المصدر: النهار
الكاتب: اسكندر خشاشو
الجمعة 3 كانون الثاني 2025 08:35:43
تستفحل أزمة الفراغ الرئاسي، بعد مرور أكثر من سنتين وثلاثة أشهر على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون من دون حلول، وهو أمر بات يتكرر، ما دفع إلى المطالبة بتعديل دستوري يضع حدا لهذا الأمر ويلزم النواب مهلة محددة لانتخاب رئيس حفاظاً على مؤسسات البلاد.
يقول رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية في بيروت العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبور المحامي بول مرقص إنه "ثبت من خلال التجربتين الأخيرتين ولاسيما في مناسبة الانتخابات الأخيرة لرئيس الجمهورية، أن عدداً من النواب يستفيد من غياب النص الصريح في المادة ٤٩ من الدستور اللبناني المتعلقة بانتخاب رئيس، على نصاب Quorum للانتخاب يساوي على الأقل نصف عدد الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب في الدورات التالية لدورة الاقتراع الأولى، حيث اكتفى المشترع الدستوري بذكر "الغالبية" Majorite افتراضاً منه أن لا حاجة إلى فرض النصاب، باعتبار أن الانتخاب سلطة واجبة الممارسة من النواب".
ويرى في حديث إلى "النهار" أن "نوابا توخوا استخدام تعطيل النصاب وسيلةً للتعبير السياسي عن خياراتهم الانتخابية عوض اللجوء إلى التعبير في الانتخاب نفسه، مما أسفر عن تعطيل التئام المجلس وخلو سدة الرئاسة. هذا الواقع أدى وقد يؤدي عملياً إلى تحكم ٤٣ نائباً في استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، ومنع مجلس النواب برمته من الانعقاد. وبناء عليه، اقترحنا تعديل الدستور في المادتين ٤٩ و٧٣ لتقضيا بأن يُنتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورة الاقتراع الثانية وبالغالبية النسبية في الدورات التي تلي. ويحق لكل من تتوافر فيه شروط الترشيح التقدم إلى الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى، أما في حال عدم فوز أحد المرشحين بغالبية الثلثين في هذه الدورة، ففي الدورات التي تلي تنحصر المنافسة بالمرشحين اللذين تقدما في عدد الأصوات".
يضيف: "قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس، ويواظب في مطلق الأحوال على الانعقاد إذذاك في دورات اقتراع متتالية طيلة جلسة مفتوحة ومتواصلة إذا اقتضى الأمر.
تُعتبر ساقطة حكما وفوراً نيابة عضو مجلس النواب الذي يتخلف عن حضور أي من الدورات في جلسة الانتخاب من دون عذر مسبق مشروع ومقدم أصولاً، كما في حال رفض هيئة مكتب المجلس طلب المعذرة المقدم منه أو عدم مصادقتها عليه لأي علة كانت في مهلة أربع وعشرين ساعة من تقديمه".
بدوره، يرى الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل "أن المواد ٧٣ و٧٤ و٧٥ من الدستور تنبّهت، ولو جزئيا، لفكرة امتناع النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية عندما قالت بالاجتماع الحكمي والفوري للمجلس للنيابي بهدف تفادي الشغور بأي شكل من الأشكال، إلا أنها لم ترسم جزاءً فور تخلّف النواب عن إتمام هذا الواجب الدستوري كحلّ المجلس بصورة حكمية إن لم ينتخب رئيس الجمهورية خلال فترة معيّنة، وهذا ما يستلزم تعديلا دستوريًا يلحظ الجزاء لئلا يتكرر الشغور الرئاسي، بدليل أن المادة ٦٥ تعطي السلطة التنفيذية حق حلّ المجلس النيابي عندما يمتنع، لغير أسباب قاهرة، على الاجتماع طوال عقد عادي أو طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر، وهي فكرة تعني أن امتناع المجلس عن ممارسة أدواره مرفوضة دستوريا، إلا أن تطبيقها على الانتخابات الرئاسية، سواء بصورة حكمية أو اختيارية، يتطلّب تعديلا للدستور، ما دامت فلسفة تعديل الدساتير تنشأ في كلّ مرّة تعجز الأحكام الدستورية المشكو منها عن تفادي أزمة سياسية أو دستورية أو مجتمعية".
ويقول لـ"النهار": "إنّ فكرة الشغور في موقع الرئاسة افترضها المشرّع الدستوريّ، الأمر الّذي دفع به إلى إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية، وكالةً، بمجلس الوزراء عند خلو سدة الرئاسة بموجب المادة ٦٢ من الدستور، أيّ أنه أجاز، بذاته، ولو بصورة ضمنية، نظرية تصريف الأعمال في الموقع الرئاسي اعتقادا منه أن الشغور سيقع خلال فترة زمنية وجيزة، إلا أننا لا نؤيد فكرة ابتكار تصريف الأعمال الرئاسية في هذا الموقع بعينه لكونها لا تسمح إلا بممارسة الصلاحيات الضرورية، إضافة إلى أن هذا الإجراء سيدفع المجلس النيابي، أكثر فأكثر، إلى الانكفاء عن واجبه الانتخابي بذريعة أن الشغور الكلي غير متحقق".