المصدر: وكالة الأنباء المركزية
عشية وصول رئيس الوفد الأميركي الوسيط السفير جون دوروشيه الى بيروت للمشاركة في الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل وبرعاية الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والتي عقدت في الناقورة صباح اليوم...رأس رئيس الجمهورية ميشال عون امس، اجتماعاً في قصر بعبدا، في حضور قائد الجيش العماد جوزف عون، لأعضاء الفريق اللبناني الى المفاوضات. وضم الوفد رئيسه العميد الركن الطيّار بسام ياسين، والعقيد الركن البحري مازن بصبوص، والخبير نجيب مسيحي وعضو هيئة ادارة قطاع البترول وسام شباط.
بحسب بيان صادر عن قصر بعبدا، تم خلال الاجتماع عرض التطورات التي حصلت منذ توقف الاجتماعات في كانون الاول الماضي، والمستجدات حول الاتصالات التي اجريت لاستئنافها. وزوّد الرئيس عون أعضاء الوفد المفاوض بتوجيهاته، مشدداً على أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين والانظمة الدولية، وكذلك على حق لبنان في استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة. ولفت الرئيس عون الى ان تجاوب لبنان مع استئناف المفاوضات غير المباشرة برعاية الولايات المتحدة الاميركية واستضافة الامم المتحدة، يعكس رغبته في ان تسفر عن نتائج ايجابية من شأنها الاستمرار في حفظ الاستقرار والامان في المنطقة الجنوبية.
وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، فإن القرار باستئناف المحادثات - التي توقّفت منذ اشهر، بعد ان رفع لبنان سقف مطالبه متمسّكا بأن يستعيد حقوقه البحريّة كاملة بما يتجاوز المساحة التي انطلقت على اساسها المفاوضات - هذا القرار تمّ التمهيد له خلال زيارة وكيل الخارجية الاميركية دايفيد هيل بيروت منذ اسابيع وقد طالب بإبقاء المفاوضات في اطارها التقني وليس السياسي، بعد ان تمكّن الدبلوماسي من انتزاع موقف من عون يقول بأن لبنان سيعود الى بنود "الاتفاق – الاطار" وسيتخلى عن المرسوم 6433 الذي يضيف نحو 1400 كيلومتر مربع إلى منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة (والذي بالفعل نام في ادراج القصر الجمهوري ولم يوقّعه الرئيس عون).
في ضوء هذه الليونة، تمكّنت واشنطن من إقناع تل ابيب بوقف تصعيدها، هي الاخرى، وبالجلوس مجددا الى الطاولة. لكن كي لا يظهر لبنان الرسمي وكأنّه تخلّى عن حقوقه السيادية والاقتصادية وعن ثرواته النفطية، كان المخرج في ان يتم تشكيل لجنة خبراء دوليين ستنكب على درس الخرائط والوثائق للبحث في احقية بيروت في ما تطالب به. الى ذلك، فإن الوفد اللبناني، خلال المفاوضات، لن يعدّل في "منطِقه" ولا في موقفه "المبدئي" الذي كان طَرَحَه في الجلسات السابقة، اذ انه من حق لبنان، الترسيم على أساس الخط 29 (لا الخط 23 الذي يعطي لبنان مساحة أوسع من تلك التي يلحظها له خط هوف، لكن أضيق من التي يغطيها الخط 29).
غير ان المصادر تلفت الى ان هذه "المعادلة" تبدو للتفاوض لا اكثر، ليحاول الوفدُ انطلاقا منها، نيلَ القدر الأكبر من المكاسب، اذ بات من الصعب ان يتمكّن لبنان من استرجاع حقوقه كاملة، أوّلا لأن تل ابيب بدأت التنقيب في البحر، وثانيا لان السلطة السياسية ارتضت، بشكل او بآخر، التنازلَ عن مطلبها الاساسي بعد ان أحجمت عن تعديل المرسوم، لإدراكها ان استمرارها في رفع السقف سيحرم لبنان من كل الثروة النفطية والغازية، بينما يُمكنها ان ليّنت موقفها، الحفاظُ على جزء لا بأس به منها. ويبقى اليوم، البحثُ عن "الثمن" الذي ستتقاضاه المنظومة مقابل هذا "التراجع"... فهل يكون سياسيا، في شكل الحكومة العتيدة وطبيعتها وحصّتها فيها، أم شخصيا من خلال فك العزلة الدولية عن بعض "المَغضوب عليهم" اليوم وإعتاقهم من العقوبات التي فرضت عليهم؟