المصدر: نداء الوطن
الكاتب: ألان سركيس
الجمعة 6 كانون الاول 2024 07:12:06
تعتبر الفترة المحددة بـ 60 يوماً من الهدنة الاختبار الأقسى لكل من لبنان وإسرائيل، إذا انتهت بسلاسة يعني الانتقال إلى مرحلة أخرى قد ينتج عنها وقف دائم لإطلاق النار.
يشكّل الجيش اللبناني حجر الزاوية في اتفاق وقف إطلاق النار والتأسيس للمرحلة المقبلة، وعلى الرغم من نشر بنود الاتفاق الذي تمّ توقيعه بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية، تبقى بعض البنود غامضة والتي كانت الأساس في قبول إسرائيل بالهدنة.
مهما حاول "حزب الله" تصوير نفسه منتصراً، إلا أن عدم قدرة أهالي القرى الحدودية على العودة، وحجم الدمار والخراب في المناطق واستمرار تفجير إسرائيل للمنازل والأنفاق، وخسارة القيادات وعلى رأسهم الأمين العام لـ "الحزب" السيد حسن نصرالله، وإجباره على التراجع إلى شمال الليطاني ومن ثمّ تسليم سلاحه لاحقاً، أكبر دليل على الخسارة الفادحة التي تلقاها.
وبعيداً من السياسة، رُميت كرة نار ملتهبة بين أيدي الجيش اللبناني، الذي يستكمل إعادة انتشاره في الجنوب والسيطرة على بعض النقاط، لكن هذه العملية تحتاج وقتاً طويلاً وقد تفشل خصوصاً إذا عمد "حزب الله" على التذاكي على الاتفاق.
يبدو القرار الدولي واضحاً، لا وجود لـ "حزب الله" في جنوب الليطاني، والعمل على بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وحصر السلاح في يدها، وإذا لم يمتثل "الحزب"، فالحرب عائدة.
لا يستطيع الجيش اللبناني لوحده القيام بهذه المهمة المفخخة بالألغام، ويحتاج إلى دعم عربي ودولي. وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية المسلّح والداعم الأول للجيش، تليها بريطانيا التي رفض "حزب الله" وجودها في لجنة المراقبة المولجة متابعة تطبيق الاتفاق.
وفي السياق شنّ "حزب الله" منذ أشهر حملات على الوجود البريطاني في لبنان والدور الذي يقوم به، علماً أنّ وجوده تقني وليس عسكرياً.
فقد لعبت لندن الدور الأبرز في حماية حدود لبنان الشرقية والشمالية في وجه "داعش" والإرهاب، وساهمت في تدريب وتجهيز أفواج الحدود البريّة، وكانت من أهم داعمي الجيش.
وعلى رغم الحملة التي يشنها "حزب الله" على البريطانيين، فقد علمت "نداء الوطن" أن التعاون سيستمر بين البريطانيين والجيش اللبناني، وهناك اتفاقات موقّعة تصبّ في خدمة الجيش اللبناني، خصوصاً أن جميعها كناية عن هبات ومساعدات، ولا تراجع عن قبولها.
وإذا كان الدور البريطاني برز في البقاع ووادي خالد، إلا أن للجنوب حصّة كبيرة من التعاون لمساعدة الجيش في تنفيذ الانتشار وإمساك الأرض وإنقاذ لبنان من مجازر جديدة وتكرار حرب التدمير.
وفي السياق، تتمثّل المساعدة البريطانية بشكل أساسي، في دعم الجيش لتحقيق مراقبة صارمة للوضع على الأرض. ويملك الجيش مراكز مراقبة جنوباً، لكنها باتت قديمة، لذلك سيعمل البريطانيون على تجهيزها وتركيب ماكينات حديثة للمراقبة.
لن يتمّ بناء أبراج مراقبة ظاهرة على الحدود الجنوبية، بل مراكز في داخلها سلالم للرصد والتعقّب، وستمنح لندن لبنان تقنيات حديثة ستمكّن الجيش من معرفة كل التحركات على الأرض.
عملية الرصد والمراقبة أكثر من ضرورية في مهام الجيش جنوباً، لكن الدعم البريطاني لن يتوقّف على هذا الأمر، بل سيشمل تدريب الجيش على التقنيات الحديثة. وعندما يتمّ تنظيم دورات تطوّع لعناصر جديدة وفق الخطة التي رسمها قائد الجيش العماد جوزيف عون والقائمة على تطويع 6000 عنصر، حيث أقرّت الحكومة تطويع 1500 عنصر في مرحلتها الأولى، سيكون الجيش البريطاني ركناً أساسياً في تدريب هذه القوات.
إذاً، ستحضر بريطانيا في جنوب لبنان تدريباً وتجهيزاً وستقدّم المساعدات اللازمة للجيش ولن يكون هناك تواجد لقواتها، وسينتشر الجيش و"اليونيفيل" بشكل محكم، وسيتم الإشراف على الهدنة عبر رئيس لجنة المراقبة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز .
أما السؤال الذي لا يمكن إلا لـ "حزب الله" الإجابة عنه، هو كيف يرضى "الحزب" بلجنة مراقبة برئاسة أميركي ويرفض البريطاني؟ وكيف يكون الانتصار إذا كان "الشيطان الأكبر" (بحسب أدبيات "حزب الله") هو من سيشرف على انسحابه من جنوب الليطاني، الأمر الذي كان يعتبره السيد حسن نصرالله أمراً تعجيزياً يومها حين قال: "إن تغيير مجرى الليطاني إلى الحدود أسهل من انسحاب "الحزب" من جنوب الليطاني".