تأثير الدومينو للحوافز المالية التي منحت للأساتذة بالتعليم الرسمي والمهني وفي الجامعة اللبنانية، وصل إلى موظفي القطاع العام، الذين سيتلقون حوافز مشابهة لأساتذة التعليم الرسمي قريباً. وفيما سيحصل جميع المتعاقدين في الدولة على حوافز مالية مرتبطة بالحضور إلى الدوام، تضاف إلى المساعدات التي أقرتها الدولة سابقاً، لن يحصل المتعاقدون في الجامعة اللبنانية على تلك الحوافز. إذ قررت الجامعة رفع أجر الساعة للمتعاقدين ومن دون حوافز مالية شهرية كسائر أساتذة الملاك (650 دولاراً بالشهر). وهذا الأمر أدى إلى امتعاض المتعاقدين والتلويح باللجوء إلى الإضراب.
الجامعة أخطأت بملف الحوافز
لعل أحد الأسباب التي أدت إلى تسارع إقرار الحوافز المالية لموظفي الإدارات العامة هو الفظائع التي ترتكب في مالية الدولة، كما تقول مصادر مطلعة في وزارة المالية. ففيما حصلت وزارة التربية على سلفة بقيمة 15 ألف مليار ليرة (تلقت منها خمسة آلاف مليار) لدفع بدلات إنتاجية للأساتذة والموظفين (تتراوح بين 300 و360 دولاراً بالشهر)، وحصلت الجامعة اللبنانية على سلفة بقيمة 311 مليار ليرة لدفع بدلات إنتاجية لسنة للأساتذة في الملاك (650 دولاراً كحد أقصى)، كان موظفو الإدارة بلا أي حوافز. بل يقبضون الرواتب السبعة التي يتقاضاها جميع الموظفين.
الأسئلة التي تطرحها المصادر حول مظلومية الموظفين، هي: هل يعقل أن تعطى الجامعة اللبنانية سلفة، غير سلفة الـ15 ألف مليار للتربية لدفع حوافز للأساتذة والمتعاقدين، بقيمة 311 مليار لدفع بدلات الإنتاجية للأساتذة وتحصل على سلفة ثانية بقيمة 220 مليار لصندوق التعاضد لدفع حوافز إضافية لهم، فيما مجموع مداخيل المدير العام باتت نحو 250 دولاراً؟ لماذا يصبح مدخول الأستاذ في الجامعة نحو 1800 دولار، فيما يستكثرون حصول الموظف على الحوافز التي يفترض أن يقرها مجلس الوزراء قريباً؟
لكن بما يتعلق بالمتعاقدين، يبدو أن الجامعة اللبنانية أخطأت في حساباتها، تقول المصادر. فعوضاً عن تخفيض قيمة الحوافز لأساتذة الملاك واستخدامها لدعم المتعاقدين ببدلات الإنتاجية، قررت الجامعة ضرب هذه الفئة. ويقول أساتذة في لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة أن قرار رفع أجر الساعة لم يصدر بعد، وقد يتأخر إلى حين بت ملف التفرغ. ما يعني أن الأستاذ المتعاقد يعلّم بأجر ساعة يصل إلى ثلاثة دولارات، هذا فيما أجر ساعة أستاذ التعليم الرسمي المتعاقد تصل إلى نحو تسعة دولارات. ما دفع الأساتذة في الجامعة إلى قرار تنفيذ اعتصام في 12 الجاري للتلويح بخطوات تصعيدية في حال لم يقر ملف التفرغ قبل عطلة الأعياد، وفي حال لم تتراجع الجامعة في قرار بدلات الإنتاجية. وهذه الأخيرة ستكون معروضة يوم الإثنين المقبل على جلسة لجنة التربية النيابية، التي سيحضرها رئيس الجامعة بسام بدران. وسيثار معه مبدأ وحدة التشريع، إذ لا يجوز أن يتلقى جميع المتعاقدين بالدولة بدلات الإنتاجية، ويحرم أساتذة الجامعة المتعاقدين منها.
استثناء العسكريين من الحوافز
وبما يتعلق بحوافز موظفي الإدارة العامة، تشرح مصادر "المالية" أن الحوافز التي يفترض أن تقر في جلسة مجلس الوزراء المقبلة هي رهن شروط قاسية جداً عليهم. فكل موظف يتغيب ليوم واحد من دون عذر في الشهر سيحرم من هذه الحوافز عن الشهر كله. وهذا أحد شروط إعادة انتظام العمل في الإدارات العامة. فحسب المرسوم الذي سيقر في مجلس الوزراء قريباً، بغية عدم لجوء الموظفين إلى الإضراب، ستتراوح الحوافز اليومية بين مليون وستمئة ألف لموظفي الفئة الخامسة، ومليونين وأربعمئة ألف لموظفي الفئة الأولى، ومليونين وثمانمائة ألف ليرة لرؤساء الهيئات الرقابية. وهي توازي 294 دولاراً للفئة الخامسة وصولاً إلى 419 دولاراً للفئة الرابعة ويصبح مجموع ما يتقاضاه الموظف بين 450 دولاراً للفئة الخامسة و700 دولار للفئة الأولى.
الحوافز التي سيحصل عليها الموظف موازية لبدلات الإنتاجية التي أقرت لأساتذة التعليم الرسمي، مع فارق أن وزارة التربية تمكنت من تحويل السلفة إلى الدولار الأميركي، وتدفع بدل الإنتاجية عبر شركة تحويل الأموال OMT، فيما موظفو الإدارة سيحصلون عليها بالليرة اللبنانية ولمدة سنة، وهي مشروطة بالبصمة الإلكترونية لتسجيل الحضور (سيتأخر تطبيق هذا الإجراء إلى شهر آذار لاستكمال وضع أجهزة البصم في كل الإدارات).
بعد إقرار هذه الحوافز سيكون الأساتذة المتعاقدون بالجامعة اللبنانية بعداد فئة المظلومين. لكن قرب إقرار ملف التفرغ قد يخفف من حدّة نقمتهم. أما الفئة الأكثر ظلماً فهي الأسلاك العسكرية، إضافة إلى سائر الموظفين المتقاعدين الذين سيحصلون على راتبين إضافيين على مساعدات الدولة. فالحوافز التي ستقر للقطاع العام لن تشمل العسكريين نظراً للكلفة المالية المرتفعة جدا على الخزينة. فالحوافز ستشمل أقل من 12 ألف إداري في الدولة، بينما العسكريون الذين يقدر عددهم بنحو 80 ألف عسكري كلفتهم مرتفعة جداً، تقول المصادر. وهذا سيؤدي إلى إضرابات جديدة والدوران في حلقة تلبية مطالب الموظفين التي لن تنتهي قبل ذهاب الدولة إلى وضع سلسلة رتب ورواتب جديدة.