يفترض أن يرفع وزير التربية عباس الحلبي ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية خلال الأيام القليلة المقبلة إلى مجلس الوزراء، كما أكد في اجتماع الرابطة المارونية اليوم الإثنين في 19 شباط. وأكدت مصادر الرابطة لـ"المدن" أن الاجتماع خصص لبحث كل الملف التربوي وليس الجامعة اللبنانية حصراً. إذ عرض الوزير تطمينات حول رفض وزارته أي دمج للطلاب السوريين. وبما يتعلق بملف التفرغ، أكد الحلبي أنه تسلم ملفاً مؤلفاً من 1759 اسماً، عمل على تقليصه وفق معايير حاجة الجامعة والأقدمية ونصاب المتعاقدين والتوازن الطائفي. وشدد على أنه لن يرفع ملفاً غير متوازن بين المسلمين والمسيحيين وبين المسلمين الشيعة والسنّة.
تفريغ الزوجات
في السابق لم يتم التطرق لمعيار النصاب. والتفاتة الحلبي إلى معيار النصاب تعتبر أساسية في الوقت الحالي. فالملف الذي رفعه رئيس الجامعة بسام بدران يتضمن مئات الأساتذة الذين ليس لديهم نصاب كامل يجيز لهم حق التفرغ في الجامعة. وخوف المتعاقدين يكمن في انتهاء الملف الحالي مثل ملف العام 2014. حينها تم تفريغ أساتذة لا يملكون أنصبة كاملة، بل غير حائزين على شهادة دكتوراه عندما تعاقدوا مع الجامعة.
تضخيم الملف إلى 1759 اسماً يجعل من التفرغ أشبه بـ"بوليصة تأمين على الحياة" أو ضمان اجتماعي أو "إعاشات" للعشرات، وليس تفرغاً أكاديمياً يفيد الجامعة. فالملف الحالي متضخم بعشرات المتعاقدين الذين دخلوا إلى الجامعة "خطاً عسكرياً" من خلال المحسوبيات. ويحكى عن أكثر من خمسين امرأة من زوجات مسؤولين سياسيين أو حزبيين أو متفرغين، أدرجت اسماؤهن. فترى اسم زوجة مسؤول عن سلسلة مدارس إسلامية أو اسم زوجة نائب أو زوجة وزير سابق أو رئيس جامعة خاصة، أو سيدة في مكتب تربوي حصلت على شهادة الدكتوراه العام الماضي. وكذلك أدرج في الملف أسماء زوجات معظم المتابعين لملف التفرغ نقابياً، رغم عدم استيفائهن شروط التفرغ، أي أنصبتهن غير كاملة أو تعاقدهن غير مستوفي الشروط (تعاقدن بعد تدريس من خلال الندوات!).
نواب ووزارء ومتقاعدون
ويضم الملف أسماء أكثر من وزير، منهم من دخل إلى التعاقد من خلال الندوات، ونواب وأبناء أو بنات نواب أو زوجات مسؤولين، منهن من حصلن على شهادة الدكتوراه السنة الماضية. وصحيح أن ملف التفرغ الحالي يضم مئات المتعاقدين المستحقين للتفرغ ويدرّسون في الجامعة منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أن خوف المتعاقدين المستحقين يكمن في كيفية تمرير الملف النهائي في مجلس الوزراء، وعينهم على تجربة العام 2014 في تفريغ غير المستحقين.
الملف الحالي يضم عشرات الحالات لمتعاقدين أدرجت أسماؤهم فيما هم من متفرغي جامعات خاصة. إلا أن للجامعة الإسلامية حصة الأسد. فالحديث يدور عن عشرات المتفرغين فيها أدرجت أسماؤهم في الملف بأنصبة غير كاملة (لا يحق للمتفرغ في الخاص تسلم نصاب كامل في اللبنانية) ولا سيما في كلية الحقوق والعلوم السياسية فرع الحدث. فطموح هؤلاء التقاعد في ملاك اللبنانية مستقبلاً.
متفرغون بجامعات خاصة
ومن شوائب الملف أنه يضم أسماء متعاقدين من حملة شهادة الدكتوراه، ولكن غير مصنفة في الفئة الأولى، ولاسيما في كلية الحقوق. وبعضها غير معادل لدى وزارة التربية. وبمعزل عن أن الملف يضم عشرات الأساتذة في كليات تخصصاتهم لا تتطابق مع اختصاصات الكلية، خلافاً لقرار مجلس الجامعة السابق. فترى متعاقداً مرشحاً للتفرغ في كلية الإعلام باختصاص معلوماتية يفترض أن يتفرغ في كلية العلوم، أو ترى متعاقداً في كلية الآداب بينما اختصاصه علمي ويفترض أن يتفرغ في كلية العلوم. هذا فضلاً عن إدراج أسماء في الملف لمتقاعدين من السلك العسكري وقضاة وأطباء.
في العام 2014 رفعت الجامعة اللبنانية ملفاً بنحو 600 متعاقد إلى مجلس الوزراء، ثم نُفخ إلى نحو 1200 متعاقد، وشُطبت منه أسماء أساتذة متعاقدين منذ أكثر من عشر سنوات، واستبدلوا بأسماء أساتذة لم يكن تعاقدهم وفق الأصول. وأدت المحسوبيات الطائفية إلى تفرغ أساتذة في كليات لم يكن زملائهم، الذين ما زالوا ينتظرون دورهم بالتفرغ إلى اليوم، يعرفون وجوههم حتى.
أما في الملف الحالي فقد رفع رئيس الجامعة بسام بدران جميع أسماء المتعاقدين. ويروي مدراء في مختلف الكليات أن بدران طلب منهم رفع جميع أسماء المتعاقدين، ولم يطلب منهم رفع من لديه أنصبة كاملة. وعوضاً عن شطب أسماء المتعاقدين من غير مستوفي شروط التفرغ، مثل النصاب الكامل وتصنيف شهادة الدكتوراه الخاصة بالمتعاقد، وتخصص المتعاقد المناسب لاختصاص الكلية التي يعلم بها، رفع بدران الملف كله. فلا يوجد فرع واحد في أي كلية لم يرفع فيه المدير أسماء متعاقدين يدرّسون ثلاثين أو خمسين ساعة. بل إن الأساتذة الذين ليس لديهم أنصبة كاملة أو تعاقدوا مع الجامعة في السنتين الأخيرتين، يشكلون أغلبية أسماء الملف!