انقسمت رابطة أساتذة التعليم الأساسي على نفسها، بعد تبليغ وزارة التربية رئيس الرابطة حسين جواد، عزمها إصدار مذكرة إدارية عن بدء تسجيل الطلاب في المدارس الرسمية من تاريخ 14 أيلول. انتفض ممثلو فروع الرابطة على هذا الأمر مساء أمس الجمعة، معتبرين أن وزارة التربية نكثت وعودها قبل بدء العام الدراسي.
تفريق صفوف الرابطة
ووفق مصادر مطلعة على المداولات، طلب رئيس الرابطة من وزارة التربية تأخير الموعد بدء التسجيل حتى 18 أيلول. لكن ممثلي فروع مناطق عدة بالرابطة اعتبروا أن هذا الأمر غير متفق عليه. بل العكس، فقد سبق واجتمع ممثلو الرابطة وقرروا عدم تسجيل الطلاب في فترتي قبل وبعد الظهر، وعدم بدء الأعمال الإدارية قبل وضع وزير التربية خطة واضحة للتقديمات التي سيحصل عليها الأساتذة.
وتضيف المصادر، أنه سبق واجتمع ممثلو الرابطة مع الوزير عباس الحلبي، وأبلغوه قرارهم بالامتناع عن تسجيل الطلاب، مطالبين بجعل رواتبهم الرسمية 600 دولار، تضاف إليها حوافز بـ250 دولار من الدول المانحة. ما يعني أن إصدار مذكرة إدارية لبدء التسجيل وقبول رئيس الرابطة وبعض الفروع بهذا الأمر، وقبل الإعلان عن الخطة والتقديمات، لا يعني نكث الوزارة بما اتفق عليه سابقاً فقط، بل له انعكاسات على الرابطة نفسها. وقد صدر بيان مساء أمس عن فروع جبل لبنان وبيروت والشمال، أكدوا فيه أن اتضاح صورة التقديمات تسبق بداية العام الدراسي، وانطلاقة متأخرة له خيرٌ من انطلاقة متعثرة.
في حال فتحت فروع البقاع والجنوب المجال لتسجيل الطلاب وبدء العام الدراسي، قد تحصل استقالات في رابطة التعليم الأساسي، وتصبح شبيهة برابطة أساتذة التعليم الثانوي، التي لم يبق من أعضائها إلا ثلاثة من أصل 16 عضواً.
ووفق المصادر، بدأت وزارة التربية تفريق صفوف الرابطة، من خلال إدخالهم بجدل تسجيل الطلاب، على اعتبار أن عدم تسجيلهم يؤدي إلى نزوحهم نحو التعليم الخاص. ما يعني تكرار السيناريو عينه لانطلاقة العام الدراسي الفائت. فتسجيل الطلاب وعدم فتح المدارس أبوابها مهد الطريق إلى توجيه اتهامات للأساتذة بأنهم يأخذون الطلاب رهائن في معركة تحصيل حقوقهم. هذا فيما سبق واتفق أعضاء الرابطة على عدم بدء التسجيل ووقف كل الأعمال، إلى حين صدور قرارات رسمية عن وزارة التربية تتعلق بالمستحقات التي سيتلقونها.
مصيدة تسجيل الطلاب
جرت العادة أن يجتمع الوزير ومسؤولو الوزارة بروابط المعلمين قبل إصدار مذكرة بدء العام الدراسي، كي ينطلق بلا مشاكل ومنغصات. لكن ما حصل حالياً، هو أن الوزارة أجلت الاجتماع أكثر من ثلاث مرات. هذا فيما تلقى ممثلو رابطة التعليم الأساسي في لقائهم مع الوزير وعوداً بتأجيل المذكرة حتى التوصل إلى اتفاق واضح حول مستحقاتهم.
ويشير أكثر من مصدر في الروابط أن قضية تسجيل الطلاب بمثابة مصيدة توقع الوزارة فيها الروابط. وما يسهل الأمر وجود مدراء مدارس وثانويات يندفعون إلى تسجيل الطلاب لرفع عديدهم في مدارسهم ورفع البدلات المالية في صناديق المدارس تباعاً. كما أن المدراء يخافون من انخفاض عدد الطلاب ووقوع صناديقهم بعجز مالي، وتصنيف مدارسهم بالمتعثرة، ما يمهد الطريق إلى دمجها بمدارس أخرى.
تسجيل الطلاب ومعرفة عددهم في القطاع الرسمي حاجة أساسية لوزارة التربية، للدخول إلى التمويل الدولي للقطاع، سواء كان للطلاب اللبنانيين أو السوريين. فحق العلم ومجانيته للأطفال يترجم بتمويل صناديق المدارس وصناديق لجان الأهل بحسب عدد الطلاب. ومن دون هذا التمويل لا تستطيع أي مدرسة فتح أبوابها ودفع كلفة المصاريف التشغيلية، ناهيك عن أجور الأساتذة، في ظل إفلاس الدولة. هذا فضلاً عن أن هذه الهبات تموّل الوزارة والمناطق التربوية. ما يعني أن قدرة لبنان في ابتزاز المانحين بملف عدم تسجيل الطلاب السوريين معدومة، لا سيما أن استفادة الطلاب اللبنانيين من أقرانهم السوريين كانت لا تقاس باستفادتهم من أموال الدولة العام الفائت.
لذا، فإن حاجة وزارة التربية لتسجيل الطلاب ستنعكس في الأيام المقبلة ليس بإقدام مدراء مدارس في مناطق عدة على تسجيل الطلاب اللبنانيين فحسب، بل السوريين أيضاً. وتنفجر حينها رابطة التعليم الأساسي، أسوة بما حصل برابطة التعليم الثانوي العام الفائت.