التحقيق الأوروبي بين الصلاحية الشخصية للبنان والصلاحية المكانية للخارج

يباشر الوفد القضائي الاوروبي استجواباته مع أربعة عشر شخصاً استدعوا كشهود وواحد كمشتبه فيه بعد المواءمة بين مستلزمات السيادة اللبنانية ومقتضيات مبدأ عدم الافلات من العقاب خاصة في الجرائم الكبرى العابرة للحدود مثل ما هي حال جرائم تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
السؤال الأول، لماذا قرر قضاء ثلاث دول، ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ ايفاد بعثة تحقيق الى لبنان؟ الجواب أولاً لتوقف التحقيق الذي يجريه في قضايا ذات صلة القاضي زياد أبوحيدر بسبب طلبات الردّ التي قدّمت بحقه، وثانياً لاهمال لبنان الاستنابات القضائية التي سبق ووجهتها الدول الثلاث.
السؤال الثاني، أي قانون سيطبق؟ بالتأكيد القانون اللبناني لسيادة الدولة في الاقليم وللصلاحية الشخصية المكرسة في القانون اللبناني، ومن هذا المنطلق لا يحق لقضاة أجانب التحقيق مع لبنانيين في لبنان الا بوجود قاض لبناني يتولى طرح أسئلة المحققين الأجانب على المستمع اليهم، واستطراداً لا يحق للقضاة الأجانب اصدار مذكرات توقيف بحق هؤلاء لكون هذه صلاحية لصيقة بالقاضي اللبناني.
السؤال الثالث، هل كان لبنان ملزماً باستجابة طلب الوفد الأوروبي؟ الجواب نعم وبقوة استناداً الى قاعدة المساعدة القانونية بين الدول Mutual Legal Assistance والمكرسة في المادة ٤٦ من معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولبنان عضو فيها، واستناداً الى الصلاحية المكانية للدولة التي ارتكب فيها الجرم المالي ولو في أحد مراحل عملية التبييض قبل أن يتحول المال من مال وسخ الى مال نظيف أي في مرحلة placement، ثم في مرحلة Layering أو بالفرنسي Empilage، وقبل أن يصل الى المرحلة الأخيرة أو integration حيث يصبح من الصعوبة اثبات عملية التبييض وتحديد المصدر القذر للأموال المشكو منها.