"التربية" ترسب بالرياضيات: شكوك فساد باحتساب بدلات الإنتاجية

فيما تتصارع روابط المعلمين مع وزارة التربية والحكومة لزيادة بدلات الإنتاجية، بغية بدء عام دراسي في القطاع الرسمي بلا أي اضطرابات، تقوم بعض الدوائر في الوزارة بالتلاعب على الأساتذة في كيفية دفع بدلات الإنتاجية للعام الدراسي السابق. وعوض ممارسة الوزارة أقصى درجات الوضوح والشفافية لكسب ثقة الأساتذة وأهالي الطلاب من أجل تسجيل أبنائهم في المدارس الرسمية، يبدو أنّ البعض يتقصّد افتعال مشاكل جانبية مع الأساتذة لدفعهم إلى "السلوك السلبي". فإلى التلاعب بكيفية دفع بدلات الإنتاجية عن العام الفائت، وفي ظل عدم التوصل إلى اتفاق حول بدلات الإنتاجية للعام المقبل، أصدرت وزارة التربية مذكرة بدء التدريس في القطاع الرسمي في 30 أيلول المقبل.

عدم دفع بدلات الإنتاجية

وتقول مصادر نقابية لـ"المدن"، لم تلتزم وزارة التربية بعدم إصدار المذكرة قبل الإعلان الرسمي عن مضاعفة بدلات الإنتاجية لتصبح 600 دولار. وصدرت المذكرة اليوم الجمعة في 30 آب، وسط شكوك بعدم تحقيق مطالب روابط المعلمين. كما لو أن البعض يريد شحن الأجواء وتحدي الأساتذة. والمستفيد الأول منها هو المدارس الخاصة. فمن المتوقع خسارة المدارس الخاصة عدد كبير من الطلاب نتيجة غلاء الأقساط، واندفاع جزء كبير من اللبنانيين نحو المدارس الرسمية. لكن حصول اضطرابات في القطاع الرسمي يفقد ثقة الأهالي به مجدداً، بحسب مصادر نقابية لـ"المدن".

وتكشف مصادر مواكبة للملف أنّ وزارة التربية لم تدفع بدلات إنتاجية عن شهر تموز (300 دولار) بَعد، لعدد كبير من الأساتذة، رغم مرور شهر على موعد الاستحقاق. ولدى مراجعة البعض المعنيين قيل لهم إن وزير التربية عباس الحلبي أصدر قرارًا بعدم دفع بدلات إنتاجية عن أشهر الصيف الثلاثة لجميع الأساتذة الذي لم يشاركوا في أعمال مراقبة الامتحانات الرسمية. وحيال ارتفاع صوت الأساتذة المعترضين على هذا الأمر، تواصلت روابط المعلمين مع المعنيين في الوزارة وتلقوا وعداً بإيجاد حل للموضوع.

إذلال الأساتذة

وتلفت المصادر إلى أن ذريعة عدم دفع المستحقات تتمثّل بأنّ الوزارة قرّرت حرمان هؤلاء الأساتذة من الإنتاجية، لأنّ أسماءهم وردت في جداول مراقبة الامتحانات، لكنهم امتنعوا عن المشاركة. هذا رغم أنّ العديد من الأساتذة الذين لم يتلقوا بدلات الإنتاجية لم تتم دعوتهم بالأساس للمشاركة في المراقبة.

وتضيف المصادر أن روابط المعلمين تابعت مع الوزارة القضية ورفضت حرمان الأساتذة من بدلات الإنتاجية مهما كانت الذريعة. فالمشاركة في الامتحانات الرسمية واجب على الأستاذ وليس فرضاً. ولا يجوز التعامل مع الأستاذ كأنه مسلوب الحرية. ففي حال كانت الذريعة عدم تأدية الأساتذة واجب المشاركة في الامتحانات، تستطيع الوزارة حسم عدد أيام الامتحانات من البدلات الشهرية، لا معاقبة الأساتذة بحرمانهم من التعويضات عن ثلاثة أشهر الصيف. لكن بعض المسؤولين في الوزارة يحاولون إذلال الأساتذة قبل دفع تلك المبالغ، على قاعدة أخذ العبرة للعام المقبل، وعدم التمرد على القرارات.

البعض يشك بأن وزارة التربية عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية بدفع بدلات الإنتاجية كاملة، وفق الاتفاق المعقود مع روابط المعلمين في شهر تشرين الأول من العام الفائت. وهذا الأمر يؤدي إلى فقدان عامل الثقة بين الأساتذة والوزارة. ورغم التحذير من إصدار مذكرة بدء العام الدراسي قبل إعلان وزير التربية الاتفاق مع رئيس الحكومة على دفع 600 دولار شهرياً، فرضت الوزارة أمر واقع عليهم اليوم في صدور المذكرة الآنفة الذكر. فتعززت قناعتهم بأن البعض يريد دفعهم إلى "السلبية" في مواجهة بدء العام الدراسي.

الوزارة تخطئ في الحسابات؟

إلى هذه القضية التي زادت من نقمة الأساتذة، تبيّن أنّ وزارة التربية لم تدفع للأساتذة المتعاقدين بدلات الإنتاجية كاملة، بل تم حسم 15 دولاراً من الـ300 دولار المستحقة شهرياً، وقبضوا 285 دولاراً فقط. وتوضح المصادر أن عملية احتساب بدلات الإنتاجية سهلة جداً: هي عبارة عن قسمة مجموع عدد الساعات على مدى تسعة أشهر على رقم تسعة. وفي حال كان الحاصل يزيد عن 56 ساعة، يتلقى الأستاذ بدلات الإنتاجية كاملة. وفي حال كان الحاصل أقل من 56 ساعة يتم حسم جزء منها وفق قاعدة حسابية. وتبين أن الوزارة حسمت 15 دولاراً رغم أن الحاصل يفوق الستين ساعة. وعندما راجعوا المعنيين بالوزارة تبلغوا أن عليهم معاودة حساباتهم من جديد لأن الوزارة لا تُخطئ بالحساب. لكن العديد من المراجعين هم أساتذة بمادة الرياضيات، وأجروا حساباتهم عشرات المرات لعملية حسابية يستطيع حلّها أطفال صفوف الابتدائي.

وتلفت المصادر إلى أن ثمة شكوكاً بأنّ لدى الوزارة سقف محدّد للإنفاق، ولم تؤمّن الاعتمادات المالية الكافية لدفع بدلات الإنتاجية لكل الأساتذة. لذا لجأت إلى حسم حفنة دولارات من هنا وهناك لتوزيعها على باقي الأساتذة. لكن هذه الحسومات العشوائية، التي أتت من دون وجه حق، أثارت شكوكاً بين الأساتذة بوجود فساد إداري ومالي. وتتمحور الشكوك حول اقتطاع هذه الأموال من الأساتذة لتذهب لجيوب بعض المسؤولين. لذا طالبت روابط المعلمين من الوزارة توضيح الأمر علانية لوضع حد للتأويلات. فأساتذة التعليم المهني حصلوا على المبالغ كاملة، ويفترض أن يحصل عليها أساتذة التعليم الثانوي والأساسي. غير ذلك ستزداد الشكوك بوجود تلاعب وفساد إداري ومالي، كما أكدت المصادر.