التوتّر يزداد حدّة بين مصر وإسرائيل… هل يُنهيه حلّ الدولتين؟

تصاعدت حدّة التوتر بين مصر وإسرائيل، أخيراً، إلى درجة تجاوزت الدوائر المغلقة، وخرجت شذراته إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية. ويأتي هذا وسط سجالات، وغموض، بشأن دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصر والأردن إلى استقبال سكّان من قطاع غزة الفلسطيني، وحالة من الترقّب لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن.


ومن الإشارات التي تجلّت، أخيراً، تعبير السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون عن قلق الدولة العبرية من تنامي قدرات الجيش المصري. وقال دانون في تصريحات إذاعية، الجمعة، إنّ "المصريين ينفقون مئات الملايين من الدولارات على العتاد العسكري الحديث كلّ عام، ومع ذلك ليس لديهم أيّ تهديدات على حدودهم".

وتساءل: "لماذا يحتاجون كلّ هذه الغواصات والدبابات؟ بعد 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023. يجب دقّ أجراس الإنذار، لقد تعلّمنا الدرس، يجب أن نراقب مصر عن كثب ونستعدّ لكلّ سيناريو".

ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، قبل أيام، صورة للقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، ما فجّر غضباً وسجالات محمومة هنا، وفسّره محللون وإعلاميون على أنّه رسالة تهديد للرئيس المصري، بسبب مواقفة المعرقلة للمخطّطات الإسرائيلية، ورفضه تهجير سكان غزة إلى سيناء.

توتّرات متزايدة
يقول وكيل الاستخبارات المصرية السابق اللواء محمد رشاد، لـ"النهار"، إنّ "التوترات بين مصر وإسرائيل بدأت منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، وتزايدت حدّة التوترات مع احتلال إسرائيل معبر فيلادلفيا، وهو ما يخالف اتفاقية السلام (بين الدولتين)".

وأضاف الضابط الاستخباري: "إخلال إسرائيل باتفاقية السلام دفع مصر للردّ عليه بحشد قوات داخل سيناء"، لافتاً إلى أنّه "مع وصول ترامب إلى السلطة، ألقت إسرائيل الكرة في ملعبه، وتركت له مهمّة الدفاع عن مخطّطاتها".

ويرى رشاد أنّ  "إسرائيل تنتظر تنفيذ إجلاء سكان القطاع لمصر"، متوقعاً أن يبقى هذا الأمر موضع سجال بين القاهرة وواشنطن، وأنّ مصر "ستتمسّك بحلّ الدولتين، وإبقاء الفلسطينيين على أرضهم، وسوف تطالب مع الأردن والدول العربية والمجتمع الدولي تنفيذ ذلك الحلّ الذي تعهّدت به أميركا، ولم ينفّذ".

جدّية أم مساومة
رغم الاتصال الذي جرى، مساء السبت بين  ترامب والسيسي، والأمل بوقف التدهور المحتمل للعلاقات بين القاهرة وواشنطن، إلّا أنّ الصورة لم تتّضح بعد في شأن مدى "إصرار" ترامب على استقبال مصر والأردن سكان من القطاع الفلسطيني.

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وليد قزيحة، يرى أنّ ثمّة احتمالين، ويقول لـ"النهار": "من المحتمل أن يكون الرئيس ترامب جادّاً في مطالبته للقاهرة وعمان باستقبال سكان من غزة، لكن في الوقت ذاته، قد يكون هدفه تحريك القضية، ومن ثمّ إخضاعها للمساومة".

ويضيف: "في اعتقادي الشخصي، فإن الرئيس الأميركي لا يميل إلى الوصول لنقطة صدام مع مصر والأردن، وسيصل لمقاربة مقبولة لدى الدولتين، لا سيّما وأنّه من الواضح أنّ هناك رفضاً شعبيّاً قويّاً".

توتّر مكتوم
من جانبه، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية خالد سعيد أن نقطة الخلاف الرئيسية بين مصر وإسرائيل، في الوقت الراهن، هي وجود قوات إسرائيلية في محور فيلادلفيا.

ويقول: "لقد قرأنا في الصحف العبرية، أن إسرائيل ستعيد نشر قواتها في المحور، وهو ما يثير ريبة الشعب المصري قبل القيادة السياسية".

ويضيف: "الخلاف إلى الآن مكتوم، لكن ربما يطفوا على السطح بعدما تستقرّ الأوضاع في غزة، خصوصاً في مرحلة إعمار القطاع، التي ستتطلب تنسيقاً بين مصر وإسرائيل، ما يتطلب علاقات جيدة بين الطرفين، وهو ما لا يوجد حالياً".

أمل السلام
الباحث في العلاقات الدولية عمرو حسين، يرى أن تصريحات ترامب لا تعدو كونها مغازلة لليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريش، حتى لا يستقيل من حكومة بنيامين نتنياهو، ويهدّد ائتلافه الحاكم.

ويقول لـ"النهار": "يأمل المجتمع الدولي من الرئيس ترامب أن يكون له دور أكبر في وضع خطة للسلام في الشرق الأوسط، والعمل على حلّ الدولتين، خاصة أنه وإدارته لم يصرّحا إلى هذه اللحظة بأيّ شيء عن حلّ الدولتين، الذي هو إرادة دولية، بعد اعتراف  146 بلداً بفلسطين كدولة، وآخرها بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا والنرويج".

ويعتقد حسين أن "هناك فرصاً للسلام إذا تم وقف الحرب نهائياً وانسحب الجيش الإسرائيلي من غزة، لأنّ المجتمع الدولي لا يريد أن يرى مرة أخرى حرباً طويلة مثل التي أودت بعدد كبير جداً من الشهداء والمصابين، وأيضاً بسبب ضغط الشارع في أميركا، وأوروبا، وأستراليا… ثمّة أكثر من 40 ألف مظاهرة شهدها العالم، نتيجة تلك الحرب ".