التيّار يزور البعث بدمشق: باسيل يشاكس حزب الله

جاء في المدن: 

زار وفد من التيار الوطني الحرّ، برئاسة نائب الرئيس للعمل الوطني، الوزير السابق طارق الخطيب، دمشق، يوم الثلاثاء في 25 كانون الثاني، بدعوة من الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، هلال هلال، الذي التقاه بحضور الوزير السابق مهدي دخل الله في مبنى الحزب في العاصمة السورية. والتقى الوفد وزير الخارجية فيصل المقداد، الذي عبّر عن "محبة سوريا قيادة وشعباً لشخص الرئيس ميشال عون ولمواقفه الوطنية الثابتة على الحق، كما لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مثنياً على ثباته في المواقف الوطنية على الرغم من الضغوط التي تعرّض لها في الداخل كما من الخارج"!

 

باسيل إلى دمشق؟!
انتشر هذا الخبر الصحافي عن اللقاء الذي "شدّد فيه المجتمعون على وحدة الموقف في وجه التحديات المشتركة التي تهدد الشعبين اقتصادياً وسياسياً". كثيرون لم يقرأوا فيه أي أهمية، على اعتبار أنه لا يغير في معادلات الواقع السياسي اللبناني. وكثيرون قرأوا فيه رسائل يريد التيار إرسالها إلى الحلفاء قبل الخصوم.

أجواء التيار الوطني الحرّ مرتبكة في توصيفها للزيارة. منهم من يقول إنها زيارة حزب لحزب، على اعتبار أن التيار الوطني الحر لبى دعوة حزب البعث. ومنهم من يتحدث عن انقسام في الآراء بين المقربين من قيادة التيار، حول جدوى زيارة رئيسه جبران باسيل إلى دمشق قبل الانتخابات النيابية. ينقسم المقربون منه بين من يعتبر أن زيارة الوفد هذه هي بديلة عن زيارة باسيل لسوريا. ومنهم من ينصح بتكرار تجربة العام 2009، يوم زار ميشال عون براد في الشمال السوري، قبل موعد الانتخابات النيابية، مؤكداً خياره السياسي ومتحدياً خصومه قبيل موعد الاستحقاق.

هل يستطيع باسيل القيام بالخطوة نفسها، وهو في أزمة سياسية تنعكس بشكل مباشر على قاعدته الشعبية؟ أم أنه يريد من كل هذا الكلام إرسال إشارات من نوع آخر إلى حليفه حزب الله؟

 

"زكزكة" حزب الله
سبق لباسيل أن وجّه أكثر من رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد. أولى هذه الرسائل كانت لتهنئته عند إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية في أيار الماضي، وثانيها عند كلامه في مؤتمر صحافي له عن تأكيد الأسد أنه "لو بقي مسيحي واحد في لبنان فقط، فيجب أن يكون هذا المسيحي هو رئيس الجمهورية"، بالإضافة إلى رسائل إيجابية أخرى وضعها البعض في محاولة باسيل التموضع السياسي، وسط التباينات بين حلفاء الصف الواحد.

ففي الوقت الذي توترت فيه علاقة باسيل بحزب الله على خلفية أكثر من ملف، لا سيما ما يعتبره باسيل تفضيل حزب الله لحليفه الشيعي نبيه برّي على حليفه المسيحي، وفي الوقت الذي صعّد باسيل في مواقفه باتجاه حزب الله، على اعتبار أن تفاهم مار مخايل فشل في بناء الدولة، يجد باسيل في دمشق ملاذاً يستطيع من خلاله "زكزكة" حزب الله.

 

بين روسيا وإيران
يقرأ باسيل جيداً التباين بين مسارين منفصلين، مسار أول إيراني مع حزب الله، ومسار ثان روسي سوري. ويدرك باسيل أن المسارين سيتواجهان عاجلاً أم آجلاً لمصلحة المسار الروسي السوري في سوريا ولبنان. وبينما قد يقرأ البعض في رسائله للنظام السوري على أنه يريد من خلالها تحصيل أوراق داخلية مربحة نيابياً ورئاسياً مع حزب الله، يقرأ البعض الآخر أنها رسائل يحجز من خلالها مقعداً له في التسويات المقبلة على المنطقة، والتي ستنعكس حكماً انحساراً لدور حزب الله في لبنان بعد إنضاج الصفقة الأميركية الروسية السورية في المنطقة.

ولا يغيب عن ذهن بعض منتقدي الزيارة، القول إن الدور السوري حاضر في الاستحقاقات النيابية، ولعلّ التأثير المباشر لسوريا على البقاع وعكار، قد يساهم في تسهيل ترشيح نواب من التيار ونجاحهم. ويستشهدون بما حصل مع النائب جميل السيد، الذي تصدّر اللوائح الفائزة في بعلبك ـ الهرمل في انتخابات عام 2018، على الرغم من أنه ينتمي إلى قضاء زحلة (البقاع الأوسط). وبرأي هؤلاء، فإن التيار يحتاج إلى كل صوت في الانتخابات، في ظلّ تقاطع مختلف استطلاعات الرأي، حتى المقرّبة منه، على تراجعه البرلماني في انتخابات 15 أيار المقبل.

 

الدور السوري بلبنان
بالعودة إلى زيارة باسيل لدمشق، لا معلومات عن موعد محدد لها بعد، في الوقت الذي تتحدث فيه معلومات أخرى عن عتب سوري على التيار الوطني الحر، الذي غاب عن الساحة السورية في عز أزمتها. لكن بطبيعة الحال ترحب دمشق بباسيل، سيما وأنها تستعيد عافيتها بعد سنوات الحرب، على أمل أن تستعيد أيضاً دوراً سياسياً في لبنان لا يشبه بالضرورة دورها السابق. وانطلاقاً من كل هذه المتغيرات والتباينات والتناقضات ترتسم معالم الخطوات السياسية اللاحقة من اليوم حتى الاستحقاق الرئاسي اللبناني المقبل.