحاً، على أن تعلن باقي الكتل مواقفها تباعاً خلال الساعات المقبلة.

وبانتظار حسم هوية الرئيس المكلّف في ختام اليوم الطويل للاستشارات، حضر هذا الملف بين الرئيس عون ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي زار بعبدا، مهنّئاً، على رأس وفد من المفتين.

رئيس الجمهورية، الذي جزم أنّه لم يأت للعمل في السياسة بل لبناء دولة، أمل بتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن من أجل وضع الأمور على السكة الصحيحة، والبدء ببناء جسور الثقة مع الخارج، "الذي علينا أن نستعين بمساعدته لا أن نستقوي به على الداخل"، كما قال.

من جهته، أثنى المفتي دريان على إنجازات عون خلال تولّيه قيادة الجيش اللبناني، وأعلن تبنّيه كل ما ورد في خطاب القسم، داعياً النواب إلى تسمية الشخصية الأصلح لتولّي مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة، حيث اعتبر أنّ الأسماء المطروحة كلّها جيدة.

على خطّ آخر، كرّس انتخاب العماد جوزاف عون عودة الانفتاح العربي والخليجي على لبنان، فواصل رئيس الجمهورية تلقّي المزيد من الاتصالات وبرقيات التهنئة، أبرزها من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي دعاه لزيارة المملكة.

عون شكر بن سلمان وأكّد أنّ المملكة العربية السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، إيماناً منه "بدورها التاريخي في مساندة لبنان والتعاضد معه وتأكيداً على عمق لبنان العربي كأساس لعلاقات لبنان مع محيطه الإقليمي".

اتّصال آخر لا يقلّ أهمية، تلقّاه الرئيس عون من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، اتفقا خلاله على اتّخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح السفارة الإماراتية في بيروت. وقد أكد عون حرصه على مواصلة ترسيخ علاقات البلدين خلال المرحلة المقبلة، مثمّناً مواقف الإمارات الداعمة للبنان على مختلف المستويات.

كما أبرق مهنئاً أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي أشاد بالعلاقات التاريخية والمتميزة التي تجمع البلدين، مبدياً حرصه على تعزيزها.

دولياً، تبلّغ رئيس الجمهورية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أنّه سيزور بيروت لتهنئته يوم السبت المقبل، مؤكداً دعم المنظمة الدولية للبنان في المجالات كافة.

بدوره، اتّصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برئيس مجلس النواب نبيه بري، لتهنئته بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكداً التزام فرنسا بدعم لبنان في كل المجالات لا سيما الجيش اللبناني، والحرص على تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، واعداً بزيارة لبنان في القريب العاجل.

بدوره، شكر بري فرنسا على "وقوفها الدائم الى جانب لبنان ومشاركتها في قوات اليونيفيل وفي اللجنة الخماسية لمراقبة اتفاق الهدنة، مشدداً على "أهمية الإلتزام بوقف النار وإنهاء الخروقات الاسرائيلية وانسحاب إسرائيل ضمن مهلة 60 يوماً من كل الأراضي اللبنانية".

وسط هذه الأجواء، حطّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يوم أمس السبت، في العاصمة السورية، تلبية لدعوة قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، في زيارة هي الأولى لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ 15 عاماً.

وبعد خلوة ثنائية تلت محادثات موسّعة بين الجانبين اللبناني والسوري، قال ميقاتي إنّهما اتّفقا على التعاون في تأمين الحدود البرية ومتابعة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، ومعالجة ملفَّي المفقودين اللبنانيين في سوريا والنازحين السوريين في لبنان.

من جهته، أكد الشرع أنّ مسألة الحدود تأتي على رأس أولوياته، وقال إنه ناقش مع ميقاتي مسألة الودائع السورية في المصارف اللبنانية، داعياً الشعب اللبناني إلى نسيان العلاقة السورية السابقة في لبنان، وما تبعها من علاقات سلبية لأنّ هناك "فرصة لبناء علاقة إيجابية".

بدورها، أكدت وزارة الخارجية السورية في بيان، أنّه تمّ الاتفاق مع الوفد اللبناني على استرداد جميع المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، وتأمين الحدود، والتعاون في مكافحة المخدرات، وتشكيل لجان مشتركة على مختلف المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية.