المصدر: Kataeb.org
الكاتب: بول ناصيف عكاري
الخميس 17 شباط 2022 23:20:31
كتب "بول ناصيف عكاري":
البلد يتهالك يوماً عن يوم من خلال ستة أزمات عميقة ومتفاعلة فيما بينها. أزمة حزب الله (الموهون والموهوم والمهزوم)، المرتهن لملالي إيران، الذي وضع جزمته على البلد بمفهوم دينيّ مستورد لا يمت إلى لبنان والشيعة اللبنانيين بصلة. أزمة أخلاق وقيم مفقودة أهلكت المجتمع والعائلة والفرد وأدّت إلى الفساد والمحارم. أزمة التكاذب بين اللبنانيين عن العيش (الغشّ) المشترك والدولة "المدنيّة" وإلغاء الطائفيّة والعلمنة الشاملة وما شابه. أزمة سرقة أموال اللبنانيين ونهب مقدراتهم من قبل المنظومة المافياويّة المتمثلة بعصابة الستة وأزلامهم. أزمة تفجير مرفأ بيروت الذي يعتبر جريمة موصوفة ضد الإنسانيّة. أمّا الأزمة الأهم فهي التنافر الإدراكيّ للمكونات كافة لمفهومها الخاص والمغاير للآخر للبنان الوطن (النهائي لجميع أبنائه؟) بما يتناسب مع مصالحها الشريرة.
البلد على مفترق طرق خطير قد يتغيّر مفهوم وجوده ويأخذ أبناءه إلى حيث لا يريدون. "الثورة" أيضاً على مفترق طريق قد يطاح بجميع أحلام الشعب اللبنانيّ وجهوده. هذا الشعب الإنسانيّ المحبّ لوطنه وللحياة والعيشة الهنيّة المستدامة أثبت وجوده وحيويته وإرادته للتغيير الجديّ في مراحل "الثورة" الأولى وما لحقها، وفي تظاهرت 4 آب. حاليّاً، "الثورة" أمام امتحان الانتخابات النيابيّة والرئاسيّة والتي تجري في ظلّ الاحتلالات. في نفس الوقت، هي أمام محنة الوحدة والتوحد والتضامن والتشاركيّة في الدائرة الواحدة. "الثورة" أمام استحقاق بلورة المشروع الوطنيّ المفقود حاليّاً والذي يجب أن يعطي الأمل والثقة للناخبين الوطنيّين من أجل بناء لبنان الجديد. الأوراق السياسيّة المتداولة لا تبني مشروع وطن ودولة العدل والمساواة والرّفاهيّة، لأنّ جميعها تمنيات وأوهام. يمكن القول بكلّ ثقة، أنّ هذه الأوراق المبعثرة لا يمكن أن تعطي أيّة شرعيّة انتخابيّة وحيثيّة لمقدّميها.
لبنان صغير والكلّ يعرف بعضه، ولا شيء مخبّأ! معظم المتحمسين والراغبين في الترشح مضروبون بالأنانيّة المفرطة والجهل و"الطوسنة" (من طاووس) وال"شو-أوفّ". معظمهم وصوليّين وانتهازيّين ومستزلمين ومدسوسين وقسم منهم عملاء للمنظومة مهمتهم ضرب "الثورة" من الداخل وأخذها إلى مكان آخر... سلوكيات الكثر منهم لا تبشر بالخير.
على "الثورة" أن تستذكر أنّ الهدف الأساسيّ من هذه الانتخابات هو كسر حزب الله والمنظومة المافياويّة التي يترأسّها، ورفع الشرعيّة النيابيّة عنهم، والفوز بأكثريّة نيابيّة لإعادة تكوين السلطة بما يخدم الوطن والشعب المقهور وفقاً للمشروع الثوري. ما عدا ذلك، هو ضربٌ من الأوهام والبلطجة. من هنا، يجب التأكيد على أنّ "الثورة" لا تريد إلغاء أيّ فريق أو قسم من الشعب اللبناننيّ المنضوي، عن قناعة أو غير قناعة، تحت أجنحة مكونات المنظومة، بل انقاذهم من براثنها وتأمين عودتهم إلى كنف الوطن.
جميع الاستطلاعات تؤكد على حتميّة فوز "الثورة" بالأكثرية في حال توحدها، وفقط في وحدتها الوطنيّة، على مفهوم وبرنامج موحد يعطي الناخبين الأمل في لبنان الجديد الذي يطمحون إليه. كما تؤكد، أنّ الوقت بدأ يداهم "الثورة" من ناحية تظهير المرشحين الأساسيّين والتعريف عنهم وبالتالي إعلان اللوائح قبل أن تقدم عليه المنظومة. كذلك، وبسبب تقاعس "الثورة" وبروز خلافاتها المعلنة والمعروفة وغير المعروفة، هنالك شريحة كبرى وبالأخصّ من الفئات العمرية الشابة مترددة جداً وقد تمتنع عن الاقتراع لأنّ "الثورة" بوضعها الحالي لا تلبّي تطلعاتهم ولم تأتي بأيّ جديد. المنظومة، بالتأكيد، على دراية بنتائج الاستطلاعات وتعي مفاعيل وحدة "الثورة" على النتائج النهائيّة؛ لذلك، فهي تعمل على ضربها بكافة الطرق الشرّيرة المتاحة لديها وبالأخصّ تفتيتها من الداخل. لا بدّ من "الثورة" أنّ تأخذ علماً أنّ المنظومة في مأزق كبير ومربكة لأنه، لغايته، لم تستطع تأليف لوائحها المعتادة بسبب الانقسامات داخلها وعدم رغبة الحلفاء التقليديّين والجدد المحتملين في التحالف معها.
في هذه المرحلة، الانتخابات لن تكون منافسة شريفة بروح رياضيّة مع المنظومة، بل هي معركة كسر عظم من أجل لبنان الأجيال الصاعدة. إنّها معركة مع عدو مافياويّ لدود ظالم قاتل وحرامي، الذي يستطيع أن يهزم "الثورة" في ضعفها وتشتتها وخيانتها. لذلك، يجب التركيز على المعركة بكامل تفاصيلها من خلال تكاتف جميع القوى من دون إطلاق أحكام تخوينيّة مسبقة ومواقف متشددة تعزل مطلقيها في مجموعتهم وتضعهم بمواجهة بعضهم البعض؛ ما لا تقبله لغيرك يجب ألا تقبله لنفسك! للتذكير، "الثورة" لا يمكنها أن توزع أصواتها كما تفعل مكونات المنظومة وبالتالي الدخول في أكثر من لائحة في أية دائرة هو خدمة للمنظومة والمساهمة في إنجاحها.
بناءً على ما تقدم، يجب على المتنورين والمترفعين أخذ المبادرة فوراً لحثّ "الثورة" على العمل بجديّة وفعّاليّة وبصدق وحسن نيّة من أجل تنظيف نفسها من الشوائب والشروع في بناء تحالف، في كلّ دائرة، موحّد وفعّال ووطنيّ من أجل الفوز والفوز فقط! كما يجب أن تعطي "الثورة" نفسها مدة لا تتخطى الخامس من آذار القادم للتوحد وإلّا الخسارة المبينة والذهاب إلى جحيم المنظومة.
عليه، البدء حالاً في كلّ دائرة، وفي الأخصّ بعبدا وكسروان-جبيل والشمال الثالثة، العمل على إدغام المرشحين الجديّين ذوي الحيثية الوطنية والكفاءة الفرديّة والشخصيته الكاريزماتيّة في لائحة موحدة تكون القدوة في استنباط وحدة اللوائح في باقي الدوائر.
أمّا المشروع فيجب أن يكون مبني على روحيّة ميثاق 1943 كما كتبنا سابقاً، وعلى حلول للأزمات الواردة في المقدمة، ومن السهل تظهيره في حال تمّت الوحدة.
الوحدة، الوحدة، الوحدة...