المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 14 تشرين الثاني 2025 23:41:52
إثار مضمون التحقيقات الليبية التي سُلّمت إلى الجانب اللبناني استياء واسعاً في لبنان بسبب مضمونها الذي لم يقدم أي معلومة جديدة.
وبعدما شهدت العلاقة اللبنانية - الليبية تحولًا كبيرًا نحو الطريق الصحيح في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن الأمور عادت إلى الصفر، بسبب انتهاء القضاة من الاطلاع على مضمون التحقيقات الليبية المتعلقة باختفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، والذي تبيّن أنه لا يحتوي على أي معلومة تؤدي إلى الكشف عن مصير المفقودين في ليبيا.
صدمة قضائية وسياسية
كشفت مصادر قضائية لـ"المدن" أن التحقيقات الليبية شكلت صدمة لدى القضاة بعد التدقيق فيها. فالملف الذي سُلّم إلى لبنان خلال زيارة الوفد الليبي الأخير في الأول من تشرين الثاني الجاري، لم يتخط الـ150 صفحة. وهو عبارة عن تحقيقات أجريت مع مشتبه بهم، وغالبيتهم من حراس وشهود على جثةٍ أثبت الجانب الليبي بنفسه من خلال فحوصات الحمض النووي أنها تعود للمعارض الليبي منصور الكيفيا، وليست للإمام موسى الصدر. وهذه التحقيقات اطلع عليها مقرر لجنة متابعة قضية الصدر، القاضي حسن الشامي منذ سنوات، أي أن التحقيقات التي سُلمت إلى لبنان بعد سنوات من المطالبة بها، هي تحقيقات قديمة.
في المقابل، تشير معلومات "المدن" إلى أن القضاء اللبناني يملك معلومات ومعطيات تؤكد أن ليبيا أجرت تحقيقات موسعة بعد سقوط نظام معمر القذافي، ولكنها تتمنع عن تسليم هذه التحقيقات منذ سنوات، بالرغم من وجود مذكرة تفاهم بين البلدين موقعة في 11 آذار العام 2014. وعلى الرغم من الاتفاق على تفعيل هذه المذكرة في الزيارة الأخيرة للوفد الليبي لبيروت، والتي نتج عنها تخفيض كفالة هانيبال القذافي للحد الأدنى، وخروجه من مديرية قوى الأمن الداخلي التي أمضى فيها 10 سنوات، إلا أن العلاقات الليبية - اللبنانية تعثرت مجدّدًا.
مراسلة قضائية جديدة
وبحسب معلومات "المدن"، فإن القضاء اللبنانيّ يتجه إلى تحويل مراسلة للجانب الليبي خلال يومين، عبر قناة التواصل بممثل النيابة العامة الليبي القاضي عبدالرحمن أبو بريق، الذي وقّع بنفسه على محضر التسلم والتسليم في بيروت، وصرّح بشكل رسميّ أن الملف الذي سلمه للجانب اللبناني هو ملف كامل، وذلك ليُطلب منه استكمال التحقيقات، ولاعطائه خيوطًا أو إشاراتٍ إما نابعة من التحقيقات التي سلمها للبنان، أو من خلال المعطيات التي سبق وأن توصلت إليها لجنة متابعة قضية الإمام الصدر على مدى سنوات طويلة.
وتأتي هذه الخطوة وسط آمال لدى القضاء اللبنانيّ، بعد تحويل هذه المراسلة، في أن يكون التعاون الليبي أكثر جدية، وأن يقدم كل ما هو مطلوب منه، تمامًا كما تعهد الوفد الليبي في زيارته الأخيرة لبيروت، لأن عدم تسليم لبنان التحقيقات كاملةً، وعدم التعاون معه للكشف عن مصير هذه القضية تحديدًا، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة تتمثل برفض لبنان تطبيع العلاقات مع ليبيا، أي أن العلاقات لن تُفتح معها إلا بعد حلّ هذا الملف العالق منذ العام 1978.
لا قيمة مضافة في التحقيقات الليبية
وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها "المدن"، فإن المراجع المعنية بقضية الامام الصدر، اطلعت على ملخص التحقيقات الليبية، وموقفها كان مطابقًا لما جاء في بيان لجنة متابعة قضية الامام موسى الصدر ورفيقيه الذي نشر صباح اليوم الجمعة 14 تشرين الثاني، وجاء في مضمونه: "يمكن القول اختصارًا وجزمًا أن ما تسلمناه من الجانب الليبي لا يشكل أي قيمة مضافة ولا يمثل أي تقدم في العمل في القضية. بل أنه ليس فيه أي نتيجة ولا حسم ولا حتى أقل من ذلك، ويحتاج إلى كثير من العمل ليبنى عليه. إلا أننا رغم ذلك ما زلنا نراهن على استكمال التحقيقات بأسرع وقت ممكن لتعويض ما فات من وقتٍ".
وعليه، يمكن القول أن العلاقة التي رُسمت أخيراً بين لبنان وطرابلس الغرب باتت مهددة اليوم إذا لم تتعاون ليبيا على حلّ هذا الملف بالرغم من كل الوعود التي قدّمتها أمام القضاء اللبناني وفي زيارتها لرئيس الجمهورية جوزاف عون. فهل ستُحلّ هذه القضية بعد غموض عمره 48 عامًا؟