"التربية" بمعضلة أخلاقية: حرمان أساتذة الحدود من بدلات الإنتاجية

فيما بدأت مدارس في منطقة الضاحية الجنوبية وبيروت بإبلاغ أهالي الطلاب بأن المدارس ستكون يوم الجمعة مقفلة، أو ستفتح أبوابها حتى الساعة 12:30 في صيدا وصور، استباقاً لخطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله.. ما زالت المدارس الرسمية والخاصة في المناطق الحدودية الجنوبية مقفلة، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

المدارس المقفلة
إشكالية إقفال المدارس الرسمية في المناطق الحدودية تكمن في محنة أساتذتها، الذين جرى الحديث عن حرمانهم من بدلات الإنتاجية. ما دفع بمدارس محاذية للشريط الحدودي بفتح أبوابها يوم أمس، كما حصل في منطقة الخيام.

لا بيانات توثق عدد المدارس المقفلة، ولا عدد الطلاب الذين حرموا من التعليم، ولا عدد الأساتذة. وتقول مصادر مطلعة إن عدد المدارس في المناطق الحدودية المقفلة يبلغ نحو 50 مدرسة رسمية وخاصة. لكن عدد المدارس التي تقفل أبوابها لا يمكن حصره. فقرار وزارة التربية هو إقفال جميع المدارس في المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية، مع ترك الخيار للمدارس في المناطق المحاذية للمناطق الحدودية لتقدير الموقف. وعليه، ليس جميع المدارس في تلك المناطق مفتوحة. الخيار متروك للمدير، الذي يبلغ أهالي الطلاب يومياً بالإقفال أو بفتح أبواب مدرسته. وهذا الأمر يحصل يومياً. وبالتالي، لا يمكن تحديد عدد المدارس المقفلة، بسبب القصف الإسرائيلي في الجنوب.

حرمان الأساتذة من بدلات الإنتاجية
أما الإشكالية الأخلاقية التي وقعت فيها وزارة التربية في هذه المحنة التي تمر بها المدارس في المناطق الحدودية، فتكمن بالتعويض على الأساتذة الذين نزحوا أو ما زالوا في مناطقهم صامدين ومدارسهم وثانوياتهم مقفلة. فقد جرى الحديث مؤخراً بأن يتم التعويض عليهم بدفع مئة دولار من بدلات الإنتاجية التي وعدت بها الوزارة وهي 300 دولار بالشهر. وهذا الرأي اقترحه بعض المسؤولين في الوزارة من دون الالتفات إلى أنه بمثابة سقطة، طالما لا ذنب للأساتذة بأن مدارسهم مقفلة ولا يستطيعون تنفيذ الدوامات المطلوبة لتلقي بدلات الإنتاجية.

بما يتعلق بالأساتذة الذين نزحوا، فقد طلبت وزارة التربية منهم وضع أنفسهم بتصرف المناطق التربوية للالتحاق بالمدارس حيث نزحوا للتعليم فيها. وقد التحق عدد منهم في مدارس حيث نزحوا، وبالتالي يتلقون بدلات الإنتاجية كاملة. أما الذين ما زالوا في مناطقهم أو لم يتمكنوا من الالتحاق بمدارس حيث نزحوا، فالمقترح هو التعويض عليهم بمئة دولار، كبادرة حسن نية من الوزارة للوقوف إلى جانبهم.

وحصلت اعتراضات من الأساتذة وروابط المعلمين حول هذا الأمر، لأن الوزارة لا تنظر إلى وضعهم كأشخاص مقهورين، ولا ذنب ارتكبوه إذا المدرسة أقفلت بسبب القصف الإسرائيلي. كما أن إقفال المدرسة أتى بقرار من وزارة التربية. وبالتالي، لا يمكن أن يحرموا من بدلات الإنتاجية المقرونة بدوام الحضور ومواظبة الأساتذة بالتوقيع على دوامات الحضور اليومية.

ووفق المصادر، عقدت روابط المعلمين لقاءات مع وزير التربية لشرح مساوئ هكذا قرار. وكان آخرها لقاء عقد يوم أمس الأربعاء بين رابطة أساتذة التعليم الثانوي ووزير التربية عباس الحلبي. وطالبوا باحتساب بدلات الإنتاجية كاملة للأساتذة في المناطق الحدودية، سواء كانوا في الملاك أو التعاقد، كاملة أي 300 دولار، كسائر الأساتذة في لبنان. ووعد الوزير أنه سيهتم بالموضوع ويضع أحكاماً خاصّة تتوافق مع هذا الوضع الاستثنائي.

موعد تلقي بدلات الإنتاجية
بما يتعلق بموعد تلقي بدلات الإنتاجية، تشير المصادر إلى أن الأموال لشهر تشرين الأول مؤمنة وستدفع في موعدها، أو قد تتأخر لأيام معدودة. فمن المفترض أن تقدم جميع المدارس لوائح الحضور في غضون يوم غدٍ الجمعة، ومددت المهلة للأسبوع المقبل، بسبب الأوضاع التي يمر بها لبنان والارتباك الحاصل في مختلف المدارس. ومن المفترض أن يتلقى الأساتذة بدلات الإنتاجية بعد 20 تشرين الثاني الحالي. وقد يتأخر الموعد بضعة أيام بسبب التأخر الحاصل في تقديم اللوائح، وبسبب عدم اتخاذ قرار نهائي بشأن بدلات الإنتاجية لأساتذة المناطق الحدودية المقفلة مدارسهم.

خيارات التعليم من بعد
أما بما يتعلق بمصير الطلاب في المناطق الحدودية فما زال قاتماً. طلاب وأساتذة كثر من المناطق الحدودية التحقوا في المدارس حيث نزحوا، من صور وصولاً إلى بيروت وجبل لبنان، وذلك بعد قرار وزارة التربية بهذا الشأن، كخطة استجابة لاستمرار العام الدراسي وعدم تضييع الدروس على الطلاب. لكن لم يلتحق الجميع بالمدارس. وهذه معضلة تواجه الوزارة بكيفية التعويض عليهم لاحقاً.

وتؤكد المصادر أن وزارة التربية وضعت خطة للتعليم من بعد تشمل جميع المدارس الرسمية في محافظتي الجنوب والبقاع الغربي، تحسباً لتوسع رقعة الاشتباكات العسكرية. وهذه الخطة تقوم على فرضية أن القصف الإسرائيلي سيكون محصوراً في تلك المناطق من دون التوسع ليشمل كل المناطق. أما في حال دخول لبنان في حرب شبيهة بالعام 2006 فلا جدوى من الخطط التربوية، وتدرس خيارات التعويض على الطلاب عندما يعود الهدوء.