المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الأربعاء 10 أيلول 2025 07:31:08
"الأعمال الأمنية هي تدابير سيادية، وبالتالي تكون خارجة عن إمكان الطعن بها أو المراجعة فيها أمام القضاء الإداري أو أي سلطة قضائية أخرى".
بهذه المعادلة يقطع الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين الطريق على أي كلام عن إمكان الطعن بما صدر أخيرا عن جلسة مجلس الوزراء حيال الترحيب بخطة الجيش.
أولا، لا دور أو إطار في هذا السياق للمجلس الدستوري، لأنه ينظر فقط في دستورية القوانين، أي في القوانين التي تصدر عن سلطة مجلس النواب حصرا.
أما بالنسبة إلى القرارات التي تكون صادرة عن مجلس الوزراء، فإذا كانت ذات صفة إدارية تتعلق بالأعمال الحكومية فإن مكان النظر فيها هو مجلس شورى الدولة، فيما الأعمال التي تكون ذات طابع سيادي تبقى خارج المراجعة فيها أمام القضاء الإداري أو أي سلطة قضائية أخرى.
بهذه القراءة الدستورية، يسقط إمكان المراجعة في المقررات الحكومية الأخيرة.
ولكن هذا التفسير لا يلغي الجدل الذي أعطي لعبارة "ترحيب بالخطة". والسؤال: كيف يمكن قيادة الجيش أن تعرض دوريا، أمام مجلس الوزراء، التقرير عن تنفيذ الخطة، ما دامت الحكومة لم تقرها أصلا؟
يفنّد يمين لـ"النهار" الدلالات الدستورية والقانونية لصيغة "ترحيب"، قائلا: "أتت الصيغة ضعيفة، لأن القرار يحتاج إلى صيغة صريحة. والصيغة التي استخدمت لا ترقى إلى مستوى اتخاذ القرار".
ويتدارك: "المادة 65 من الدستور تتحدث عن "قرارات" مجلس الوزراء، والترحيب ليس مصطلحا قانونيا ذا مفاعيل قانونية – دستورية، بل إنه أقرب إلى اللغة الديبلوماسية، إذ عادة ما تستخدم كلمة "ترحيب" في العلاقات الديبلوماسية بين الدول، وهي تختلف جوهريا، وفي المضمون، عن اتخاذ قرار أو إقرار".
لا قرار مسبقا
ما دام الواقع هكذا، كيف يمكن قيادة الجيش أن تعرض دوريا تفاصيل تنفيذ الخطة أو مراحلها أمام الحكومة التي لم تقرها في الأساس؟
يجيب يمين: "هذان أمران مختلفان. إذ يمكن قيادة الجيش أو أي جهاز أمني، أن يعرض أمام مجلس الوزراء تقريرا دوريا يدخل ضمن المتابعة الأمنية. هذا أمر بديهي لا يستلزم اتخاذ قرار مسبق. ولا يترّتب على هذا العرض أي مفاعيل قانونية، بحيث لا يوجب أن يكون مبنيا أو مؤسسا مسبقا على قرار وزاري سبق أن اتخذ داخل مجلس الوزراء. بمعنى أنه مع قرار أو من دونه، يمكن قيادة الجيش أن ترسل كتابا إلى وزير الدفاع، تطلعه فيه على جهوز الجيش لتقديم تقرير أمني أمام الحكومة، فيعرض الأمر تلقائيا أمامها. وهذا الأمر، في الأساس، كان يحدث في السابق وفي أكثر من مسألة".
ويعود يمين إلى معنى "الترحيب" الذي يأتي مرادفا لعبارة "التنويه بخطة الجيش والترحيب بجهوده، حتى إن مجلس الوزراء لم يستخدم كلمات "تبنّي الخطة" أو حتى "تأييدها". لا شك في أن الحكومة لم تنجح مسبقا في تأمين مستلزمات التوافق لقرارها، فكانت تحت وطأة ضغوط دولية، أميركية وعربية، والتهديدات بالتعجيل في حسم المسألة من جهة، ومن جهة أخرى كانت أمام تصلّب "حزب الله" وعدم رضوخه. فأتى "الترحيب" نوعا من حفظ ماء الوجه".