المصدر: النهار
الكاتب: وجدي العريضي
الخميس 29 آب 2024 07:17:45
طرحت تساؤلات كثيرة أمام الحرب الدائرة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، إلى ما يجري في غزة، وبالتالي القلق الذي ساور اللبنانيين بعد رد "حزب الله" في العمق الإسرائيلي، والتهديدات الإسرائيلية التي شكلت هاجساً كبيراً من حصول حرب في لبنان لا سابقة لها، أمام هذه الوقائع والمخاوف، أين الجامعة العربية التي كانت رافداً أساسياً للبنان، للوقوف إلى جانبه ودعمه على كل المستويات، لا بل كان صوت الأمناء العامين المتعاقبين على الجامعة مدوياً، من محمود رياض إلى عمرو موسى، والشاذلي القليبي، وعصمت عبد المجيد وسواهم، وإن كان الأمين العام الحالي أحمد أبو الغيط لم يقصّر على الإطلاق، فهو يقوم بدوره.
في هذا السياق، وتحديداً على الخط اللبناني، بعدما سبق لأبو الغيط أن زار لبنان أكثر من مرة، فضلاً عن أن مسؤول الملف اللبناني في الجامعة مساعد الأمين العام السفير #حسام زكي، يعرف الملف اللبناني جيداً، وسبق له أن قام بصولات وجولات، لكن في الآونة الأخيرة غابت الجامعة دون الوصول إلى أي معطى يبنى عليه، بأن ثمة مبادرة منها تجاه لبنان، فماذا يحصل في هذا الإطار؟
سفير لبنان في الجامعة العربية عبد الرحمن الصلح، لم يشأ الدخول في موضوع غياب الأمين العام للجامعة العربية أو الجامعة عموماً عن التطورات الأخيرة في لبنان، بعدما كان لها دور بارز في هذا الإطار.
فرداً على سؤال لـــ"النهار"، هل هناك من زيارة للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت؟ أجاب، حتى الساعة ليس هناك شيء، عندما نتبلغ عن هذه الزيارة، نشير إليها، لكن من الممكن حصولها، أما الآن فليس ثمة أي شيء يوحي بذلك، عندما تتوضح هذه المسائل نتحدث عنها، لا كلام آخر، ولا تاريخ أو تحديد لمواعيد أو زيارة، وكرر هذه العبارة مرات عديدة، ولدى سؤاله هل من مساع لدعم لبنان ومساعدته من الجامعة العربية أو سنرى موفداً إن لم يأت الأمين العام للجامعة، على غرار الزيارات التي يقوم بها السفير حسام زكي؟ قال، لم تتوضح الأمور، لا زيارة حتى الآن.
سفير لبناني سابق في الأمم المتحدة، يقول ان الأمور تبدلت وتغيرت، وبمعنى آخر هذا الزمن الديبلوماسي تراجع كثيراً، فعندما كنا في الأمم المتحدة، كنا نتعلم، التقينا مراراً بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ووزير الخارجية الكويتي، الذي أصبح أميراً لاحقاً رحمه الله الشيخ صباح جابر الصباح، فهما، أي الأمير سعود الفيصل والشيخ صباح، كانا عنواناً للديبلوماسية ومن رموزها في تلك الحقبة، واليوم نترحم عليها، إضافة إلى وزير الخارجية اللبناني الراحل فؤاد بطرس، وما سبقه من الوزير فيليب تقلا، لكن اليوم ثمة غياب لهذه الديبلوماسية، لذلك لا أعتقد أن الجامعة العربية يمكنها القيام بأي دور في ظل التطورات وحجمها، وإن كانت لم تقصر مع لبنان، لكن وفق معلوماتي، الجميع ينتظر مفاوضات القاهرة، وما يمكن أن يحصل في غزة لينسحب على لبنان، وأي مبادرة اليوم للجامعة العربية لا تعطي أي نتيجة أو حتى زيارة الأمين العام أحمد أبو الغيط أو السفير حسام زكي، وبمعنى أوضح لا يمكن التحرك الديبلوماسي العربي وتحديداً الجامعة، قبل أن تتبلور الأمور من خلال المباحثات الجارية في القاهرة، وكل ما يحصل من اتصالات دولية، وخصوصاً على مثلث واشنطن لندن باريس، وعندها يبنى على الشيء مقتضاه في الداخل اللبناني، لكن باعتقادي ليس هناك من أي مبادرة أو صيغة معينة لدعم ومساعدة لبنان، بمعزل عن الحل العام التي ستصل إليه مفاوضات القاهرة، وقد تكون فاشلة، لأن الجميع بدأ يوحي بذلك، حتى إن المصريين غير متفائلين، والديبلوماسية العربية برمتها غير متفائلة من خلال الدور المجنون الذي يضطلع به في هذه المرحلة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يستغل الوقت الضائع حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية، وباعتقادي هذا هو الواضح، وبمعنى آخر، ثمة وقت ضائع قد يؤدي إلى صولات وجولات في الميدان، والأمور لم تنته، إن من رد "حزب الله" أو رد إسرائيل، فكل ذلك مرتبط أو متعلق بمسار المفاوضات إن فشلت أو نجحت، ولا أعتقد أننا سنصل إلى أي نتائج قبل أن يأتي رئيس أميركي جديد،
وتنطلق المفاوضات بين واشنطن وطهران حول النووي، إلى حين أن تشكل الإدارة الأميركية الجديدة، ويتسلم الرئيس العتيد في الربيع المقبل، يمكنني القول إن دور الجامعة غائب كلياً، قياساً بمحطات سابقة، ونحن من الذين تابعوا كافة المبادرات والتحركات في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات والألفين، لكن اليوم "لن أقول هناك تقصير" بل الوضع تغير وتبدل لناحية الديبلوماسية العتيقة المجربة التي كان لها فعالية على الساحة اللبنانية، ولذا، لا أحد يعوّل على دور الجامعة العربية أو سواها قبل أن تنقشع الصورة الإقليمية والدولية.