المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 11 تشرين الأول 2021 16:52:16
ما ان أعلن وزير الخارجية الايراني، حسين أمير عبد اللهيان، خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة الماضي في السفارة الايرانية استعداد بلاده لبناء معملين لانتاج الكهرباء، واحد في الجنوب والآخر في بيروت، ووضع الطاقات والإمكانات الفنية المتاحة لتحقيق هذا "الإنجاز" الكهربائي حتى تلقفت بلدية الغبيري كلام عبداللهيان، عبر تسليط الضوء على إمكان استغلال الأرض التي تضم ملعب الغولف في منطقة الجناح واستعمالها لإنشاء المعمل المخصص لبيروت، كونها أرضا تابعة للدولة، وتقع ضمن نطاق البلدية.
مبادرة رئيس بلدية الغبيري معن الخليل "فردية" بحسب تعبيره، لكنه حتما يعبر عن مرجعية الأمر الواقع التي تقع بلدية الغبيري في نطاقها وكذلك مرجعيته الحزبية. والرسالة تُقرأ من عنوانها على رغم كل التبريرات ومنها أن أرض نادي الغولف قريبة من بيروت الإدارية وجبل لبنان والطريق الساحلي لمحافظة جبل لبنان، ويمكن ربط المناطق الواقعة ضمن هذا النطاق.
وزارة الطاقة، وحتى اللحظة، لا تستسيغ فكرة إنشاء معمل للكهرباء فوق أرض ملعب الغولف "لأن من شأن ذلك تدمير مساحات خضراء وإحلال الإسمنت ومخلّفات الزيوت مكانها، وهو ما قد يقلب الرأي العام ضد الوزارة". ثم من قال إن هناك حاجة لابتداع أماكن جديدة، سواء بالاستملاك أو الاستئجار أو استغلال المساحات العامة ومشاعات الدولة، لأن مشروع إزالة المعامل القديمة في الجية والزوق، واستبدالها بمعامل جديدة، ما زال قائماً. حتى أن الخطة التي وضعها مجلس الإنماء والإعمار في وقت سابق للهدم والإزالة لا تزال قائمة بدورها. ويبقى الجنوب حيث يمكن استحداث أماكن في صور أو الناقورة.
إذا المشكلة ليست في المساحات الموجودة أصلاً، إنما في القرار السياسي، خصوصاً وأن إيران جادة في عروضها. ومن هذه الجدية فتح النائب السابق فارس سعيد الباب ليسجل ملاحظات في موضوع تحويل عقار نادي الغولف في بيروت إلى أرض مخصصة لتشييد معمل لإنتاج الطاقة.
يقول سعيد ل"المركزية": "السجال الذي فتح على خلفية تحويل أرض نادي الغولف إلى معمل لإنتاج الطاقة في بيروت ضروري وكذلك مواجهة هذا القرار الذي يعني محو جزء كبير من الذاكرة الوطنية المفترض الحفاظ عليها. لكن هذا الدفاع يبقى ضعيفاً أمام حاجة اللبنانيين إلى الكهرباء لا سيما بعد دخول لبنان العتمة الشاملة وإطفاء معملي الزهراني ودير عمار وقبلهما معمل الزوق الحراري محركاتها بسبب نفاد كميات الفيول أويل مما يهدد بتوقفها عن العمل. وبالتالي فإن الصراع او الجدال القائم بين اندية مصنفة بأنها مخصصة "للطبقة الثرية" في لبنان، وبين وضع اليد على عقار تاريخي أو أثري من أجل الشأن العام... الغلبة طبعا للمنطق الآخر خصوصا إذا كان "المنطق الآخر" خاضعا لقوى الأمر الواقع".
لكن الأهم من الجدال الحاصل هو مسألة التلاعب بالإستقرار العقاري في لبنان. ويقول: "هناك مسألة خطيرة تحصل في لبنان والحكاية بدأت من أزمة العقارات في جرود العاقورة وأفقا ولاسا. وعلى سبيل المثال، المواطن الذي يشغل عقارا بموجب عقد إيجار أو ملكية مهدد في أية لحظة بأن يفقده مجرد أن يأتي أحدهم ويطالب به بحجة الأمر الواقع أو تحت عنوان الحاجة. وهذا ما سنلمسه على المدى القريب. فبذريعة أمن المقاومة وأمن المقاومين ومنازل المقاومين يصار إلى نقل العقار من مالك إلى آخر وقد شهدنا على هذا التلاعب بالإستقرار العقاري في محاولات دؤوبة في جرود العاقورة وأفقا-لاسا وتصدينا له منذ أعوام حتى لا يخرج اليوم من يقول لنا بأننا نتكلم في هذا الموضوع الخطير على قاعدة موسم إنتخابي". وفي هذا السياق يشير سعيد: "منذ أعوام ونحن نرفع الصوت محذرين من أن هذا التلاعب في السجل العقاري يشكل جزءا من التلاعب بالسجل الإجتماعي، وللعلم لا يمكن لأي مجتمع أن يستقيم إذا لم يكن هناك استقرار في السجل العقاري، ومن الضروري إعادة النظر بالملكية والسجل العقاري بحجة الحاجة أو انتقال الملكية من يد إلى أخرى".
ويضيف: "ما يحصل في نادي الغولف يشبه إلى حد كبير ما حصل ويحصل في جرود العاقورة لكن طبيعة المنطقة وبيئة الفلاحين أبعدت عنها الأنظار وتحولت إلى أزمة مناطقية نتولى شأنها. أما فيما خص نادي الغولف فالمسألة مختلفة". ويختم سعيد: "هناك من يعتبر أن كل عقود الأملاك التي تمت بموجب عقود إيجارات لأمور سياحية أو سواها حصلت في مرحلة كانت الأرجحية السياسية فيها لفريق معين. اليوم تبدلت هذه الأرجحية السياسية وعليه يجب تبديل الواقع العقاري في لبنان. فالإستقرار المالي شيء وله علاج مرتبط بالواقع السياسي أو بإجراءات مصرفية وتدابير تقنية. أما التلاعب بالسجل العقاري ونقل الملكية من جهة إلى أخرى بموجب الأمر الواقع أو القوة أو مصلحة الشأن العام فهذا أخطر ما يمكن أن يحصل في بلد مثل لبنان، وهو أمر مرفوض... اللهم إني بلغت".