المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 2 حزيران 2020 15:29:05
في جلسته الأخيرة التي عقدت الأسبوع الفائت في قصر بعبدا، أعاد مجلس الوزراء إحياء مشروع إنشاء معمل كهرباء في بلدة سلعاتا البترونية، طبقا لما كان يريده التيار الوطني الحر، فيما بدا وكأنه اتفاق سياسي أبرم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب في خلوتهما الدورية، قبيل الجلسة، ، طبقا لما اراد التيار الوطني الحر، مع العلم أن الاقدام على هذه الخطوة في هذا التوقيت الاقتصادي الخطير يستوجب استملاك عدد من الأراضي، ما يعني زيادة الانفاق على عاتق الدولة، فيما التقشف مطلوب إلى أقصى الدرجات في وقت المفاوضات الشاقة مع صندوق النقد الدولي مستمرة.
وفي السياق، ذكّرت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" أن قراءة متأنية بين سطور قرار مجلس الوزراء العودة إلى الخطة التي أقرتها حكومة الرئيس سعد الحريري تفيد ليس فقط بأن حكومة الرئيس دياب تراجعت عن قرار سابق لها (اتخذته في 14 أيار الفائت، وينص على البدء بمعمل الزهراني، على أن يصار إلى التركيز على سلعاتا إذا دعت الحاجة)، وإن حاول دياب إعطاء انطباع مخالف بقوله إن قرار 14 أيار يندرج في سياق خطة الكهرباء ولا يتعارض معها. بل إن المصادر لفتت إلى أن مجلس الوزراء وجه رسالة شديدة السلبية إلى المجتمع الدولي والبلدان المانحة في مؤتمر سيدر. ذلك أن بدلا من اتخاذ القرار الجريء بوضع قطار الاصلاحات على السكة، إنطلاقا من قطاع الكهرباء، وإعادة تنظيم المالية العامة بهدف خفض العجز، أصرت بعض المكونات الحكومية على تمرير مشروع سلعاتا في إطار الصراعات التقليدية وتصفية الحسابات الضيقة على الساحة المحلية.
وفي السياق عينه، لفتت المصادر إلى أن قرار سلعاتا يأتي معطوفا على عدد من المطبات، ليس أقلها التناقض المرعب في الأرقام المتعلقة بخسائر مالية الدولة بين ورقة الحكومة وتلك المقدمة من مصرف لبنان وجمعية المصارف، إضافة إلى العجز عن ضبط التهريب على المعابر غير الشرعية، مع العلم أن كلاما يصح وصفه بالخطير صدر في هذا المجال في خلال الأيام والأسابيع الماضية، أبرزه ذاك الذي أعلنه عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط في مؤتمره الصحافي الأخير.
هذه الصورة المطبوعة بالتشاؤم تدفع مسؤولا لبنانيا سابقا إلى توقع المزيد من الانهيارات واستبعاد حصول لبنان على المساعدات الدولية، على الأقل في المدى المنظور، على وقع تباطؤ حكومي واضح في إطلاق مسار الاصلاحات، كما في نزع سطوة حزب الله عن القرار السياسي للبنان، بدليل ما أعلنه مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر في حديثه إلى قناة "العربية" عن أن الحكومة الحالية هي حكومة حزب الله، وأن العقوبات الأميركية ستطال الكيانات الداعمة له، وهو ما أعلنته سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا. كل هذا يدفع المسؤول عينه إلى استبعاد نجاح المفاوضات الدولية، ومبادرة الحكومة إلى قذف كرة المسؤولية إلى ملعب مصرف لبنان والقطاع المصرفي، على اعتبار أن هذا القطاع عارض الخطة الحكومية، معتبرا أن أرقامها خاطئة... مشهد سوداوي ليس في الافق ما يبدده.