المصدر: جريدة الأنباء الكويتية
الكاتب: جويل رياشي
الأحد 27 آب 2023 00:31:42
ليست الجامعة اللبنانية مشاكل وهموما وإضرابات فقط… إنما أيضا قصص نجاح ومبادرات جديرة بتسليط الضوء عليها.
ففي كلية الآداب والعلوم الإنسانية مقرر اختياري عن أدب الرحلة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية يجذب طلابا تواقين الى التعرف إلى هذا الفن الكتابي الذي يصف التجارب والمشاهد التي يختبرها الإنسان أثناء رحلته. ويرتبط هذا الأدب بتسجيل الملاحظات والانطباعات حول المكان والثقافة والتفاعلات التي يشهدها المسافر أثناء رحلته. وتعد القصص والأشعار والمذكرات من أشهر أشكال أدب الرحلة، حيث يمكن للكتاب التعبير عن تجاربهم وإلقاء نظرة فنية على العالم من حولهم أثناء رحلاتهم.
في هذا الإطار، نظم قسم اللغة والأدب الفرنسي (الفرع الثاني) في الجامعة اللبنانية رحلتين ثقافيتين بيئيتين تربويتين، بدعوة من مديرة الفرع الثاني د.هند الرموز وبتشجيع عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية د.هبة شندب، من ضمن مقرر «أدب الرحلات» بإشراف د.زينة الرياشي وبالتعاون مع جمعية Train Train Lebanon، تحت عنوان «الجامعة عالسكة» UNI sur rail «بمشاركة طلاب وأساتذة من فروع الكلية الخمسة (الفنار، بيروت، صيدا، طرابلس وزحلة).
نقطة التجمع الأولى باحة كلية الآداب الفرع الثاني - الفنار، والتجمع الثاني في جسر الباشا، لتنطلق الرحلة من محطة قطار بعبدا، وتمر عبر محطات عاريا، عاليه، سعدنايل، حتى محطة قطار رياق وقاعدة رياق الجوية. وتوجت الرحلة الأولى بزيارة لقاعدة رياق الجوية لمعايدة الجيش اللبناني بعيده وتقديم أرزة واحتفال غنائي مدته 20 دقيقة تحية للجيش.
وعن الهدف من هذه الرحلة، قالت د.زينة الرياشي لـ «الأنباء»: «الهدف ثقافي أولا بحيث يطبق الطلاب عمليا ما يدرسونه نظريا. لا يمكن ان يكون اسم المادة أدب الرحلة ولا يذهب الطلاب في رحلة. ولكن الهدف الأبعد كان جمع الطلاب والأساتذة بعد سنوات صعبة عاشوها في زمن كورونا والدروس من بعد. كان مهما بالنسبة إلينا ان نجد وسيلة لتحدي الإحباط الذي يعيشه أهل الجامعة اللبنانية. وكذلك هدفت الرحلة إلى تبادل الخبرات بين أقسام الكلية. السفر يعلم: جغرافيا، تاريخ، آثار... السفر ينمي الطالب ويجعله اكثر انفتاحا».
من بعبدا إلى عاريا مرورا بعين صوفر وعاليه ورياق وصولا الى سعدنايل (حيث يوجد قطار مكتمل)، كان لجمعية Train Train Lebanon الدور الأساسي في تزويد «الرحالة» بالمعلومات التاريخية عن القطار ومحطاته في لبنان. وقد شرح رئيس الجمعية د.كارلوس نفاع لـ «الأنباء» أهمية ان ينخرط الشباب في رحلات كهذه للتعرف الى تاريخهم وأرضهم، مشيرا إلى ان الجمعية يهمها ان يتعرف الجيل الجديد الى مسارات سكك الحديد في لبنان وان يلمس أهمية ان يكون للبنان «نقل أخضر» عادل وان «ما كان ممكنا منذ 128 سنة في لبنان بإمكانه ان يكون ممكنا من جديد اليوم مع تطور التكنولوجيا».
الرحلتان علمتا في نفوس الطلاب والأساتذة وقد تخطى عددهم الـ 140. ولايزال التواصل مستمرا فيما بينهم عبر مجموعة على تطبيق واتساب: يتبادلون الصور والانطباعات والتدوينات والفيديوهات.. ويتمنون تكرار التجربة.
من هنا، استلهمت د.زينة الرياشي فكرة استمرار هذا النوع من الرحلات من خلال إنشاء جمعية «أرضنا سمانا» لتنظيم رحلات ثقافية وطنية مماثلة (لقاء بدل مالي رمزي) لتوطيد علاقة اللبنانيين وخصوصا الشباب منهم بأرضهم.
حال الجامعة اللبنانية كحال البلد: أزمات متراكمة واستمرار باللحم الحي، ولكن إرادة الحياة لدى البعض لا تترك مجالا للاستسلام. الرحلة الحدث باتت أيضا مشروع مؤتمر قيد التحضير سيعقد في السنة الجامعية المقبلة.