المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 25 نيسان 2025 16:53:57
يتجهّز المحقّق العدلي في قضيّة تفجير المرفأ، القاضي طارق البيطار، للتعاون وتبادل المعلومات مع الوفد الفرنسي الذي سيصل إلى العاصمة بيروت مطلع الأسبوع المقبل، على أن يستكمل بعدها جلسات استجواب الشخصيّة السياسيّة الأخيرة المتبقية، بالإضافة إلى عدد من القضاة، وذلك بعدما أنهى، اليوم الجمعة 25 نيسان، استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وتركه من دون اتخاذ أيّ إجراء قانوني.
استجواب دياب
مَثُل دياب أمام المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، بحضور وكيله القانوني الوزير السابق رشيد درباس، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد، وقد تُرك من دون اتخاذ أي إجراء قانوني بحقه.
حضر دياب جلسة استجوابه من دون أن يتم تبليغه وفقًا للأصول، إذ لم تتمكن المباحث الجنائيّة المركزية من تبليغه بسبب وجوده خارج الأراضي اللبنانيّة، لكنه، بعد عودته إلى بيروت، زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، الذي نصحه بحضور هذه الجلسة، ثم التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأكد درباس بعد انتهاء جلسة الاستجواب، أن حضور دياب كان ناتجاً عن حرصه على أن لا يكون سببًا لعرقلة التحقيق، وأكد في بداية جلسته أمام البيطار على حقوقه الدستورية والقانونية لجهة الصلاحية وانعدام المسؤولية. وشدد درباس على أن النقطة الأساسية التي شرحها دياب للبيطار هي أنه حوّل قضية المرفأ إلى المجلس العدلي بعد حدوث الانفجار، مما يعني أنه لا يتنصل من أي مسؤوليّة. كما إشار إلى أنه سيدلي أمام المجلس العدلي لاحقًا بحصرية الصلاحية للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو واثق من أنه قد لا يحتاج إلى ذلك، لأن المجلس العدلي سيمنع عنه المحاكمة.
ومع مثول جميع الشخصيات السياسيّة أمام البيطار، يتبقى الوزير السابق غازي زعيتر، قبل أن تبدأ مرحلة استجواب القضاة ومن ثمّ ختم التحقيقات. تشير معلومات "المدن" إلى أن زعيتر لم يحسم قراره بعد، ومن المرجح عدم حضوره جلسة الاستجواب، خصوصًا أن الرئيس نبيه بري كان قد طلب من الشخصيات السياسيّة التمنع عن المثول أمام البيطار، بحجة أن المرجع المختص هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ومع ذلك حضر جميع من تم استدعاؤهم إلى التحقيق جلساتهم لأسباب عدة، أهمها إظهار تعاونهم مع القضاء اللبناني، وتجنب إصدار مذكرات إلقاء قبض بحقهم في الفترة اللاحقة. ومن المتوقع أن تُؤجل جلسة استجواب زعيتر إلى بداية حزيران المقبل، وذلك بسبب الدورة العادية لانعقاد المجلس النيابي التي ستنتهي في أيار المقبل، وقد تُحدد جلسة الأسبوع المقبل لاستجواب أحد القضاة المطلوبين إلى التحقيق.
وبالتزامن، يصل الوفد الفرنسي المؤلف من قاضيين من دائرة التحقيق في باريس إلى لبنان يوم الإثنين 28 نيسان، حيث سيلتقي بالبيطار لمدة ثلاثة أيام متواصلة، ليُسلّمه التقرير المفصل بالمعطيات التي توصل إليها التحقيق الفرنسي الذي انطلق بعد أيام قليلة من انفجار الرابع من آب، وذلك بسبب سقوط ثلاث ضحايا من الجالية الفرنسية وعدد من الجرحى، إضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بهم.
التقرير النهائيّ
وتشير مصادر قضائيّة لـ"المدن" إلى أن فرنسا تعاونت مع القضاء اللبنانيّ في قضية المرفأ، وسبق وأن سلّمت ثلاثة تقارير خلال السنوات الماضيّة، الأول كان تقريرًا مفصلًا حول نتائج فحوص التربة التي أجرتها فرنسا في المرفأ، والثاني كان عبارة عن صور الأقمار الصناعية، أما الثالث فكان تقريراً تقنياً وفنياً حول مرفأ بيروت، أما الرابع والأخير فسيسلّم للبيطار يوم الإثنين المقبل، ولم توضح المصادر عن مضمون التقرير الأخير مؤكدةً أنه خلاصة ما توصلت إليه فرنسا في تحقيقاتها طيلة الخمس سنوات الماضية.
وسيُعرض في التقرير النتائج التي أعدها خبراء فرنسيون في الأمن والأدلة الجنائيّة، بعد إجراء مسح شامل لموقع الانفجار في المرفأ وأخذ عينات من هناك. وحسب معلومات "المدن"، هناك عدة دول تعاونت مع البيطار، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية التي قدمت عدة تقارير فنيّة، كما أن روسيا قدمت مجموعة من صور الأقمار الصناعية في تاريخ الرابع من آب العام 2020، وكل هذه التقارير تم ضمّها إلى ملف تحقيقات المرفأ.
القرار الاتهاميّ
وتأتي هذه الزيارة تلبية للدعوة التي قدمها القضاء اللبنانيّ للجانب الفرنسي للاطلاع على التحقيقات الفرنسية في قضية المرفأ. وحسب معلومات "المدن"، بعد انتهاء مرحلة استجواب القضاة، سيبدأ البيطار التعاون مع عدة دول قبل إنهاء التحقيقات، وسيرسل استنابات إلى أكثر من دولة أوروبيّة، للحصول على معلومات إضافية حول باخرة "روسوس"، شحنة النيترات ومسارها والشركات والأشخاص الذين اشتروها، وهذه المعلومات ستحسم الكثير من الأمور التي لم تكن واضحة بعد لدى البيطار. وحسب معلومات "المدن"، القرار الاتهاميّ سيصل إلى المجلس العدلي بصورة متكاملة، وسيكون معززًا ومستوفيًا كل الأدلة الواجب تضمينها هذا الملف، وسيذكر حقيقة ما جرى في الرابع من آب وكل التفاصيل المتعلقة بلحظات الانفجار. علمًا أنه مع تسلّم البيطار تحقيقاته وضع عدة فرضيات حول هذا الانفجار، ومع توسع التحقيقات باتت الصورة واضحة أمامه، وسيذكر في القرار الاتهاميّ كل التفاصيل المتعلقة بالباخرة وبشحنة النيترات وبأسباب الانفجار، وبوجهة شحنة النيترات وكل الأدلة التي تُدين كل من تسبب بهذا الانفجار.