‎"التربية" تخطط للتعليم من بعد..وآلاف الأجهزة الإلكترونية مفقودة بالمرفأ

عرض وزير التربية عباس الحلبي خطة الطوارئ التي أعدتها وزارته للتعليم في حال نشوب حرب على مجلس الوزراء يوم أمس. سبق وضع الخطة اجتماعات مطولة عقدت لهذه الغاية، كان آخرها منذ يومين حيث عرض معدّو الخطة محتواها، ورفعت إلى الوزير.

وتبين أنها تعتمد على التعليم الرقمي، تحت مسمى "التعليم المتزامن أو التعليم غير المتزامن"، كما كشفت مصادر مطلعة على الاجتماعات.

 

خطة طوارئ الحرب

في التفاصيل، عقدت اجتماعات عدة بين المديرية العامة للتربية والمركز التربوي للبحوث والانماء لإعداد خطة الطوارئ هذه، تحسباً لحصول اعتداءات اسرائيلية موسعة على لبنان. بمعنى آخر خطة تحاكي سيناريو الحرب.

بما يتعلق بالقرى الحدودية في الجنوب، تقرر التحاق التلاميذ النازحين في أقرب مدرسة حيث أماكن نزوحهم. وقد التحق العديد من الطلاب في المدارس. لكن خطة الطوارئ، التي عرضت على مجلس الوزراء، تصفها مصادر مطلعة بأنها بلا فائدة علمية. فقد انفقت أموال لوضع محتويات رقمية مثل منصة موردي، وأعدت دروس للتعلم غير المتزامن (ارسال الدروس للطلاب على هواتفهم)، بينما في حال اندلاع الحرب لا يمكن للطالب الاستفادة منها. ومرد الأمر ليس لعدم توفر القدرة النفسية للطلاب وأهلهم للتعلم تحت القصف فحسب، بل لأن أبسط الأمور التقنية، أي الانترنت والكهرباء، ستكون غير متوفرة. وهذه من الأسئلة التي طرحت في الاجتماعات. ورغم ذلك وضعت الخطة لتضاف إلى باقي الخطط التي رفعتها مختلف الإدارات.

 

التعليم غير المتزامن

وتقول المصادر: لا تلام وزارة التربية على خطة اللجوء للتعليم من بعد، فليس من حيلة أخرى لاستمرار التعليم في حال اندلاع الحرب. لكن مشكلة الخطة، وبعيدا من قضية الكهرباء والانترنت، أنها تقوم على فرضية توفر الأجهزة الإلكترونية بين طلاب المدارس الرسمية. هذا رغم أن مرحلة التعليم من بعد، في زمن كورونا، كشفت مأساة طلاب المدارس الرسمية لناحية عدم توفر الإمكانيات للتعلم من بعد.

وتضيف المصادر، الجميع على قناعة بعدم توفر الإمكانيات للتعليم من بعد بطريقة "التعليم المتزامن"، أي إعداد الأساتذة الدروس وتعليم الطلاب مباشرة. فالكهرباء والانترنت عائقان أساسيان قبل الحديث عن توفر الأجهزة لدى الطلاب.

ووفق المصادر، بديل التعليم من بعد المتزامن هو "التعليم غير المتزامن" القائم على توزيع الدروس المعدة مسبقاً. ويقوم كل طالب بمراجعتها عندما تسنح له الفرصة. لكن هذا الأمر يحتاج إلى تدريب الكوادر التعليمية لاستخدام الموارد. وهو غير متاح في ظل الظروف الحالية.

 

أجهزة الكترونية مكدسة بالمرفأ

فتح سيناريو الحرب قضية الأجهزة الإلكترونية التي كان يفترض أن تستخدم في زمن الأزمات. وتسأل المصادر عن مصير عشرات آلاف الأجهزة الالكترونية المقدمة من جمعية GIZ الألمانية، كي يتم استعمالها في حالات الطوارئ (60 ألف لوح ذكي ومئات الكمبيوترات)؟ فهذه الأجهزة منحت للبنان خلال أزمة كورونا لدعم التعلم من بعد، من ضمن هبة ألمانية بنحو 27 مليون دولار. وحتى الآن ومع توالي الأزمات لم تعرف وجهة توزيعها. وفيما تشير مصادر إلى أن بعضها وزع على مدارس محظية، وحرمت منها المدارس الأكثر فقراً، لفتت مصادر أخرى إلى أن عشرات الآلاف منها ما زالت مكدسة في مرفأ بيروت. ويدفع عليها ثمن إجار أرض في المرفأ، ولم يتم التوصل إلى حلول لكيفية استخدامها.

 

فقدت الأجهزة قيمتها

وتشرح المصادر أن الاجتماعات لوضع آلية لكيفية توزيع هذه الأجهزة وكيفية الاستفادة منها توقفت منذ أكثر من عام. وتقرر حينها تولي مدير عام التربية الملف لتسريع الإجراءات بعد الفضائح التي طالت الملف. وحينها تقرر أن تلزم الجهة الألمانية شركة مهمتها تنزيل المحتوى التعليمي عليها وكانت العوائق تكمن في وجهة الاستعمال وكيفية الاستفادة منها. فهي لن توزع على الطلاب بل على المدارس لأن عددها لا يكفي لجميع الطلاب.

وتلفت المصادر إلى أن الأجهزة باتت قديمة ولا يعرف إذا كانت بطارياتها صالحة، وقد فقدت من عمرها ثلاث سنوات. ورغم ذلك ما زالت عالقة في مرفأ بيروت. ما يعني أن لبنان خسر أكثر من عشرة ملايين دولار من الهبة الألمانية.

‎بما يتعلق بخطة الطوارئ لفتت المصادر إلى أن وزارة التربية سلمت مجلس الوزراء لائحة من حوالي سبعين مدرسة رسمية فارغة. وضعت هذه المدارس بتصرف مجلس الوزراء لجعلها مراكز ايواء في حال اندلاع الحرب، هذا فيما هناك ثلاث مدارس رسمية في منطقة صور غير شاغرة تستخدم حالياً كمراكز إيواء. وتقرر توزع تلامذتها على المدارس المجاورة. وهذه أولى بوادر سوء الإدارة وكيفية التعامل مع الأزمات. والمؤدى واحد وهو معاناة القطاع التربوي من أزمة متفاقمة، للسنة الرابعة على التوالي، يدفع ثمنها القطاع والطلاب على السواء.