الجدلية الحدودية إلى الواجهة مجدداً... لبنانية مزارع شبعا ينقصها الإعتراف السوري

ما تزال ترددات الزيارة التاريخية التي قام بها وليد جنبلاط الى سوريا واللقاء الموسّع الذي عقده مع القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع، في قصر الشعب في دمشق تتفاعل بالأوساط اللبنانية، خاصة لجهة المواقف التي أطلقها كل من جنبلاط والشرع والنظرة الى مستقبل العلاقات اللبنانية السورية، بعد الممارسات الجائرة التي اقترفها النظام البائد طوال خمسة عقود وأكثر بحق كل من الشعبين اللبناني والسوري.

مزارع شبعا

بالتزامن، عاد النقاش القديم الجديد في البلد حول لبنانية مزارع شبعا، مع العلم ان الامور واضحة ولا تحتاج إلى الكثير من الشرح. فالمزارع تحتاج إلى اعتراف سوري بلبنانيتها وإلا فهي إلى ذلك الحين سورية. 

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير أنه بعدما شنّت إسرائيل في الخامس من حزيران 1967 حربها على ثلاث جبهات عربية: مصر، سوريا والأردن وتمكنت من احتلال مساحات واسعة من الأراضي العربية، صدر قرار مجلس الأمن الدولي 242 في 22 تشرين الثاني من ذلك العام والذي نص على أن تنسحب إسرائيل من أراض احتلتها في النزاع وهي شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومعظم مرتفعات الجولان السورية.

وبما أن مزارع شبعا كانت من ضمن الأراضي التي احتلتها في "معظم مرتفعات الجولان السوري" فإن الأمم المتحدة تعتبر هذه المزارع سورية، وبالتالي فإن على لبنان أن يتقدم بما يثبت لبنانية هذه المزارع لكي يعاد إدراجها ضمن القرارين الدوليين 425 ومن ثم 1701.

وعقب الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في العام 2000، تم تسريب خرائط مرسومة بناء لرغبة واضعيها تعتبر مزارع شبعا بأنها تقع ضمن الأراضي الواجب على إسرائيل الانسحاب منها وبالتالي تطبيق القرار 425 عليها الذي صدر عقب الاجتياح الاسرائيلي الأول للبنان في العام 1978، غير أن الخرائط الأصلية التي عرضها وليد جنبلاط أظهرت العكس.

وبالتالي، يبقى أن ترسيم أو تحديد الحدود بين لبنان وسوريا كفيل بأن يثبت لبنانية مزارع شبعا وذلك من خلال خطوات أساسية على النظام السوري الجديد اتخاذها لكي تقوم السلطات اللبنانية بتقديم الوثائق والخرائط التي تثبت لبنانية مزارع شبعا وإنهاء الجدال القائم حول هويتها. 

ترحيب سياسي بالزيارة

في السياق، أعربت مصادر حزب الكتائب عن ارتياحها لكلام الشرع وتحميله النظام الأسدي مسؤولية اغتيال بشير الجميل. ورأت فيها خطوة جيدة على طريق تصحيح العلاقة مع لبنان، والتي يمكن البناء عليها للوصول إلى علاقة ندية بين سوريا ولبنان. وأشارت المصادر عبر الأنباء الالكترونية إلى أن اشارة الشرع الى تحميل النظام السوري مسؤولية الاغتيالات التي ارتكبها في لبنان المتمثلة باغتيال زعماء لبنانيين من حجم كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري، وغيرهم من الشهداء قد يؤسس الى مستقبل أفضل في العلاقات بين البلدين الشقيقين. 

في السياق، اعتبر النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن زيارة جنبلاط إلى سوريا كانت جيدة بكل المقاييس، وخاصة كلام الشرع الجيد وما أعلنه من مواقف تعطي الأمل بتحسّن العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري، بعد سنوات من القهر وانحياز النظام السابق لفئة معينة من اللبنانيين على حساب باقي اللبنانيين. ورأى ان ما ذكره الشرع يُعدّ رسالة جيدة للبنانيين، داعياً لإعطاء سوريا فرصة لاستكمال بناء الدولة ورسم سياسة واضحة لعلاقتها مع لبنان. 

الحشيمي رأى أن الوضع في سوريا يتطلب العمل بعقلانية وتأنٍ، قائلاً "لا ننسى أن حزب البعث حكم سوريا لأكثر من ستة عقود. وهذا يقتضي إعطاء قادة الثورة فرصة لإثبات وجودهم وتنظيم شؤون سوريا".

بدوره، وصف النائب أحمد رستم في اتصال مع الأنباء الالكترونية زيارة جنبلاط الى سوريا بالجيدة، وتبعث على الارتياح. لأن الشعبين اللبناني والسوري هما في الحقيقة شعب واحد في دولتين تربطهم علاقات القربى والأخوة والمصاهرة. وقال رستم: "لا ننسى أن سوريا دولة شقيقة نتمنى لها الاستقرار والأمن والأمان. وأي شيء يحصل في سوريا قد يؤثر سلباً وايجاباً على لبنان.  لذلك نتمنى لها دوام الاستقرار والشعب السوري الهدوء وراحة البال".