المصدر: الديار
الكاتب: أميمة شمس الدين
السبت 16 تشرين الثاني 2024 09:28:54
يعد قطاع التجارة الإلكترونية حديث العهد في لبنان، لكنه استطاع بفترة قياسية أن يسجّل نموًا واضحًا مقارنة بالقطاعات الأخرى رغم الأزمات التي تعصف بالاقتصاد.
راجت فكرة شراء السلع والخدمات عبر الإنترنت لدى المستهلك اللبناني في ظل انتشار كوفيد-19 وما ترافق معها من تدابير اغلاق وازدهرت مع حرب اسرائيل على لبنان في ظل القصف التي يطال المناطق اللبنانية ، حيث برزت المتاجر الإلكترونية للتسوق كحل للتجار والمستهلكين في آن، الأمر الذي رفع الطلب على التسوق الإلكتروني وسرّع نمو هذا القطاع، كم ساهمت الأزمة الإقتصادية بتنشيط البيع اونلاين ورغم الأداء المقبول، أرخت الأزمة الاقتصادية بظلالها على هذا القطاع كما غيرها من القطاعات الاقتصادية وعانت الشركات والتجار من نقص البضائع بسبب تراجع الاستثمار المدفوع بالأزمة المالية ولاسيما احتجاز الأموال في المصارف وعدم قدرة التجار على تأمين الدولار لشراء البضائع المستوردة بغالبيتها.
كما وجد بعض التجار الذين أغلقوا محالهم بسبب الأزمة الاقتصادية السوق الإلكترونية ملاذًا لتصريف البضائع المتبقية. ولجأت الكثير من الشركات لمنصات التواصل الاجتماعي للبيع عبر الإنترنت مع تخصيص كوادر بشرية للتواصل مع الزبائن والإجابة عن تساؤلاتهم.
وإذا كانت هذه العملية تتسم بالسرعة القصوى في تنفيذ عملية الشراء، وكذلك في أسعار السلع المنخفضة، ولكن في الوقت عينه، تشوبها مخاطر الجرائم الإلكترونية أو عمليات الغش والمتمثلة في النصب والإحتيال من خلال عرض بعض البضائع عبر موقع ألكتروني وهمي و بعد اختيار السلع المناسبة من قبل الزبائن ترسل الأموال بواسطة اابطاقات الإئتمانية و لكن البضائع لا تصل إلى مشتريها، بالإضافة إلى مشكلة أخرى تتعلق بإرسال سلع لا تتمتع بجودة السلع المعروضة على الموقع او من ماركات أخرى.
وفي المعلومات التي حصلت عليها الديار أن وزارة الإقتصاد والتجارة تتلقى الكثير من الشكاوى على الخط الساخن غالبيتها تتعلق بحالات غش وخداع، حيث ان ما يُعرض على الصفحات يختلف كليًّا عما يتسلمه الزبون. والمشكلة تكمن في ان الصفحات لا تقبل رد السلع في حال عدم رضى الشاري على جودتها وهنا الوزارة تتدخل وتصل الى حلول عادة، وفي حال عدم الوصول الى حل تحيل المتحايلين على القضاء المختص وهنا أيضاً لا بد من الإشارة إلى عمل مكتب جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي الذي يلاحق المتحايلين الذين ينشئون الصفحات لأيام معدودة لإتمام عمليات النصب ومن ثم يختفون.
حول عمليات الغش اونلاين ومن يراقب هذه التجاوزات وهل هناك قوانين ترعى هذه الأمور وحول أهمية قطاع المعلوماتية ودوره في دعم الإقتصاد اللبناني والتحديات التي يواجهها القطاع في ظل الاحداث الأمنية المتصاعدة، أكد رئيس جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان كميل مكرزل في حديثه للديار على انه يوجد قوانين تختص في موضوع الغش اونلاين ،"والقانون 81/2018 الذي صدر في 2018 يحارب هذه الآفة وكذلك يوجد قوانين تحمي الاشخاص لناحية اذا كانوا يشترون من لبنان" مشيراً الى ان هذا القانون اي 81/2018 وهو يتعلق بالبيانات ذات الطابع الشخصي والتوقيع الالكتروني وما شابه.
ويشرح مكرزل " اما اذا اشترى الشخص اي بضاعة من الخارج بواسطة الاونلاين، وهناك الكثير مما يشترون عبر الاونلاين وتبين لسبب او لاخر ان هناك غشا في البضاعة المشتراة، فيجب عندها ان نرى الـ policy الخاصة بكل "سايت"، إذ يوجد هناك policy او سياسة معينة توضع وتهدف الى حماية الاشخاص الذين يقعون في هذا الغش".
واضاف: " كما هو معروف فان قطاع المعلوماتية والاتصالات هو القطاع الوحيد في لبنان الذي ما زال " يقف على رجليه"، ولكن يعاني هذا القطاع من نقص دائم في اليد العاملة ويعود سبب ذلك ان كل الذين يتخرجون من الجامعات اللبنانية الكبرى المتخصصة تراهم يتدربون لمدة سبعة اشهر في لبنان ومن ثم يحصلون على فرص عمل في الخارج فيتركون البلد او يعملون أونلاين من الداخل. "ولهذه الاسباب نلاحظ ان قطاع المعلوماتية والاتصالات في حاجة الى يد عاملة بشكل كبير".
وهنا يقول مكرزل " قبل العام 2019 كان لبنان قد خرج حوالي 13,500ألف شخص يعمل في المعلوماتية ومنهم 8.500 آلاف يعملون في لبنان و5000 آلاف يعملون في الخارج وهؤلاء يمسكون بابرز مراكز المعلوماتية في البلدان العربية، "ولكن بعد العام 2019 اي بعد الثورة وازمة كورونا وتدني مستوى الليرة، توسعت الهجرة من البلد وبقي نحو 5 آلاف شخص يعمل في المعلوماتية في لبنان بينما يعمل نحو 8.500 آلاف في الخارج، ولهذا السبب فان السوق المحلي بحاجة ماسة الى خبراء في قطاع المعلوماتية".
وبالنسبة الى دعم قطاع المعلوماتية للاقتصاد قال مكرزل: منذ اربعة او خمسة أشهر أعلن المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد ابو حيدر وفي خلال ورشة عمل في السراي الحكومي عن مكننة او "تحول رقمي" في ادارتين من ثلاث ادارات في وزارة الاقتصاد والتجارة.،"وطبعا جميعنا يعلم ان مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة وقد خطا الدكتور ابو حيدر هذه الخطوة ونامل ان تخطو الوزارات كلها الى هذا التحول الرقمي المميز".
كما اشار مكرزل إلى " أن وزارة التنمية الادارية والوزيرة نجلا الرياشي قررت اعطاء هبة بقيمة ملايين من الدولارات لكي يتم تطبيق استراتيجية التحول الرقمي والتي اقرت في اخر جلسة لمجلس الوزراء قبل ان تستقيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي،" وهذا يعني ان الدولة اللبنانية ستحصل على التمويل في هدف تطبيق استراتيجية التحول الرقمي، وهذا الامر من شأنه أن يدعم الاقتصاد بشكل ملحوظ ومضطرد لأن للمكننة إيجابيات كثيرة وخصوصا انها تمنع الفساد".
ورداً على سؤال حول كيفية حماية قطاع المعلوماتية قال مكرزل " بالنسبة الى حماية هذا القطاع في الظروف الأمنية والاقتصادية خصوصا وانه من اهم القطاعات في البلد واذا حصل حوادث امنية او غيرها يمكن للشركات ان تعمل أونلاين ولاسيما المبرمجين او الاشخاص الذين يحمون الامن السيبراني او الذين يسيرون الامور أكان ذلك في المؤسسات العامة او في الشركات الخاصة وحتى يمكن للموظف ان يقوم بالصيانة في "السوفت وير" من منزله ومن دون حاجة للتنقل".
وختم مكرزل مؤكداً على " ان قطاع المعلوماتية والاتصالات هو القطاع الواعد وهو الذي سيجعل الاقتصاد اللبناني معافى ومزدهر من جديد".